هل بدأ العدّ العكسي للوجود التركي في شمال سوريا؟!

تقرير/ صلاح إيبو –

بعد أسابيع من التصعيد العسكري في محيط إدلب، دون تقدم ملموس وفق الخطة المرسومة من قبل جيش النظام السوري، عادت المراهنات السياسية إلى السطح، لتعكس صورة ضبابية في العلاقات الروسية التركية، وكأن معركة إدلب لم تكن بين جبهة النصرة وجيش النظام، بل شارك فيها ضامنو آستانا “تركيا وروسيا” بشكلٍ حيث، في إشارة إلى أن المرحلة المقبلة ستحدد مصير الشمال السوري آخر البؤر الإرهابية في سوريا.

في الميدان توقف جيش النظام السوري وحلفائه في جبهات القتال بريف حماة الشمالي بعد إعادة السيطرة على بلدة كفر نبودة التي خسروها بعد هجوم معاكس لهيئة تحرير الشام وبعض الفصائل المدعومة تركياً في إدلب، ويخيم اليوم حذر شديد مرفق بقصف جوي وبري للنظام السوري على ريف إدلب موقعاً العشرات من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين.

وفي تفاصيل المعارك التي دارت خلال الأسبوع الأخير في إدلب، أكدت مصادر محلية من إدلب عن وصول مجموعات مسلحة موالية لأنقرة إلى إدلب قبل الهجوم المعاكس على كفر نبودة، وترافق التحشيد العسكري بوصول معدات وأسلحة نوعية مضادة للدروع، وأخرى مضادة للطيران لم يكشف عن نوعها وطرازها بعد.

هذه التطورات والدعم التركي الشبه العلني الذي تحدثت غالبية الصحف الروسية عنها، وظهرت العديد من المقاطع المصورة والصور التي تبين وجود ذخائر صاروخية تركية بيد جبهة النصرة استهدفت بها قاعدة حميميم ومطار حماة العسكري، تعكس صورة الخلاف التركي الروسي في الملف السوري والذي يرتبط جلياً بتطورات الشرق الأوسط عامةً والعلاقات الأمريكية التركية.

واتهمت كلاً من الحكومة السورية وروسيا الجانب التركي في دعم هيئة تحرير الشام وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، في كلمة ألقاها خلال جلسة لمجلس الأمن حول الأوضاع الإنسانية في سوريا يوم الثلاثاء: “في شهر تشرين الثاني الماضي حظي مسلحو هيئة تحرير الشام بنفوذ في 60% من أراضي منطقة إدلب لخفض التصعيد، فيما ارتفع هذا الرقم حتى أواخر الشهر نفسه إلى 99%”؛ في إشارة واضحة إلى الدور التركي في تسهيل عمل جبهة النصرة “هيئة تحرير الشام”.

وأشار فيرشينين مع ذلك إلى أن “الحديث لا يدور عن عملية واسعة النطاق في إدلب وذلك لن يحدث”، مشدداً على التزام روسيا بالاتفاق المبرم مع دولة الاحتلال التركي حول هذه المنطقة في 17 أيلول 2018، ودعا سيرغي فيرشينين جميع الأطراف المعنية إلى توحيد الجهود، ووجه دعوة إلى أعضاء مجلس الأمن للتفكير في الإجراءات التي يمكن اتخاذها لإنهاء احتجاز ملايين الأشخاص في منطقة إدلب لخفض التصعيد “رهائن لدى الإرهابيين”.

في حين أظهر مندوب سوريا في مجلس الأمن بشار الجعفري صورة لاجتماع قادة فصائل موالية لتركية مع زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني قال الجعفري أن بعضاً من قادة الفصائل المسلحة المدعومة من الحكومة التركية حضور اجتماع آستانا وتابع: “هؤلاء ممنْ يوصفون بالمعتدلين، يجتمعون مع الجولاني”، وتُشير تصريحات الجعفري هذه إلى أن مخرجات آستانا لم تنفذ على أرض الواقع واتهم دولة الاحتلال التركي صراحةً بدعم الإرهاب في إدلب.

 وبالتوازي مع التطورات في إدلب وريف حماة، عادت القوات الروسية لإنشاء نقاط مراقبة في مدينة تل رفعت “شرقي حلب” وقالت مصادر مطلعة أن الهدف الروسي من إعادة إنشاء هذه النقاط غير معروف، لكن يرتبط هذا مع توتر العلاقات التركية الروسية من جانب وثانياً منع حدوث إي اعتداء تركي على تل رفعت في ظل انشغال قوات النظام وحلفائه بمعركة إدلب.

ولا يمكن الفصل بين ملف تل رفعت والشريط المتاخم لعفرين المحتلة من قبل الجيش التركي، عن التطورات السياسية والعسكري في إدلب، إذ قال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في تجمع بالمركز الثقافي الإيراني بالعاصمة دمشق بمناسبة ذكرى وفاة الخماني، أن القرار السياسي والعسكري لإعادة السيطرة على إدلب قد اتخذ، وأشار إلى أن الوجود التركي في سوريا سينتهي إما بالحرب أو السلم.

لكن رغم الإشارات السياسية التي تنبئ بتحرك سوري ضد الوجود العسكري التركي غير المشروع في الشمال السوري، لا توجد خطوات ملموسة على أرض الواقع في هذا السياق، إذ تتابع دولة الاحتلال التركي في تنفيذ مخططاتها بالتغير الديمغرافي في عفرين وباقي المناطق السورية المحتلة، إضافة لتغير معالم المنطقة كاملة واستمرارها ببناء جدار التقسيم في قرية جلبر 6كم شرقي مدينة عفرين، وسط وصول مئات العوائل من منتسبي هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة” إلى عفرين وإعزاز.