قال السكرتير العام للحزب الديمقراطي الكردي السوري جمال شيخ باقي: “حريق إيمرالي رسالة تهديد من أنقرة إلى الحركة الكردية تحذرها فيها من الاصطفاف إلى جانب معارضي أردوغان”. وأشار إلى أن هذا الحريق يُشتم منه رائحة تآمر جديدة على أحد أبرز رموز الحركة التحررية ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل في العالم أجمع.
في الـ 27 من شباط المنصرم؛ اندلع حريق مريب في غابة جزيرة إيمرالي، حيث تحتجز الدولة التركية القائد عبد الله أوجلان منذ أكثر من 21 عاماً، وأثار الحريق ردود فعل غاضبة في صفوف الكرد وكذلك العرب الذين اعتبروا الحريق تهديداً مباشراً لسلامة القائد عبد الله أوجلان، في وقت أرادت فيه تركيا إظهار الحريق على أنه حدث طبيعي، إلا أن الكثيرين يقولون إن جزيرة إيمرالي الخاضعة لرقابة استخباراتية مشددة؛ لا يمكن أن يحصل فيها حريق دون علم الدولة التركية، وبخاصة أن الحريق حصل في يوم ماطر؛ ما أثار الكثير من التساؤلات عن الرسائل من وراء الحريق.
وحول الأسباب الكامنة وراء ذلك الحريق أجرت وكالة هاوار حواراً مع السكرتير العام للحزب الديمقراطي الكردي السوري جمال شيخ باقي، وهذا هو نص الحوار:
ـ كيف تفسرون توقيت الحريق في إيمرالي؟
الحريق الذي نشب في إيمرالي قبل أيام، إذا نظرنا إلى الأمر بعقلانية فالحريق سيكون له سببان إما نتيجة عوامل طبيعية أو أنه ناجم عن فعل فاعل، إذا عدنا إلى النقطة الأولى واعتبرنا أن الحريق ناتج عن عوامل طبيعية، نحن في فصل الشتاء وجزيرة إيمرالي في وسط الماء إذاً لا يمكن قبول تلك الفرضية في هذا الوقت والظروف، يصعب أن نفكر أن الحريق نشب نتيجة عوامل طبيعية.
ـ يبقى الاحتمال الآخر وهو أن الحريق ناجم عن فعل فاعل، من هو الفاعل برأيكم؟
لا شك أن وراء عمل الفاعل أهداف ورسائل معينة يريد أن يوصلها إلى عدة جهات، هذا الحريق يثير شكوكاً كثيرة، وتُشتم منه رائحة تآمر جديد على أحد أبرز رموز الحركة التحررية ليس في الشرق الأوسط فقط، بل في العالم أجمع. أعتقد أنه إذا حاولنا أن نتعرف على رموز الحركة التحررية باتجاه السلام والمساواة والعدالة سنرى أوجلان في طليعة هذه الرموز. لذلك؛ ليس غريباً أن يتآمر نظام فاشي كنظام حزب العدالة والتنمية على مثل هذا الرمز.
وإن نظرنا إلى الأمر من الناحية العملية، فهذا الحريق موجه إلى جهتين أساسيتين، موجه إلى الحركة الكردية بشكل عام وتريد تركيا أن تقول (الحركة الكردية) الآن في أيدي النظام التركي و(النظام التركي) وضع نفسه في مأزق كبير، ولا سيما في صراعه بمنطقة إدلب.
وتركيا تحاول أن تحذر من الدخول في توازنات إدلب وفي صراعه مع النظام هناك، فتحاول أن تقول نحن هنا نستطيع أن نقدم على خطوة كبيرة جداً، هذا من ناحية وأيضاً موجهة إلى القوى التحررية الكردية في باكور كردستان، وهي تحذر وتقول لا تنجروا وراء المعارضة التركية المتصاعدة وبالتالي تصبح التوازنات صعبة بالنسبة لأردوغان في الداخل التركي.
ـ كيف يمكننا الربط بين الحريق وما تعيشه تركيا من تخبط داخلي إقليمي ودولي؟
تركيا أصبحت في مستنقع، وبات من الصعب عليها الخروج منه وباتت متأزمة جداً ولا سيما على الصعيد الداخلي، وحاولت أن تلعب على عدة حبال. الآن تنكشف لعبتها أكثر وبدأت تتعرى أمام الغرب، من خلال مساوماتها الرخيصة واستخدامها ورقة اللاجئين وابتزاز أوروبا واللعب مع الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال المساومة مع الروس وتهديد حلف شمال الأطلسي، نرى كيف تستنجد تركيا بأمريكا، وأمريكا لا تعيرها اهتماماً لكي تربيها وتقول لتركيا تحملي مسؤوليات خططك المناهضة لتحالفك مع الغرب، الذي أنت حليف له منذ أكثر من 50 عاماً.
والروس والأتراك التقوا تكتيكياً في سوريا. ولكن؛ في النهاية الاثنان لهما رؤية استراتيجية مختلفة، الروس منذ اليوم الأول جاؤوا إلى سوريا، وتدخلوا في سوريا على أساس أنها منطقة نفوذ روسية، وجرت عدة تفاهمات في هذه المسألة من اتفاقات لافروف كيري وزير الخارجية الأمريكي السابق وحتى الآن، وكان هناك قبول مبدئي منذ اليوم الأول على تصفية المجاميع المرتزقة، واستخدمت النفوذ التركي والورقة التركية في هذا المجال من درعا وإلى الغوطة وحتى إدلب.
عندما تنتهي هذه النقاط التكتيكية للروس مع أردوغان والنظام الفاشي التركي والذي ساومه على عفرين وكري سبي وسري كانيه، باعتقادي أن هذه الأوراق بدأت بالنفاذ، وبالتالي بات أردوغان متأزماً عسكرياً في الشمال السوري، وهذا زاد من أزمته الخارجية التي تتصاعد بالأساس ولعدة سنوات وباتت الآن في أوجها.
ـ ما الرسائل الموجهة من وراء الحريق للحركة الكردية؟
الرسالة واضحة وتركيا تحاول أن تقول للحركة التحررية الكردية في باكور كردستان لا تنجرّوا إلى المعارضة الداخلية، أنا أملك ورقة الضغط في إيمرالي إذا تحركتم مع المعارضة في الداخل التركي. أستطيع أن أتآمر على إيمرالي والقائد أوجلان، ولا أتحمل أنا مسؤوليتها، قد يكون قضاءً وقدراً قطعاً هذه هي رسالة تركيا للحركة الكردية. خارج تركيا عليكم في روج آفا ألا تفكروا أن تلعبوا على التوازن الموجود بين الأتراك والنظام السوري؛ لأن اتخاذ الموقف إلى جانب النظام مع تركيا يغير هذا التوازن.
ـ كيف يجب أن يتصرف الشعب الكردي والحركة السياسية تجاه ما حصل في إيمرالي؟
في الأساس يجب أن نكون واعين لهذه المسالة وحريق إيمرالي يؤكد على أننا يجب أن نكون يقظين بشكل دائم، القائد أوجلان أسير ورهين لدى نظام فاشي لا يتوانى عن أي شيء. بالنسبة للحركة الكردية يجب أن تكون واعية دائماً لمسالة أن القائد عبد الله أوجلان موجود بين أيدٍ قذرة واستبدادية، وبالتالي علينا دائماً أن نضع الرأي العام العالمي في صورة هذا الوضع، وعلى جماهير الشعب الكردي والحركة السياسية أن تزيد من فعالياتها الجماهيرية، ولا سيما على الساحة الأوروبية وبخاصة مع المنظمات الدولية والمنظمات الحقوقية، والمؤسسات المؤثرة في الرأي العام العالمي.
لا شك أن وراء عمل الفاعل أهداف ورسائل معينة يريد أن يوصلها إلى عدة جهات، هذا الحريق يثير شكوكاً كثيرة، وتُشتم منه رائحة تآمر جديد على أحد أبرز رموز الحركة التحررية ليس في الشرق الأوسط فقط، بل في العالم أجمع. أعتقد أنه إذا حاولنا أن نتعرف على رموز الحركة التحررية باتجاه السلام والمساواة والعدالة سنرى أوجلان في طليعة هذه الرموز. لذلك؛ ليس غريباً أن يتآمر نظام فاشي كنظام حزب العدالة والتنمية على مثل هذا الرمز.
