ظاهرة قتل النساء، إلى متى؟

 هيفيدار خالد-

على الرغم من أنني اتخذتُ قراراً بعدم الكتابة عن ظاهرة قتلِ النساء؛ لأن الكتابة عن حوادث القتلى تؤلمني كثيراً وبخاصةٍ هؤلاء الفتيات اللواتي ما زِلْنَ في ريعان شبابهنَّ ويُقدِمنَ على إنهاء حياتهن؛ إلا أنني تراجعتُ عن قراري وبدأتُ أُرتِّب الكلمات وأصوغُ الجملَ والعباراتِ لرُبَّما أعبِّر ولو بجزءٍ بسيط عن الأسباب التي تقف وراء ظاهرة قتل النساء في مجتمعنا.

أُريد أن أبدأ بهذا الحادثة المؤلمة؛ المكان: شارع منير الحبيب في حي الغربي بمدينة قامشلو في شمال وشرق سوريا، التاريخ: 25ـ2ـ 2021، الحدثُ: انتحارٌ، الضحيَّةُ: شابَّةٌ عمرها 17 ربيعاً، السببُ: مجهولٌ حتى الآن، المُحصِّلة: رسالةٌ بخط أنامل يديها تروي فيها قساوةَ الحياة والعالم الذي جاءت إليه – بالغلط – كما تقول في تلك الرسالة.

تزامنت هذه الحادثةُ الموجعة مع واقعةٍ أخرى، لم تكن بعيدةً من حيثُ المكانُ والزمانُ، هذه المرة رُبَّما تغيَّرَ المكانُ والزمانُ؛ ولكنَّ الحدثَ والضحيَّةَ لم يتغيَّرا، إنها حادثةُ انتحار الطفلة نسرين مُحمَّد من قرية حمَّام تركمان غربيَّ مدينة تل تمر، والبالغةِ من العمر 16 سنةً، حيث أقدمتْ على إنهاء حياتها لأسبابٍ مجهولة أيضاً. نعم، تتكرَّر الواقعات وتتشابه الأحداث وتبقى الضحية امرأةً.

ومن تل تمر وجهتُنا هذه المرة صوبَ مدينة تربه سبيه التي شهدتْ أيضاً حادثةً مؤلمةً يندى لها الجبين وتقشعرُّ لها الأبدان، فقد تعرَّضتْ طفلةٌ في الرابعة من عمرها للتخدير والاغتصاب على يد رجل أربعيني. هذه الحادثة التي أحدثتْ ضجَّةً كبيرةً في المدينة انتهكتْ كُلَّ معايير الأخلاق في المجتمع، جريمةٌ بحقِّ بُرْعمةٍ كانت ستُزدهِرُ في ربيع هذا العام.

ومن أقصى شمال شرقي سوريا وصولاً إلى أقصى شمال غربها، هناك، حيثُ الحادثةُ الأكثرُ وجعًا والتي وقعت في محافظة حماةَ وسطَ سوريا حيث قُتِلَتِ الطفلةُ هند البالغةُ من العمر تسعة أعوام على يد والدها الذي أقدمَ على ضربها بشكلٍ مُبرِّحٍ؛ لأنها لم تقمْ بتنظيف درج المنزل.

ومن سوريا إلى العراق والحكاية والتراجيديا نفسُها، فقد أقدمت فتاةٌ تبلغ من العمر 19 عاماً على الانتحار شنقاً داخل منزلها في قضاء سوق الشيوخ جنوبي مدينة الناصرية وأسبابُ الانتحار خلافاتٌ عائليَّة بحسب إفادة ذويها.

ازديادُ مثل هذه الحالات بكثرة في مجتمعنا مؤخراً، وبشكل شبهِ يومي، حيثُ تتعرَّض فيه الفتاة والزوجة للعنف بالمرتبة الأولى يليها تعرُّضُ الأطفال لكافة أشكال العنف، إنما هو نتيجةٌ لكثيرٍ من الأسباب التي نقوم بتحليلها حتى الآن، منها الأسبابُ الاقتصاديَّةُ، والعاداتُ، والتقاليد التي ما زالت موجودةً في المجتمع وتأسرُهُ بكلِّ أركانه، ومن أهمِّ الأسباب أيضاً انتشارُ ظاهرة وسائل التواصل الاجتماعي التي خلقتِ العديدَ من الأمراض والمشاكل للفرد وخاصَّةً للمرأة، في ظل مجتمعٍ تحكمه العادات والأعراف والذهنية الذكورية المتسلطة.