استهداف تركي متعمَّد لمناحي الحياة في شمال وشرق سوريا

قامشلو/ علي خضير –

وصلت الهجمات التركية في شمال وشرق سوريا إلى مستوىً جديد، ففي 19 تشرين الثَّاني المنصرم، بدأ الهجوم عبر عشرات الطَّائرات الحربيَّة، والمدفعيَّة الثَّقيلة، وطائرات مسيَّرة مسلَّحة، مستهدفة بذلك المدنيِّين، والبنى التَّحتيَّة بشكلٍ خاص، لإنهاء وجود أهالي المنطقة على أرضهم.

اتَّضح في الهجمات الأخيرة على مناطق شمال وشرق سوريا، أنَّ الاستخبارات التركية قد أعدَّت بشكل محكم للتَّفجير في حي تقسيم بمدينة إسطنبول، واتَّخذ الاحتلال التركي التَّفجير ذريعة، رغم أنه كان يجري التحضيرات لشن هجوم على مناطق شمال وشرق سوريا منذ فترة طويلة، ووضعت مخططها حيِّز التَّنفيذ، فكل ساعة تزداد جرائم الحرب، التي ترتكبها الدولة التركية المحتلة، حيث أنَّ القصف طال منازل المدنيين والمشافي والمدارس، ومؤسسات البنية التحتية والخدمية المجتمعية، مثل محطَّات المحروقات والكهرباء، صوامع الحبوب، وغيرها من المنشآت الخدميَّة وألحقت بها أضراراً كبيرةً.

الإرهاب هو محاربة من هزم الإرهاب

وبهذا الصدد التقت صحيفتنا بعض المثقَّفين في مدينة قامشلو، الَّذين أعربوا عن آرائهم حول انتهاكات الدَّولة التركيَّة للمنطقة، ومنهم الكاتب “فريد سعدون” حيث قال: “هناكَ تحوُّل نوعي جديد للعدوان التُّركي على المنطقة في هجماته، هذا التحوُّل النوعيّ بات يستهدف الوجود، فهم يستهدفون شعوب المنطقة من خلال القصد الفعلي بتدمير البنى التحتيَّة، والمنشآت الخدميَّة، ومتطلَّبات الوجود في المنطقة، فعندما تقطع الدَّولة التركيَّة سبل العيش عن هذا الشعب فهي بالتَّالي تستهدف وجوده في المنطقة بالكامل، لم تعد الأمور كما كانوا يروِّجون لها بأنَّهم يحاربون الإرهاب، بل إنِّهم يحاربون شعوب المنطقة، خاصَّةً المنشآت الخدميَّة مثل الكهرباء، والغاز، والماء، والطَّاقة، والمشافي، وبالتّالي الشَعب جميعه مدعو بأن يقف ضد هذه الهجمة التي لم تعد مسألة سياسية، أو حزبية إنّما هي مسألة شعب يكافح من أجل وجوده، وبقائه ومن أجل متطلَّبات عيشه في هذه المنطقة”.

تخاذل الدول في وقف الهجمات التركية

وأضاف سعدون: “على الجميع من أيِّ اتجاهٍ سياسيٍ كان، أن يقفوا ضد هذه الهجمات الوحشيّة ويعملوا ما بوسعهم لإيقافها والتصدّي لها، وبالتّالي لابدَّ من إرسال نداءات إلى المجتمع الدُّولي وإلى القوى العظمى في المنطقة للمساهمة، والضَّغط على تركيا لإيقاف هذه الهجمات”.

وزاد: “حسب ما نرى من تصريحات يوميَّة، ومشاهدات المواقف الدولية، ومواقف الأمم المتحدة لا تعد إلى الآن إلَّا أن تكون تصريحات إعلامية فقط، فلم نر أي تحرُّك حقيقي على الأرض للأمم المتحدة في المجتمع الدولي، لإيقاف هجمات الدولة التركية على منطقتنا، فنعدّ هذه المواقف ضعيفة جدَّاً وغير مقبولة أبداً في هذه المرحلة، فالدَّولة التركية تستهدف شعباً بوجوده، ولابدَّ من هذه المنظَّمات أن تتحرَّك، وتبرز دورها”.

استثمار الأحداث للمصلحة التركية

وأوضح أيضاً الكاتب “زبير زينال” موقفه: “نحنُ نندِّد ونستنكر الاعتداءات، التي شنَّتها الدولة التُّركيَّة على منطقتنا في الفترة الأخيرة، فهذه الاعتداءات تدلُّ على أنَّ أردوغان مضغوطٌ داخليَّاً، فلم يكن بوسعه إلَّا أن يقوم بعمل خارجي كهذه الاعتداءات على شمال وشرق سوريا من أجل أن يُلهي شعبه، ويغيِّر من وجهة نظره تجاهه، فنحن ندعو شعوبنا في المنطقة، أن تقف وقفةً صارمةً في وجه هذا الاعتداء التركي، الذي يستهدف المدنيِّين العزَّل، ويستهدف المنشآت الخدمية، التي لا علاقة لها بالحرب ولا بالسياسة، إنَّه اعتداء على وجود الشعوب على أرضها ومنطقتها، التي تعيش فيها بسلام، فالقضية لم تعُد قضيَّةً سياسيَّةً ولا عسكريَّةً، ولا يوجد أيِّة اعتداءات على هذا المحتل، حتَّى الحادثة، التي كانت في إسطنبول، أنَّ أردوغان هو من صنعها وحاكها من أجل أن يبيَّن لشعبه، ولغيره بأنَّه يوجد تعدٍّ على دولته؛ ليقوم بعدها بشنِّ هجومٍ على منطقتنا، والَّذي كان يخطِّطُ له منذ وقت طويل”. وأردفَ: “هناك عداوةً حقيقية وقديمة لأردوغان مع الشعب الكردي، فهو يقوم بقصف الكرد في باشور كردستان، وفي شمال وشرق سوريا، وبكل مكان آمن مستقر يتواجد فيه الكرد، ويقوم بزعزعته وتخريبه، فنحن ندعو الشعوب أن تقف وتندِّد بجرائم الاحتلال التركي، وندعو منظّمات المجتمع الدُّولي، التي لم نرَ منها سوى الصمت، والخضوع، والرضى لهذه الجرائم على منطقتنا، ندعوها بأن تكون وقفتها حازمة وملموسة، ولا تكن مجرَّد كلام، وإعلام وشعارات بالية فقط”.

أحقاد تاريخية تركية متأصلة للشعوب

ومن جهتها أعربت المواطنة “سهام سليمان” عن استيائها: “تعرضت مناطق شمال وشرق سوريا في الفترة الأخيرة لضربات عديدة، وذلك يعود للعداء، الذي تحمله الدَّولة التركية المحتلة للمنطقة وشعوبها المترابطة برابطة الدَّم الواحد؛ ما اتَّضح لنا، أنَّ هذه الأعمال التخريبية، التي قام بها المحتل التركي من تدمير للمنشآت الصناعية، والخدمية خاصَّةً كانت تعبيراً عن أنَّ هذه الدَّولة الفاشية، ليس هدفها فقط الاحتلال، بل وصل بها الأمر إلى استهداف المقاتلين والمدنيين وتدمير البنى التحتية، ناهيك عن قتل الأطفال، فالاحتلال يريد أن يعيد العهد العثماني في احتلال العديد من مناطق سوريا والشرق الأوسط، فنحن مواطنون متعددو الأعراف مشكَّلون من كرد، وعرب، وسريان، سوف نقف بوجه هذا الاحتلال الفاشي، والقوى المتعاونة معه”.

وزادت: “نحن لسنا بحاجة لوقفة الدُّول الأوروبية، ومنظماتها، الَّتي تدَّعي الإنسانيَّة ووقوفها مع المظلومين، لم نرَ منهم سوى الصَّمت والتَّخاذل، إنَّهم يرون بأُمِّ أعينهم هذا الدَّمار، والقتل والانتهاكات، فنحن لا نريد منهم سوى الخروج من بلدنا؛ لأنَّهم كقلَّتهم هنا، نحن أقوياء، وسندافع عن منطقتنا وشعبنا بعزم وقوَّة مقاتلينا الجبابرة، وصمود الشعب العظيم ووقوفه معهم في اندحار الإرهاب، هم الإرهابيُّون لسنا نحن كما يزعمون، نحن هزمنا داعش، وهم يقومون بقصف السجون لتخليص داعش منها، وإعادتهم إلى المنطقة، التي حرَّرناها بآلاف الشُّهداء”.

المقاومة سبيل النَّصر

والتقينا المواطن “مازن هاروني“، نائب الرئاسة المشتركة لمؤتمر الإسلام الدِّيمقراطي حيث قال: “شعبنا المقاوم المناضل، الَّذي يقاوم في هذه المنطقة أعتى الآلات العسكرية، وأعتى الأعداء الهمجيين، الذين يشهد التاريخ بهمجيتهم عبر السنوات الماضية حتى هذه اللحظة، فشعبنا يقاوم الدَولة التركية الفاشية، التي تقصف البر والمؤسسات الحيوية، والبنى التحتية للمنطقة عن طريق مسيَّراته الغادرة، وطياراته، ونحن نقف وقفة تضامن وسند مع شعبنا لنثبت للعالم أجمع، أنَّ حق هذا الشعب هو حق مشروع كباقي الشعوب في العيش على أرضه التاريخية حياةً كريمة”.

واختتم “مازن هاروني”، نائب الرئاسة المشتركة لمؤتمر الإسلام الدِّيمقراطي حديثه: “احتلال همجي، وقصف عشوائي تركي، يؤدي لتدمير المؤسَّسات الخدميَّة، فيما يبدو ضياع حق الشعوب في العيش بسلام، وأمان على أرض السَّلام، وهناك تعاوُنٌ وتخاذل للقوى والمنَّظمات الإنسانيَّة الموجودة على أرضنا، وتشهد تدميراً تركياً لمناطقنا، ورغم ذلك كله لن نرضى بهذا الهوان والخيانة، سنقاوم المحتل، وسنُري العالم أجمع صمود مقاتلينا، وأهالي شهدائنا، وإصرارهم على تقديم المزيد من الجهد لنحفظ كل شبر من أرضنا”.