سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

عندما يثمر كدح حاملات الخبز والورود

بيريفان خليل-

صورة النساء وهن حاملات باقات من الزهور وفتات من الخبز اليابس تظهر في مخيلة كل واحدة تبحث عن تاريخ اليوم العالمي للمرأة، هذا اليوم الذي نقش بجهود عاملات طالبن بحقوقهن في تخفيض ساعات العمل ومنح المرأة حق الاقتراع، وبشعار “خبز ورود” جابت الكادحات شوارع نيويورك ليواجهن قمع الشرطة هناك، فلم يكن الاستسلام نهاية لمقاومتهن بل تحدين ذلك بمزيد من الإصرار ليدفعن ذلك السياسيين للنظر في قضية المرأة العاملة وتتغير الموازين، ليصبح الثامن من آذار بعدئذ عام 1909 يوم يحتفل به النساء كيوم عالمي تتوج بها المرأة إنجازاتها وتقدمها وتجني ثمار كدحها خلال السنة.
اليوم ونحن في القرن 21 ولدى بحثنا عن تاريخ اليوم العالمي للمرأة نجد بأن نساء شمال وشرق سوريا هن أكثر نساء العالم جدارة في أن يتوجن هذا العام بتاج النصر كنساء أثمرت البذرة التي زرعنها في تربة العطاء، نساء حطمن قيود العبودية والعادات والتقاليد البالية، نساء اجتزن الطريق الوعر الذي رسمه المجتمع للمرأة في مجتمع شرقي يجعل من ذوي الذهنية الذكورية الآمر الناهي، نساء حملن الفكر الحر في تطبيقهن العملي، نساء عبرن عن مطالبهن بشعارات “سيتحرر المجتمع بتحرير المرأة، المرأة نصف المجتمع وتدير النصف الآخر، المرأة الحرة صانعة التاريخ” كل تلك العبارات زرعت الأمل والإصرار في قلوبهن وبذلك بنين الأساس والقاعدة العظمى لواقع يناضلن من أجله.
فأصبحت تلك العبدة والمسجونة امرأة تقاتل وحشية أشرس القوى التي ظهرت خلال الأزمة السورية “داعش”، تحولت المرأة السجينة إلى امرأة تدافع عن حقها في المشاركة في الرأي بكل ما يخص موطنها، تضع الحلول للأزمة السورية على طاولة الرأي العام، امرأة تحمي ذاتها وشعبها بحملها سلاح الفكر والحرية لتواجه به الضغوطات، امرأة آزرت أختها العربية والسريانية والأيزيدية والآشورية.
كل تلك الإنجازات كانت بمساعي وقيادة المرأة الكردية التي حملت على عاتقها قيادة ثورة حقيقة وتاريخية في شمال وشرق سوريا، ثورة نسائية جمعت العربيات والسريانيات والأيزيديات والآشوريات والأرمنيات إلى جانب أخواتها الكرديات لتجعل من إرادتها وإصرارها طلقة بصدور الغزاة ودعاة الفكر الدوغمائي، وبذلك جعلن كل يوم من أيام السنة يوماً عالمياً يقاومن فيه من أجل حقوقهن في وسط اتخذ من مبدأ السلطة والعنف أساساً له.
ورغم كل ما ذكرناه إلا أنه يتوجب علينا ألا ننسى بأن ميراث المرأة في شمال وشرق سوريا يجب أن يتحول إلى منارة تنير درب جميع نساء العالم، لذا فهي بحاجة إلى المزيد من الانتصارات لتتوج بها كل يوم تحت عنوان النصر لتكون الأيام القليلة المقبلة تاريخ النصر على المفهوم الذكوري، عام الانتصار على الأقنعة المزيفة، وعلى الرأسمالية، فليكن شعارنا “النصر دوماً في سبيل الحرية، لا حياة بدون المقاومة”.