السياسة بين الفكر الحر المبدع والثقافة الشاملة والممارسة الديمقراطية

كريم ابراهيم-

بداية لا بد من التذكير بأن الاصالة الفكرية تنشأ نتيجة تجاوب الإنسان الحر لمشاعره الحقيقية وأفكاره الثقافية الشاملة..

السياسة هي فن الإبداع والتحليل واستكشاف خفايا الحقائق التي تتحكم بمصير المجموعات البشرية وانعكاسها على الواقع، وهنا لا بد من التنويه إلى أن العمل السياسي يجب أن يتم ضمن شروط حرية الفكر والرأي والتعبير داخل إطار قانوني يكفل حق حماية الكاتب والمبدع، لكي يتمكن من امتلاك ثقافة جامعة ومعلومات هامة في كافة المجالات الأدبية والعلمية والاجتماعية والتاريخية والقانونية والدينية، تمكنه من الخوض بأي حوار او نقاش يخرج منه منتصراً توصله لمستويات عالمية. ونذكر أن أهم عائق أمام المفكرين والسياسيين هو الاستبداد بكافة أشكاله وخاصة الاستبداد الفكري المتحزب لصالح حزب أو مجموعة سياسية أو نظام سياسي شمولي يعمم فلسفة إقصاء الرأي الآخر، وهذا يُعتبر من أخطر أنواع القمع وكم الأفواه ومصادرة الحريات، وتكون النتيجة دمار اجتماعي واقتصادي وعلمي وثقافي وينعكس سلباً على كل جوانب حياة المجتمع.

يجب التركيز والتذكير على أن المفكر والمثقف والسياسي عليه أن يمتلك رحابة صدر وهدوءاً واتزاناً في الحوار والاستماع للرأي المخالف، لأن الخلاف بالرأي حالة حضارية راقية، وأن يتجنب النزول إلى مستويات الكلام المبتذل والرخيص والابتعاد عن التكرار الممل وعدم نسب أقوال مأثورة ومفاهيم لكتاب ومفكرين عظام لنفسه، مما يُسبب له الوقوع في مطب عدم المصداقية وبالتالي تنكشف حقيقته وتنعدم ثقة القارئ أو المتلقي به.

ولا بد للمفكر أو السياسي أن يكون مهتماً بالشأن الإنساني والوطني العام، ويعتمد على وجدان وضمير عميق يمكنه من الدخول ضمن ساحة السياسة والمعرفة، والأهم من ذلك أن يكون ديمقراطياً بالاستماع لكافة الآراء وجلسات الحوار وأن يكون الهدوء والمنطق العلمي الواقعي والرصانة وعمق التفكير شعاره الذي يرتكز عليه.

والمطلوب من السياسي والكاتب والباحث والمفكر أن يُشاهد كافة قنوات التلفزة ويتابع الأخبار والتحاليل، وأن يطلع على سائر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، سواء انسجمت مع تفكيره أم لا، وبعد ذلك يقوم بالتحليل السياسي الموضوعي ليُعطي سبقاً سياسياً متميزاً بالتحليل السياسي واستكشاف الرؤى المستقبلية، وعليه أن يكون مطلعاً على التجارب السياسية والفكرية للقادة والشعوب في كافة أرجاء العالم وخاصة تلك الشعوب التي تُعاني من العدوان والظلم والقمع والقهر والتخلف الاجتماعي والتبعية الاقتصادية والعسكرية.

لا عيب إن أخطأنا أو فشلنا في مكان ما، إنما العيب يكمن في رفضنا الآخر وعدم قبوله، وأن لا نضيء على مواقع فشلنا أو الخطأ عندنا وننطلق من مقولة “من لا يخطئ لا يعمل”، فالتعلم من الآخرين ومن تجاربهم أرقى حالات النجاح والبحث عن الأفضل.