حنان عثمان: الاستفزازات الروسيّة محاولة فاشلة لإرضاخ الإدارة الذاتية

بينت رئيسة رابطة نوروز الثقافية والاجتماعية في لبنان حنان عثمان بأنه من أخطر الدول تدخّلت بالشأن السوري منذ بداية الأزمة في سوريا كان وما زال التدخّل التركي، حيث لعبت تركيا دوراً سلبياً وعملت على إطالة الأزمة بشتى الوسائل لتحقيق أجنداتها،  وأكدت بأن هدف تركيا من الهجمات الأخيرة على عين عيسى هو احتلال شمال وشرق سوريا بكامله وإفشال المشروع الديمقراطي الذي يحمله (مسد) والإدارة الذاتية.

جاء ذلك في حوارٍ أجراه آدار برس معها والحوار جاء على الشكل التالي:

-هناك من يتحدّث عن أن روسيا طالبت قوات سوريا الديمقراطيّة بتسليم مدينة “عين عيسى” للنظام السوري تجنّباً لعدوان عسكري تركي، كيف تقرؤون الوضع في عين عيسى؟

منذ بداية الأحداث في سوريا، قامت العديد من الدول بالتدخّل، ومن أخطر هذه التدخلات كان وما زال التدخل التركي، حيث لعبت تركيا دوراً سلبياً من كافة الجوانب، وأتت تدخلاتها نتيجة لعلاقاتها مع روسيا، وضمن أطر واتفاقيات (آستانا وسوتشي) التي عُقدت بين الجانب التركي والروسي والإيراني، وبسبب تغاضي أمريكا والمجتمع الدولي، احتلت تركيا مدن عفرين وسري كانيه وكري سبي وجرابلس والباب وإدلب.

خلال فترة هجمات تركيا ومرتزقتها على سري كانيه وكري سبي، تم عقد اتفاقيتين مع أمريكا وروسيا، ونصت على انسحاب قوات سوريا الديمقراطية من سري كانيه وكري سبي/ تل أبيض مسافة 30 كيلو متر مقابل توقف الهجمات العدوانية التركية، الآن ومع أن عين عيسى تبعد مسافة 32 كيلومتراً عن الحدود، نرى هجمات للمرتزقة بتمهيد مدفعي تركي على شرق عين عيسى للسيطرة على الطريق الدولي أولاً ومن ثم القيام بقطع الأوصال بين المدن تمهيداً لاحتلالها.

طبعاً الهجمات والاحتلالات التركية ما كانت لتحدث لو لم تحصل تركيا على الضوء الأخضر من روسيا وأمريكا، وأعتقد أنه حتى الآن لا يوجد ذلك الضوء بشكل مباشر، صحيح أن الروس يضغطون باتجاه تسليم عين عيسى إلى النظام، لكن هذا الطلب غير واقعي بوجود اتفاقيات ملزمة لروسيا بحماية المنطقة، وأن هذه المدينة تقع خارج الـ 30 كيلو متر المتفق عليها عبر الاتفاقات المبرمة بين تركيا والأطراف الضامنة، وصحيح أن هناك ابتزازات جدية تمارسها روسيا على الإدارة الذاتية، لكنها غير فعالة، كون قسد تستطيع إفشال هجمات المرتزقة ومدفعية الجيش التركي، ما لم يكن هناك عدواناً جوياً.

ـ برأيكم، ما الخطوات التي ينبغي أن تقوم بها الإدارة الذاتية بشأن ما يحدث في عين عيسى، وسط وضوح الموقف الروسي وغموض الموقف الأميركي؟

الإدارة الذاتية منذ تأسيسها من قبل شعوب شمال وشرق سوريا، وكذلك مجلس سوريا الديمقراطية، أرادوا حل الأزمة السورية بالطرق السياسية والسلمية وعبر الحوار، ومما لا شك فيه أن لدى الإدارة الذاتية مجتمعها المنظم والقادر على المقاومة ضمن كافة الظروف، كما أن قواتها العسكرية التي هزمت داعش بالتعاون مع التحالف الدولي، قادرة على الدفاع عن مناطقها إذا لم يكن هناك فارق كبير في القوى، ومقاومة عفرين وسري كانيه خير دليل على عظمة المقاومة.

يُضاف إلى ذلك، أن هناك علاقات صداقة وتعاطف وعلاقات سياسية ودبلوماسية للإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية مع أغلب مراكز القوى العالمية وهذه العلاقات وصلت إلى درجة مقبولة، إلى جانب الأوراق الداخلية والخارجية التي تمتلكها الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية والتي تجعل من الضوء الأخضر اللازم لتركيا لاحتلال مناطق جديدة غير متوفر حسب الظروف السياسية الراهنة.

وأعتقد أن هناك اتصالات جارية مع روسيا وأمريكا في هذا المجال، وربما يكون هناك اتفاقية بين روسيا وقسد والنظام ترضي الجميع وتحول دون احتلال تركيا لناحية عين عيسى.

ـ كيف تقرؤون مستقبل مناطق الإدارة الذاتية في ظل التهديدات التركيّة المتواصلة؟

التهديدات التركية مستمرة منذ بداية ثورة روج آفا، ولن تنتهي بمجرد احتلال مدينة أو منطقة، فهدف تركيا هو احتلال شمال وشرق سوريا بكامله وإفشال المشروع الديمقراطي الذي يحمله مجلس سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، وهجمات تركيا لم تتوقف حتى مع العديد من إعلانات وقف إطلاق النار، وهي تريد ضرب مكتسبات شعوب شمال وشرق سوريا وإنهاء الوجود الكردي والقيام بعمليات التغيير الديموغرافي كما يحصل في عفرين وسري كانيه وغيرها من المناطق الأخرى.

لا أعتقد أن يكون هناك تسليم لأي منطقة، لأن قوات سوريا الديمقراطية حررت هذه المدن بتضحيات أبناء وبنات المنطقة، ودخول روسيا والنظام على الخط كان لمهمة محددة وهي وقف الهجمات، وبما أن روسيا الراعي الفعلي للنظام فهي ستحاول العمل حسب مصالحها من أجل بسط وتعزيز نفوذه، لكن حتى النظام غير قادر فعلياً على السيطرة على عدة مناطق في الظروف الراهنة.

تركيا وروسيا تحاولان الاستفادة من الفترة الزمنية الانتقالية في الإدارة الأمريكية، إلا أن الطرفين لا يملكان المبرر الذي سيُقنعون به العالم، لا سيما بعد ما شاهدناه من تعاطف دولي مع قوات سوريا الديمقراطية أثناء احتلال تركيا لسري كانيه وكري سبي، الإدارة الذاتية أصبحت اليوم واقعاً، رغم احتلال عفرين سري كانيه وكري سبي/ تل أبيض، خصوصاً مع تزايد الضغوط والعقوبات الدولية على تركيا بسبب تصرفاتها الاستفزازية وسلوكها الأحادي غير المقبول.

ـ كيف تُقيّمون الحوار الكردي – الكردي وما تم التوصل إليه من نتائج حتى الآن؟

لاشك أن الوحدة الكردية مطلوبة، وهي أحد الأهداف الأساسية والاستراتيجية لشعبنا منذ سنوات عديدة، ونحن نؤيد الجهود التي تصب في خدمة هذه الوحدة، وقد أكدنا موقفنا ككرد لبنان في مناسبات عديدة بهذا الخصوص، الحوار الكردي – الكردي خطا خطوات مهمة، لكن ربما الفترة الانتقالية في الإدارة الأمريكية أوقفته لفترة، وحسب التصريحات من قبل الطرفين الكرديين، فالحوار سيستمر قريباً.

ونود القول إن من بين الأسس الرئيسية للوحدة هو الموقف من المحتل التركي ومرتزقته والسعي لتحرير المناطق المحتلة بكافة الوسائل، فالوقوف مع تركيا وإقامة العلاقات معها وزيارة قبور المرتزقة غير مقبول لا سياسياً ولا أخلاقياً، كما أننا نرى أن الوحدة يجب أن تكون شاملة، نحن ضد الاقتتال الكردي – الكردي بأي شكل من الأشكال، ويمكن للقوى الكردية حل كافة الأمور العالقة بالمفاوضات والنقاش والحوار، وفي الختام نتمنى أن يحمل العام القادم السلام والأمن لشعوب المنطقة عامة ولشعبنا الكردي الحرية والوحدة التي طالما حلمنا ببلوغها.