عن ظاهرة زواج القاصرات

هيفيدار خالد-

عن ظاهرة زواج القاصرات

انتشرت في الآونة الأخيرة وبكثرة ظاهرة زواج القاصرات في العالم لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وبشكلٍ خاصٍّ في البلدان التي تشهد حروبًا وصراعاتٍ متكررة، حيث شهدت كل من سوريا والعراق واليمن حالات عديدة لزواج القاصرات، إضافةً إلى عدة دول أخرى.

هذه الظاهرة التي تضر بالمرأة في الدرجة الأولى وبالرجل ثانياً، أصبحت تشكل عبئاً كبيراً على المجتمع؛ نتيجة ما تسببه من أضرار على الفتاة القاصر، كالأمراض النفسية والصحية وخاصّةً أنّها في هذه الفترة من عمرها لا تستطيع أن تتحمل كل ما تتعرض له من ضغوطات.

كما أن لهذه الظاهرة المنتشرة بكثرة العديد من الآثار التي تؤثر سلباً على الأسرة والمجتمع على حدٍّ سواء، إذ إن الفتاة في هذه الفترة العمرية لا تكون مهيأةً من الناحية النفسية والثقافية والعقلية والجسدية للقيام بمسؤوليات الزواج وخاصةً تربية الأطفال ورعايتهم وبالتالي حمايتهم وحماية نفسها وأسرتها.

فهذا النوع من الزواج لطالما أجبر الفتاة على أن تحمل أعباء ليس لديها القدرة عليها وخاصة من ناحية القيام بالدور المنوط بها. من هنا نستطيع القول أن هذا الزواج، أي الزواج المبكر، انتهاكٌ بحق الفتاة واعتداءٌ صارخٌ على كرامة الطفل، ذلك أنه من باب فقر الأخلاق، إذ يمثّل جريمة بحق المرأة وحتى المجتمع أيضاً.

بالطبع معظم حالات الزواج المبكر في المجتمع تكون إما نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة أو نتيجة القضايا الاجتماعية والعادات التقاليد البالية التي تُفرَضُ على المرأة في المجتمع. وفي هذه الحالة المرأة هي من يدفع فاتورة كل المصاعب والمشقات والمعاناة التي تتعرض لها بشكل شبه يومي في حياتها، لذا يجب الحد من هذه الظاهرة التي تنخر في المجتمع وذلك من خلال العمل على محاربتها من الآن فصاعداً.

على جميع المؤسسات الحقوقية والإنسانية والمختصة بقضايا المرأة والأطفال في المنطقة، النضال لمكافحة هذه الظاهرة المتفاقمة في المجتمع، وخضوع جميع النساء لدورات تدريبية وتوعوية وبناء حياة عامرة بروح الحرية والحياة والمساواة بعيداً عن براثن كل الأنظمة العبودية والمتسلطة والإقطاعية والرأسمالية، والعمل بشكل كثيف من أجل المساواة والحرية والديمقراطية الجذرية والسلام الأبدي، والقضاء على كافة أنواع العنف والانتهاكات الصارخة التي يتعرض لها هؤلاء الفتيات في مجتمعنا.

فالمرأة اليوم تمتلك قدرةً ووعياً كبيراً في التنظيم ما يخولها القيام بكل ما يقع على عاتقها في شتى المجالات الحياتية، إلا أن هذه الممارسات التي تنتهك في حقها وخاصةً ظاهرة زواج القاصرات التي تعتبر وأداً لروح الشبيبة، قد تقف حجر عثرة في طريقها نحو تغييرات جذرية في الأسرة والمجتمع وبناء حياة حرة بعيداً عن كل ما تتعرض له اليوم.