في المرحلة الراهنة يتم التحدث عن الكثير من نظريات المؤامرة التي تدور حول سياسات الدول الرأسمالية العظمى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، ألمانيا، والقوى التي تتستر خلف هذه الدول.
اليوم يتم الحديث عن جيل جديد من فيروس كورونا أكثر خطورة من بداية ظهوره حسب الإعلام الغربي، وقد نشرت بعض وسائل الإعلام أنباء عن انتشاره في كل من الولايات المتحدة، بريطانيا، هولندا وألمانيا، في الوقت الذي تتناقل فيه مواقع عبر الإنترنت والقليل من قنوات التلفزة، أن اللقاح الذي تم إيجاده، ما هو إلا وسيلة لمعالجة إحدى أهم قضايا العصر على الكرة الارضية تعقيداً ألا وهو التضخم السكاني المتسارع مع بداية القرن الواحد والعشرين.
تتمحور هذه النظريات حول أن المرض واللقاح بحد ذاته يهدفان إلى الحد من الزيادة السكانية على وجه الأرض والتي تجاوزت سبعة مليارات نسمة، في الوقت الذي تعاني فيه العديد من الدول من نقص الموارد الإنمائية وسوء التغذية وعلى وجه الخصوص دول العالم الثالث، انحسار الموارد الزراعية، ازدياد الجفاف، التصحر، ونقص الموارد المائية، ضاعف من تأزم هذه المشاكل.
تذكرت أنني قرأت كتاباً في مرحلة الدراسة الثانوية، يتحدث عن باحث اقتصادي وقسيس من المذهب الإنكليغكاني الإنكليزي وهو توماس روبرت مالتوس، ولد في 14 شباط عام 1766 – وتوفي في الـ 23 من كان الاول من عام 1834) هو باحث سكاني واقتصادي سياسي إنجليزي، وهو مشهور بنظرياته حول مواجهة الزيادة السكانية على الأرض، صاغ مالتوس نظريته الشهيرة في كتاب نشره لأول مرة عام 1798 بصفة مجهولة دون ذكر اسم الكاتب، ويحمل عنوان “مقالة حول مبدأ السكان”. وتبحث هذه النظرية حول وتيرة التكاثر الديمغرافي (السكاني) وهي أسرع من وتيرة ازدياد المحاصيل الزراعية، ولا تتناسب مع قلة مصادر الغذاء المتوفرة وزيادة الاستهلاك، أي أن الزيادة السكانية، لا تتناسب مع نقص الموارد الغذائية والإنمائية، وبذلك ضعف القدرة الشرائية لدى العديد من الشعوب، وهذا من شأنه أن يؤدي في المحصلة إلى اختلال التوازن في عدد السكان من جهة، وإنتاج الغذاء من جهة أخرى، مما ينذر بمشاكل اقتصادية واجتماعية خطيرة من فقر وجوع، وبروز لظواهر مجتمعية سيئة كالتشرد والتسول واحتراف النصب والسرقة.
ويرجع السبب في حصول هذه الفجوة بحسب مالتوس إلى أن البشر يتكاثرون كل 25 سنة وفقاً لمتتالية هندسية (1، 2، 4، 8، 16، 32… إلخ)، أي أن أعداد السكان ستتضاعف بعد كل ربع قرن، وستستمر في الزيادة إلى ما لا نهاية ما لم يقف عائق أمام هذا النمو (مجاعات، حروب، أوبئة، كوارث طبيعية، تنظيم النسل).
افترض مالتوس أن الحروب، الكوراث البيئية، الأوبئة الناجمة عن الأمراض الخطيرة، قد تساعد البشر في تحديد وتنظيم النسل والحد من زياة النسل، وبذلك يخفف العبء على الاقتصاد والناتج الغذائي لدى المجتمعات البشرية.
الغريب في شخصية هذا الباحث الاقتصادي، أنه من قساوسة المذهب الإنكليغكاني في بريطانيا، حسب بعض المصادر التاريخية، المحدوة الانتشار، أن اغلب قساوسة المذهب الإنكليغكاني ينحدرون من أصول يهودية، اليهود الذين تعرضوا للقمع والمجازر على يد الكنيسة الكاثوليكية ومحاكم الإنكزاسيون في إسبانيا وإيطاليا في الفترة بين القرن الخامس والسادس عشر، حيث هاجر الصرافة والتجار اليهود مع عوائلهم إلى البلدان الإنكلوسكسونيا (بريطانيا- هولندا- ألمانيا وبعض البلدان الإسكندنافية).
ما هو معروف أن الثورات البرجوازية القومية في كل من هولندا وإنكلترا بدأت في نهايات السادس عشر وبدايات السابع عشر الميلادي، أوروبا آنذاك كانت رازحة تحت سلطة الكنيسة الكاثوليكية الإقطاعية والتي كانت تتمركز في إيطاليا وإسبانيا، أولى الثورات البرجوازية القومية في اوروبا بدأت في هولندا وبريطانيا. ولإضعاف سيطرة الكنيسة الكاثوليكية، كان لا بد من إنشاء المذاهب البروستانتية والإنكليغكانية الإصلاحية للدين المسيحي، وترجمة الكتاب المقدس (الإنجيل) إلى اللغات القومية لهذه البلدان، لهذا تسلل العديد من الشخصيات اليهودية بشكل خفي إلى هذه المذاهب، كان هؤلاء رواد وقادة لنشر تعاليم ومبادئ هذه المذاهب الإصلاحية التي مهدت لنشوء النظام الليبرالي الأوروبي فيما بعد والذي ما يزال مستمراً لوقتنا الراهن. ينحدر مالتوس من هذه الطائفة، وإن دعوته لهذه النظرية المناهضة لكافة المعايير الإنسانية الكونية وحتى جوهر العديد من الأديان السماوية بشكل خاص، تشد الإنسان إلى التفكير بماهية هذه النظرية، ومدى امتدادها إلى عصرنا الراهن، ما هي المخططات التي يتم وضعها من خلال الدول الرأسمالية العظمى، وماذا تنوي من خلال نشر الذعر من وباء كورونا أو نشر أنباء صلاحية وسلامة هذه اللقاحات الجديدة واستخدام وسائل الإعلام ومواقع التواصل عبر الإنترنت التابعة لها للترويج لها.
لقد تناقلت وسائل وقنوات التلفزة العالمية التابعة لها في الآونة الأخيرة أنباء عن تلقي مايك بنس المتحدث الرسمي باسم البيت الابيض، للقاح الجديد ضد فيروس كورونا (كوفيد 19)، وأيضاً تلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام كاميرات التلفزة العالمية لهذا اللقاح، كما تناقلت الأنباء عن تلقي مسؤول فرنسي رفيع المستوى لهذه اللقاح، وإن هذا يثير التساؤلات والشكوك أكثر لدى العديد من الأوساط الاجتماعية في هذه البلدان وحتى جميع أنحاء العالم.
بالطبع لا يمكن الجزم بصحة هذه اللقاحات أو عدمها، وحتى لا يمكن أن نجزم أن هذه الشخصيات السياسية القيادية في هذه البلدان، قد تلقوا فعلاً لقاح كرونا الجديد المسمى بفايزر أو اللقاحات الأخرى، ما زالت نظريات المؤامرة تشير بأصبع الاتهام للدول العظمى في العالم، وارتباطها بنظرية مالتوس المعروفة في مواجهة الزيادة السكانية في العالم، صحة أو نفي هذه الفرضيات ستظهره المراحل الآتية وما تخبئه الأعوام القادمة، وإن غداً لناظره لقريب.
