شريعة الغاب وحوادث الاغتصاب

هزت حادثة الاغتصاب الجماعي بحق الفتاة المغربية القاصر “خديجة” أركان المجتمع المغربي والعالم أجمع، وتناولت وسائل الإعلام العربية والعالمية موضوع هذه الفتاة التي اعتدى عليها عدد من الشبان بعد اختطافها واحتجازها لمدة شهرين والتناوب على اغتصابها والتنكيل بها ووصفته بالجريمة الوحشية واللاإنسانية.

باتت جرائم الاختطاف والاغتصاب بحق الفتيات والنساء وبخاصةٍ القاصرات منهن ظاهرةً منتشرة وبكثرة في أنحاء العالم كافةً، وهذه الظاهرة بكل بشاعتها؛ هي بحد ذاتها تأكيد على استمرارية الذهنية الذكورية السلطوية في معظم مناطق العالم، وإن دل انتشار هذه الظاهرة على شيء فإنما يدل على مدى رجعية هؤلاء الرجال المغتصبين الذين تتحكم بهم غرائزهم الجنسية وتقودهم إلى هذا التصرف اللاأخلاقي والذي تبغضه المجتمعات على اختلاف أديانها وأعراقها، فأين الحكومات والقوانين الدولية من تلك الظاهرة؟!.

حسب علماء النفس؛ فإن القليل من الرجال هم الذين يرتكبون جرم الاغتصاب بقصد “المتعة الجنسية”، بينما الباقون يرتكبون جريمة الاغتصاب معاداةً للمجتمع أو بسبب الخوف أو كره النساء، وأحياناً أخرى انتقاماً من عائلاتهن بهدف إذلالهم.

إن كل تلك الحالات الآنفة الذكر تنطبق على أفعال داعش وعناصر المرتزقة والجماعات المسلحة والعصابات المتكالبة الموجودة في المدن السورية.

ولنكون منصفين قليلاً بحق الإنسانية يتوجب علينا الوقوف عند تلك الحادثة التي أسمعت صداها أصقاع العالم بأسره، وأبدى الرأي العام العالمي والمنظمات الحقوقية والمنظمات النسائية استنكارهم لهذه الممارسات والعنف بحق المرأة المغربية، ومقارنتها بما حصل لنساء شنكال المختطفات اللاتي يقدرن بالآلاف ومورس بحقهن كل أشكال التعذيب والاغتصاب والعنف، ويتم بيعهن في أسواق النخاسة على مرأى ومسمع العالم، ولا ننسى عمليات الاختطاف والاغتصاب الأخرى التي جرت وما زالت تجري بحق النساء في عفرين، كما لا ننسى اختطاف النساء في السويداء جنوب سوريا، واللاتي مازال مصيرهن مجهولاً، وهناك الكثير من الأمثلة والكثير من المناطق السورية التي تتعرض فيها المرأة للعنف والاغتصاب والممارسات اللاأخلاقية واللاإنسانية، وهنا يتوجب علينا السؤال؛ هل تناقلت تلك الوسائل الإعلامية وضع المرأة السورية والانتهاكات التي تمارس بحقها بالشكل المطلوب؟ وهل قامت أيٌ من المنظمات الحقوقية بالتحقيق في ما جرى لنساء شنكال على إثر الفرمان الداعشي؟.

قد يظن القارئ للوهلة الأولى أنني لا أشعر بمدى بشاعة ما حصل بحق تلك الفتاة المغربية، أو أنني أتحيز للمرأة السورية أو الكردية، لكنني هنا؛ أخاطب ضمير الإنسانية التي غُيِّبت ولم تحرِّك ساكناً من أجل هذا العدد الكبير من النساء المغتصبات دون أن تهز ضمائرهم، أليس من الجدير بالمنظمات الحقوقية والإنسانية التحرك والاهتمام أكثر بهذه الحالات والحد من هذه الظاهرة البشعة؟ أليس من الجدير أيضاً محاسبة هؤلاء المغتصبين وتنفيذ أقصى العقوبات والأحكام بحقهم؟.

إن اغتصاب أي امرأة في أي بلد هو انتهاك وجريمة بحق كل نساء العالم، وعلى المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي التحرك بشكلٍ جادٍ وفوري للحد من هذه الظاهرة المتفاقمة التي تهدف إلى كسر إرادة المرأة وسلبها حريتها وحقوقها، وعلى الحركات والمنظمات النسائية وبخاصة التحرك بكل قوتها للحد من تلك الممارسات بحق النساء، وعليهن التكاتف والتعاضد واستنكار تلك الانتهاكات بحق المرأة في كل مكان من العالم. لذلك أدعو جميع نساء العالم للانتفاض والثورة ضد شريعة الغاب الوحشية التي يقودها ذوو الذهنية الذكورية الرجعية المتسلطة بحق المرأة.