سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

أنقرة وحرب غزة… من الحيادِ إلى التصعيد الإعلاميّ

رامان آزاد_

بعدَ موقفٍ اتسم بالحياديّةِ إثر عملية “طوفان الأقصى” واندلاع الحرب في غزة، والذي عرَّضها للانتقادات، صدَرت في تركيا خلال الأيام القليلة الماضية تصريحاتٌ مختلفة مرتفعة السقف، وبخاصةٍ من الرئيس التركيّ، بما يُوحي بمتغيّر ما في موقف أنقرة من المعركة، والعلاقة مع إسرائيل، والمسألة تشي بمساعٍ تركيّة لاستعادة رصيدٍ مفقودٍ أكثر منها إبداء موقف الدعم لأهالي غزة، لأنّ الموقف التركيّ لم يتجاوز منابر الخطاب والترويج الإعلاميّ.
بعد الحياد تصعيد المنابر
ركّزت التصريحاتُ التي صدرت عن الرئيس أردوغان، ووزير الخارجيّة هاكان فيدان، والنّاطق باسم الحزب الحاكم عمر جليك وغيرهم من المسؤولين، على شجْب “استهداف المدنيين”، والمطالبة بـ “إطلاق سراح الرهائن فوراً وبدون شروط”، مع ما لمصطلحِ “الرهائن” من دلالات تختلف عن “الأسرى”. وفي هذه التصريحات، دعا المسؤولون الأتراك “جميع الأطراف” للهدوء والحكمة والعودة للحوار والمسار السياسيّ، مع التركيّز على ضرورة تحقيق فكرة حلّ الدولتين كمخرج وحيد للمواجهة الحالية، ما عدّه البعض مساواة ضمنية بين الجانبَين.
وعندما أعلنت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو الحرب على غزة وتم نشر الجيش الإسرائيليّ على حدود غزة، استعداداً لغزو بريّ كبير، ردّت الحكومة التركيّة على إعلان الحرب بالدعوة إلى “ضبط النفس” والامتثال للقانون الدوليّ. وهذا يتعارض تماماً مع موقف الجماهير العريضة في تركيا، المتعاطفة مع الفلسطينيين.
الحياد التركيّ لم يستمر، ففي الأيّام القليلة الأخيرة ارتفعت نبرةُ التّصريحات الرسميّة التركيّة. وفي كلمة له أمام كتلة حزبه البرلمانية في 24/10/2023، قال أردوغان: إنَّ بلاده لا تعدّ “حماس” منظمة إرهابيّة وإنّما “حركة تحرّر وطنيّ تناضل لحماية مواطنيها وأرضها”، مؤكّداً على أنّ تركيا لا يسعها الصمت إزاء ما يحصل، وأنّها ستفعل كل ما بوسعها سياسياً وإنسانياً وعسكرياً إن اقتضى الأمر، فيما بدا إحالةً على فكرة الدول الضامنة التي تطرحُها أنقرة مؤخراً.
كما نظّم حزب العدالة والتنمية الحاكم السبت 28/10/2023 مظاهرة حاشدة في إسطنبول؛ دعماً للفلسطينيين، ورفضاً لجرائم الاحتلال، وقد حفلت كلمة أردوغان خلالها بانتقادات حادّة لـ “إسرائيل”، مثل وصفها بأنّها “دولة إرهاب” والتهديد بإعلانها “مجرمة حرب أمام العالم”. ردة الفعل على خطاب أردوغان أتت من وزير الخارجية “الإسرائيلي” الذي أعلن عن سحب الطاقم الدبلوماسيّ من تركيا لإعادة النظر في العَلاقات بين الجانبَين على حدّ تعبيره.
المِهرجان الشعبيّ الحاشد الذي دعا له حزب العدالة والتنمية وتحدّث فيه أردوغان، لم يتجاوز الرمزيّة واللغة الداعمة، وكان موجّهاً للداخل أكثر من الخارج، وهو مدفوعٌ أساساً بالحرج من موقفِ الشعب والنخب، وبعض أحزاب المعارضة، فقد بدت جميعها متقدمةً على الموقف الرسميّ للدولة والحكومة والحزب الحاكم، وهو أمر بغايةِ الحساسيّة مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية، والرغبة العارمة لدى أردوغان في استعادة البلديات الكبرى، وبالأصل، فإنَّ دعوة رئيس دولة أو حزب حاكم لمِهرجان خطابيّ تبدو مستهجنة لدرجةٍ ما وإشارة ضمنيّة على عدم توقّع خطوات عمليّة كبيرة، فضلاً عن تأخرها جداً بعد ثلاثة أسابيع من بدء الحرب على غزة

إجراءات استعراضيّة شكليّة
ثَمّة تغيّر ملحوظٌ في خطاب أنقرة الرسميّ بخصوص العدوان على قطاع غزة، بالتأكيد على أنَّ “حماس” ليست منظمة إرهابيّة معارضةً الموقف الغربيّ الموحّد، وكذلك بحدّة الانتقادات الموجهة لإسرائيل، بينما الموقف التركيّ عملياً ما زال بعيداً جداً عن التوقعات والطموح حتى بمنظور السياسة الواقعيّة والخطوات الممكنة دبلوماسيّاً وسياسيّاً، وهو ما يمكن لأنقرة فعله، وغزة هي محكّ اختبار لأنقرة، وقد فشلت فيها سبقتها التطورات الميدانيّة في غزة والمنطقة. فكلّ مواقف أنقرة لم تتجاوز حتى اليوم خطاب المنابر والتجييش العاطفيّ.
وقال أردوغان في تدوينة له “أقولها بكل صراحة ووضوح، إنّ الذين يقفون اليوم موقف المتفرج الصامت تجاه ما يحدث من قتل لآلاف الأطفال الفلسطينيين في غزة، لن يبقى لحديثهم أيّ قيمة في أيّ قضية غداً”.
وفي 4/1/2023 قال الرئيس التركيّ، إنّه قطع جميع الاتصالات مع رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، بسبب الإجراءات الإسرائيليّة في قطاع غزة. وقال أردوغان: لن نقطع علاقتنا بإسرائيل ونتنياهو لم يعد شخصاً يمكن التعامل معه. وبذلك حصر المشكلة بشخص نتنياهو، دون الحكومة الإسرائيليّة، في اجتزاءٍ كاملٍ للقضية.
وفي اليوم نفسه قالت وزارة الخارجية التركيّة، إنّ تركيا استدعت سفيرها لدى إسرائيل للتشاور بسبب الأزمة الإنسانيّة في قطاع غزة والهجمات الإسرائيلية المستمرة عليها. ومعلومٌ أنّ استدعاء السفير إجراء روتينيّ جداً لا يعوّل عليه سياسيّاً، ما لم يقترن بقطع العلاقات الرسميّة الدبلوماسيّة.
وفي خطوة استعراضيّة، أعلن الرئيس التركيّ إلغاء زيارة مفترضة له إلى “إسرائيل”، وكانت وسائل إعلام تركيّة قالت سابقاً: إنَّ أنقرة أوقفت محادثات التعاون بشأن ملف الغاز. وبالتالي، يمكن القول: إن المتغير في موقف تركيا حتى اللحظة محصور إلى حد كبير بالخطاب ومفرداته ونبرته، ولم يتجاوز ذلك إلى المساحات العمليّة. فزيارةُ أردوغان كان يفترض بها أن تكون بعد زيارة نتنياهو لأنقرة، وهما غير متوقعتَين في ظلّ الحرب الحالية، كما أنَّ إلغاء أو تجميد المحادثات بشأن الغاز مرحلياً تحصيل حاصل، ما يقلل كثيراً من أثره كوسيلة ضغط أو حتى إشارة احتجاج.

خسارة الرصيد السياسيّ
تفيد آراء داوود أغلو صاحب نظرية “تصفير المشاكل” في كتابه “العمق الاستراتيجي” بالتركيّز على المعطى الجغرافيّ أساساً للعلاقات السياسيّة، باعتباره عاملاً فاعلاً فيها، وأنّه آن لأنقرة التوقفُ عن سياسةِ الانقطاع عن العالم العربيّ الإسلاميّ والانفتاح عليهما، ونُشر الكتاب عام 2001، قبل أحداث 11 أيلول والحديث عن الشرق الأوسط الجديد. واستدرك أوغلو ما فاته بصدورِ الطبعةِ العربيّة عام 2010 مضيفاً فصلاً جديداً اقترح فيه أن تتخذ تركيا وضعاً جديداً في موقعها الجيوسياسيّ وتتحول إلى “دولة مركز”، وقسّم أوغلو دول المنطقة إلى ثلاث حلقات ثلاثيّة وفقاً لدورها وثقلها تضم الأولى تركيا وإيران ومصر، والثانية تتأثر بالأولى مباشرة وتضم سوريا والعراق والسعودية، فيما الثلاثيّة الأصغر تضم لبنان والأردن وفلسطين.
جاء في نسخة 2001 من “العمق الاستراتيجي” (ص 168 – 169): “ضمن الوضع الجديد، يتوجب على تركيا أن تعيد النظر في سياستها تجاه الشرق الأوسط. لقد فقدت تركيا الأحزمة الاستراتيجية الأكثر قوة في منطقة الشرق الأوسط في الربع الأول من القرن العشرين، وعاشت بعيدة عن المنطقة بشكلٍ عام في ربعيه الثاني والثالث، وطوّرت سلسلة علاقات متأرجحة بين صعود وهبوط مع دول المنطقة خلال الربع الأخير من القرن نفسه، وهي اليوم مضطرة لأن تعيد تقييم علاقاتها مع المنطقة من جديد بشكلٍ جذري. كما أن شبكة العلاقات المتوترة التي نسجتها تركيا مع أوروبا بشكلٍ خاص، جعلت الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أمراً شبه مستحيل؛ كما جعلت موضوع تطوير استراتيجية شاملة حيال الشرق الأوسط أمراً لا بد منه. أما إذا انسلخت تركيا عن أوروبا وعن الشرق الأوسط في الوقت نفسه، فلن يكون في مقدورها أن تنجح في سياساتها الإقليمية أو القاريّة”.
تجاوزت تركيا، نظرية المثلث الاستراتيجيّ الإقليميّ، وبددت ميراث نجاحاتها في منافسة الدورِ الإيرانيّ في القضية الفلسطينيّة، بانحيازها إلى دعم تيار الإسلام السياسيّ ودعمِ الحروب الأهليّة العربيّة. وفقدت مصداقيتها ورصيدها الأوليّ بمواصلة الحربِ على الكرد سواءٌ بالداخل أو عبر الحدود في سوريا والعراق، وبذلك لا يمكن الثقة بمصداقية أنقرة ومواقفها الرافضة للتصعيد في غزة، فيما تواصلُ الحرب المفتوحة بنفس الطريقة والعقليّة ودرجة العنف على الكرد، الأمر الذي يعكسُ التناقض التركيّ. بل إنّها مضت بعيداً في مواقفها بالتركيّزِ على القضية الكرديّة لدرجة جعلها معياراً لعلاقاتها الخارجيّة ورفضت توسع الناتو وانضمام السويد وفنلندا استناداً لمجرد ادعاءات.
يمكن القول إنّ أنقرة وفي ساعة اندلاع الحرب في غزة كانت قد وصلت إلى درجة الإفلاس السياسيّ، فلا هي جزءٌ من حراك “المقاومة” الذي تقوده إيران في المنطقة عبر العراق وسوريا، ولا من الحراك الدبلوماسيّ للتسوية بقيادة مصر والسعودية. ويبدو أنّ تركيا تواجه العقبات التي حذّر منها داوود أوغلو، والمتمثلة بالانسلاخ عن أوروبا وعن الشرق الأوسط معاً، ما لم تقدّم شيئاً استثنائياً يميّزها عن غيرها. وبذلك لا تستطيع تركيا التأثير. ولكن قد يتغير موقع تركيا في أخطر حدث يشهده العالم منذ شهر، فيما لو قدّمت شيئاً استثنائيّاً، مثل اقتراح محتملٍ باستضافةِ قيادات ومئات المقاتلين من حركة حماس بحال هزيمة الحركة وقبولها الخروج مقابل الإبقاء على غزة مكاناً صالحاً للحياة. ودون ذلك، فإنّ ما لدى أنقرة أقل مما لدى الآخرين.
يبقى أنَّ الاستثمار في قضية غزة ما زال مؤثراً على الصعيد الداخليّ التركيّ ضمن مساعي أردوغان استعادة المدن الكبرى في الانتخابات البلدية المقررة في آذار القادم بحسب تقرير نشره موقع «مونيتور». ووفقاً لخبير السياسة الخارجيّة بارجين يينانج: “لا يفكر أردوغان أبعد من ستة أشهر قادمة وبحلول ذلك الوقت، ستكون الانتخابات قد انتهت..”.
التوظيف التاريخيّ والسياسيّ للحدث
يسعى الرئيس التركيّ أردوغان جاهداً، لاستغلال حرب غزة في إطار ما يسمّى التوظيف التاريخيّ للقضية الفلسطينيّة لكسب مزيد من التأييد الشعبيّ الداخليّ والخارجيّ، والتغطية على المشاكل الداخليّة، وقدمت الحرب دليلاً إضافيّاً على ازدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين لدى أنقرة، وبخاصةٍ عندما يتعلق الأمر بقتل الأبرياء في شمال سوريا. فقد تزامنت الحربُ في غزة التي اندلعت في 7/10/2023، مع هجمات تركيّة عدوانيّة على شمال وشرق سوريا اُستخدمت فيها كلُّ الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيّرة وأزهق أرواح أبرياء، واستهدفت الضربات المرافق المدنية الحيويّة وصولاً إلى قصف محطات الكهرباء والمياه والمنشآت النفطيّة، على نحو يخالف قواعد القانونيّ الدوليّ المنظمة للنزاعات العسكريّة.
مبالغة أردوغان في التعبير عن القضية الفلسطينيّة تستهدف إلهاء وشغل شعبه وربما دول الجوار والعالم عن العمليات التي يقوم بها في شمال سوريا، وهو في غاية التناقض إذ يتحدث عن دعم غزة ويطالب بوقف إطلاق النار هناك، من منطلق إسلاميّ، إلا أنّه يفترض أن يبدأ بنفسه ويوقف هجماته على مدن وبلدات شمال وشرق سوريا الآمنة.
وتشهد تركيا خلال الأشهر الماضية حالةَ انقسام سياسيّ عقب الانتخابات الرئاسيّة والبرلمانيّة التي جرت في أيار الماضي، وجاءت حرب غزة ليوظفها الرئيس التركيّ كوسيلة لإثارة مشاعر وحماسة مواطنيه الذين ينظرون إلى القضية الفلسطينيّة في ضوء التوظيف التاريخيّ لها والذي لطالما لعب به أردوغان منذ وصوله للسلطة عام 2002. وظهر ذلك بوضوحٍ في مناسبات مختلفة مثل واقعة أسطول الحرية عام 2010، وانسحاب أردوغان من مؤتمر دافوس الاقتصاديّ، وحينها وجّهت الماكينة الدعائية التركيّة الناس باتجاه أنَّ الانسحابَ كان في إطار مناهضة إسرائيل، علماً أنّه كان لأسباب أخرى غير فلسطين.
يجيد الرئيس التركيّ توظيف الأحداث المهمة المرتبطة بالقضية الفلسطينيّة لحشد وإثارة مشاعر الأتراك والشعوب في المنطقة وبخاصة الشعب التركيّ المناصر له لتجاوز الأزمات السياسيّة، والتغطية على العديد من المشكلات الداخليّة في مقدمتها الوضع الاقتصاديّ المتأزم، لا سيما أنَّ الاقتصاد يمر بأزمة غير مسبوقة عبر عنها التراجع الكبير في سعر الليرة التركيّة، وجاءت أحداث غزة وتطورات القضية الفلسطينية سبيلاً يمكن للرئيس التركيّ من خلاله تجاوز بعض العقبات الداخليّة.
لا تخرج مواقف أردوغان عن إطار الاستعراض الإعلاميّ، والسؤال المطروح ماذا قدمت أنقرة عملياً للقضية الفلسطينيّة ويتلاعب بعاطفة التيار الإسلاميّ، في صياغة خطابٍ سياسيّ مقبول، والواقع أنّ أنقرة تتعاون مع إسرائيل بشكلٍ كاملٍ.

مواقف استعراضيّة سابقة
تركيا كانت أول دولة إسلاميّة تعترفُ بإسرائيل عام 1949، وحافظت دائماً على علاقات تجاريّة وعسكريّة معها كجزءٍ من تحالفها العسكريّ الاستراتيجيّ الشامل مع واشنطن، وهي ماضية في تطبيع العلاقات مع حكومة نتنياهو، بما يتوافق مع مصالحها.
مرّت العلاقات التركيّة الإسرائيليّة منذ وصول حزب العدالة والتنمية للحكم عام 2002 بأزمتين كبيرتين، الأولى عام 2009 بانسحاب أردوغان من منتدى دافوس احتجاجاً على تصريحات الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بخصوص قطاع غزة، في مشهدٍ أشبع مخيلة أنصار القضية الفلسطينيّة بنصرٍ معنويّ استعراضيّ وصفه الكاتب والمعلق التركيّ، والنائب الحالي في البرلمان، جنكيز تشاندار بكلمات بليغة: “بضربةٍ واحدةٍ ربما غير متعمدة أصبح أردوغان بطل العالم العربيّ. وأصبح صوتَ الشارع العربيّ في غياب أيّ زعيم عربيّ يتمتع بمصداقيّة”.
الأزمة الثانية كانت في أيار 2010، حين هاجم جنود إسرائيليون سفينة مرمرة التركيّة ضمن أسطول الحرية لرفع الحصار عن غزة وقتل فيها تسعة أشخاص، وأثارت هزة في العلاقات وانهياراً للدور العربيّ في فلسطين وتحجيماً مؤقتاً حتى لدور إيران بدعم الفصائل الفلسطينيّة، وأصبحت تركيا زعيمة القضية الفلسطينيّة في الوجدان الشعبيّ الإسلاميّ ومصدر حرجٍ للقادة العربِ. وبدت أنقرة داعمة للقضايا العربيّة، واستناداً لهذا الموقف إزاء القضية الفلسطينيّة اكتسب “الربيع العربيّ” في سوريا ومصر، بُعداً أخلاقيّاً في البدايات على أنّه امتدادٌ مباشرٌ للمواقف التركيّة.
وبذلك يجب إعادة النظر في مجمل الحوادث والدور التركيّ بالنظر إلى النتائج، ومحاولة إزاحة دور إيران، مقابل تعزيز الدور التركيّ واختراق المجتمعات العربيّة، تطبيقاً لنظرية العمق الاستراتيجيّ التي ابتدعها أحمد داوود أوغلو طموحات أنقرة التوسعيّة.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle