أحمد جمعة: “طموح الاحتلال التركي الهيمنة على الشمال الإفريقي عبر ليبيا”

يقدر المختصون في الشأن الليبي أن أحد الأهداف الرئيسية للتدخل التركي في ليبيا هو تخطيط الرئيس التركي أردوغان لتشكيل تحالف “إخواني” في الشمال الإفريقي ينطلق من ليبيا، وتتزعمه تركيا؛ بغية الهيمنة على الشمال الإفريقي، يستميت أردوغان على حد توصيف محللين سياسيين، لتأسيس نفوذٍ تركي في ليبيا، حتى وصل الأمر إلى حد إعلان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا والمستقيل غسان سلامة، مخاوفه من تحول الأزمة الداخلية إلى حربٍ إقليمية بين الأطراف المتداخلة في الأزمة الليبية.

بعد أن أعلن أردوغان بشكلٍ رسمي نقل مرتزقة سوريين وجيش تركي للقتال في ليبيا ضد الجيش الوطني الليبي، وفتحه الدعم العسكري غير المحدود للمجموعات المرتزقة في طرابلس، ورغم المعادلة الصعبة التي وضعها الجيش الليبي أمام الخطط التركية، إلا أن الأخيرة عازمة بشكلٍ علني على الاستمرار في دعم المجموعات المرتزقة؛ سعياً لتنفيذ مخططها التوسعي الاحتلالي في ليبيا، والخطط التركية تتجاوز الاستيلاء على الموارد الليبية إلى طموحٍ أوسع، وهو الهيمنة على الشمال الإفريقي والبوابة في ذلك هي ليبيا.

 لتركيا أطماع توسعيّة في إفريقيا

 وحول هذا الموضوع أجرت؛ وكالة هاوار لقاءً مع الكاتب والمختص في الشأن الليبي أحمد جمعة، والذي تحدث قائلاً: “تركيا، تستمر في تدخلها في الشأن الداخلي الليبي، وتدعم المليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس بالأسلحة وأنظمة الدفاع الجوي والطائرات المُسيّرة والخبراء العسكريين، وترسل مرتزقة سوريين إلى طرابلس، لتحقيق هدفها، وهو تنفيذ الأطماع التركية الاقتصادية تحديداً في ليبيا بالهيمنة على النفط والغاز. تريد تركيا أن يكون لها نفوذ أكبر في منطقة الساحل والصحراء وشمال إفريقيا”.

وبيّن جمعة حديثه بالقول: “التدخل التركي سيذهب إلى أبعد مدى لتحقيق هذا الهدف، وذلك عبر دعم جماعات الإسلام السياسي، وتحديداً جماعة الإخوان المسلمين في الشمال الإفريقي، والعمل على وضع جماعة الإخوان في خاصرة الدولة المصرية من خلال تعزيز نفوذهم على الحدود مع مصر، وهو ما يشكل خطراً أمنياً على مصر، وكذلك، دعم هذه الحركة في تونس والجزائر. المراد من كل ذلك، هو العمل على تشكيل تحالف إخواني في الشمال الإفريقي، تدعمه دولة الاحتلال التركي بشكلٍ كامل، ويكون رأس حربة هذا التحالف جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، إذ أن ليبيا تمتلك الثروات النفطية القادرة على دعم مخططات تركيا الرامية إلى التوسع بشكلٍ أكبر في الشمال الإفريقي”.

هناك مصالح تمنع الاصطدام مع تركيا

 وحول ما إذا كان هناك خلافاً بين دولة الاحتلال التركي والأوروبيين تحدث جمعة بقوله: “هناك خلافاً تركياً ـ أوروبياً؛ بسبب التدخل التركي السافر في شأن ليبيا الداخلي، وتقديم تركيا الدعم إلى المليشيات المسلحة التي تتطلع وتسعى إلى الانتقال إلى القارة الأوروبية، وهو ما يهدد أمن واستقرار هذه الدول، فضلاً عن تعامل الاحتلال التركي مع جماعات تجارة البشر وهي التي بدورها تنظم عمليات تهريب مهاجرين غير شرعيين من كافة دول القارة الإفريقية للدول الأوروبية، باعتبار أن ليبيا دولة ممر للهجرة، وهو ما يؤثر على أمن الدول الأوروبية”.

وأشار جمعة إلى أن هذا الأمر دفع أوروبا وتحديداً فرنسا إلى مهاجمة تركيا؛ بسبب سلوكها الداعم للمليشيات المسلحة في ليبيا بالأسلحة الحديثة والمتطورة والمال، وتعزيز نفوذهم، في الوقت الذي تسعى فيه هذه المليشيات المدعومة تركياً إلى الانتقال إلى أوروبا، إذ أن عدداً كبيراً من هؤلاء المرتزقة يمتلكون جوازات سفر وأوراق رسمية تركية مزورة، ساعدتهم بها المخابرات التركية لتسهيل نقلهم إلى حيث يريدون. وأكد: “أوروبا لا تستطيع حتى الآن الضغط على تركيا، وذلك بسبب المصالح المشتركة سواء الاقتصادية أو السياسية المتمثلة في دور تركيا بالأزمة السورية، إذ أن هذه الدول لا تريد الاصطدام مع تركيا في هذه الأوقات”.

وتابع: “تضع أوروبا خططاً وتحركات لحصار أي عملية نقل سلاح إلى ليبيا من خلال تفعيل المراقبة البحرية التي ستقوم بها السفن الأوروبية خلال الأيام القليلة المقبلة، والدول الأوروبية لديها ورقة الاقتصاد والمال، ويمكن عبرها أن تضغط على تركيا للتراجع عن سياستها التخريبية في ليبيا، لكن تنفيذ هذا الأمر صعب؛ لأن أوروبا لا تريد صداماً مع تركيا حتى الآن، لكنها تعدّ لهذا السيناريو منذ أمد، وستعمل على  الضغط على تركيا  في الوقت المناسب، لإرغامها على تغيير سياستها وخططها في التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية وتحديداً في ليبيا وسوريا؛ لأن الأوروبيون لن يبقوا مكتوفي الأيدي إلى ما لا نهاية”.

المرتزقة مستفيدين من الدعم التركي

وبخصوص الجهات المستفيدة من الدور التركي في ليبيا؛ قال جمعة: “هناك جهات مستفيدة من الدور التركي، وهي الجهات الداعمة للتيار الإسلامي السياسي وتحديداً تنظيم “الإخوان المسلمين”، وداعش والقاعدة، وكذلك الدول التي تدعم هذه المجموعات المرتزقة، والتي لديها مصلحة لاستمرار سياسة تركيا الحالية، وما يدل على ذلك أن الدور التركي تحول مؤخراً من الخفاء إلى العلن وصار الدعم العسكري الكامل بشكلٍ علني وواضح. وهذه الدول والجهات تريد تعزيز دور وحكم تيار الإسلام السياسي في ليبيا؛ للعمل على تشكيل تحالف موحد في شمال إفريقيا، يكون رأس حربة هذا التحالف جماعة الإخوان في ليبيا، إذ أن تركيا منحت هذه الجماعة خلال الأشهر القليلة الماضية قبلة الحياة، من خلال الدعم العسكري ونقل المرتزقة المسلحين للوقوف إلى جانبهم، وقدمت الدعم الذي ساعد في مساندة ميليشياته المسلحة بطرابلس”.

وأردف: “يدين الإخوان بالولاء والطاعة للرئيس التركي أردوغان، وقد أودعت هذه الجماعة مؤخراً، وديعة مالية، في البنك المركزي التركي، تقدر بأربع مليارات من الدولارات لإنقاذ تركيا واقتصادها من الانهيار في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، كتصرف حُسن نية من طرفهم”.

واختتم الكاتب والمختص في الشأن الليبي أحمد جمعة حديثه بالقول: “الأزمة الليبية، أزمة أمنية بامتياز، ويجب أن تحسم هذه الأزمة، عسكرياً وأمنياً، ومن ثم الانتقال إلى المسار السياسي. وعلى الدول التي تعتزم الوصول إلى حلٍ للأزمة دعم عمليات ودور الجيش الوطني الليبي في محاربة الجماعات المتطرفة، وهذا ما سيمكّن الجيش الليبي من تطهير كامل الأراضي الليبية، والقضاء على المليشيات، وهو ما سيساعد في تفعيل الحل السياسي في البلاد والوصول إلى حلٍ للأزمة، إذ أن هذه الجماعات ومن وراءها دولة الاحتلال التركي هي المعرقل الأول والرئيس لأي حلٍ في ليبيا، والقضاء عليها سيمنح ليبيا فرصة كبيرة لحلٍ سياسي كامل للأزمة”.