روناهي/ قامشلو ـ أُسِّس حزب العمال الكردستاني عام 1978، ومنذ التأسيس وحتى يومنا هذا، عقد 12 مؤتمراً كان آخره في أيار عام 2025، المؤتمرات التي عقدت على مدار 52 عاماً، كان لها دور أساسي في تقييم وتطوير الحزب وجوهر أعماله، بحيث يتماشى مع المراحل التي مر بها، لقد مثلت تلك المؤتمرات انعطافا هاما في مسيرة الحزب من الجوانب كافة، وأحدث كل مؤتمر على حدة تحولات جذرية وحسب مقتضيات الحاجة، في الفكر، والتنظيم، والاستراتيجية.
والمؤتمر الثاني عشر؛ كان الأشمل في قراراته وجاء في وقت حساس ومصيري للشعب الكردي، وشعوب المنطقة، حيث حول الحركة الثورية المسلحة، إلى فكر حر سلمي وديمقراطي، مستجيباً لنداء القائد عبد الله أوجلان، التاريخي، حول السلام والمجتمع الديمقراطي، منهياً بذلك الحرب والصراع إلى عملية السلام التي لا بد أن تؤتى ثمارها.
قرارات هامة ومصيرية
وحول نتائج المؤتمر الثاني عشر، لحزب العمال الكردستاني، أدلى ديوان المؤتمر بياناً إلى الرأي العام، جاء في نصه: “بدأت عملية السلام التي أطلقها القائد عبد الله أوجلان ببيانه في 27 شباط، ونتيجة لذلك، عقدنا مؤتمر حزبنا الثاني عشر، بنجاح في الفترة من الخامس إلى السابع من أيار، بناءً على أعماله المتنوعة والمنظورات التي قدمها بأساليب مختلفة”.
وأوضح البيان: “عُقد مؤتمرنا في ظل ظروف صعبة، حيث تستمر الاشتباكات، والهجمات الجوية والبرية، والحصار على مناطقنا، وتستمر العقوبات التي يفرضها الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكننا نجحنا في عقده، ونظراً لأسباب أمنية، تم عقده في منطقتين مختلفتين بشكل متزامن، وشارك فيه 232 مندوباً، حيث ناقش المؤتمر قضايا القيادة، والشهداء، والمحاربين القدامى، والحالة التنظيمية، وأسلوب النضال المسلح، وبناء المجتمع الديمقراطي، واتخذ قرارات تاريخية تعبر عن دخول حركة الحرية إلى مرحلة جديدة، وإنهاء الأعمال التي تُجرى باسم الحزب العمالي الكردستاني”.
وتابع البيان: “قيّم المؤتمر الاستثنائي الثاني عشر للحزب، وأكد أن نضال الحزب قد حطم سياسات الإنكار والإبادة ضد شعبنا، وأوصل قضية الكرد إلى نقطة الحل عبر السياسة، والديمقراطية، وبهذا الشكل أكمل الحزب مهمته التاريخية، وعليه، قرر المؤتمر حل الهيكلية التنظيمية للحزب، وإنهاء أسلوب النضال المسلح، وكل ذلك تم بإدارة وتنفيذ من القائد عبد الله أوجلان، وبالتالي إنهاء الأعمال التي تُجرى باسم الحزب”.
وأكمل البيان: “ظهر حزبنا على مسرح التاريخ، حركة حرية ضد سياسات الإنكار، والإبادة، النابعة من معاهدة لوزان ودستور 1924، لقد تأثر الحزب في نشأته بالاشتراكية الواقعية، وتبنى مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، ونفذ نضالاً مشروعاً وعادلًا بناءً على استراتيجية النضال المسلح، وتشكل الحزب في ظل ظروف صعبة، حيث تم إنكار حقوق الكرد، ومورست بحقهم سياسات الإبادة الجماعية، والتطهير الثقافي، منذ عام 1978، ناضل الحزب من أجل الحرية، وأثر على قبول وجود الكرد، وجعل قضيتهم أساسا للحلول في تركيا، ونتيجة لنضاله الناجح، حقق ثورة الانبعاث، ليصبح رمزاً وأملاً لشعوب المنطقة في الحرية، وفي تلك الأوقات ظهرت مساعي الرئيس التركي، تورغوت أوزال، لحل قضية الكرد سياسياً”.
مبادرات السلام المستمرة
وأردف البيان: “استجاب القائد عبد الله أوجلان، لهذه المساعي بإعلان هدنة في 17 مارس 1993، وبدأ عملية جديدة، لكن التأثيرات الثقيلة للاشتراكية الواقعية، والتوجهات العصابية المفروضة على الحرب آنذاك، وإقصاء الدولة العميقة، لتورغوت أوزال وفريقه، والإصرار على سياسات إنكار وإبادة الكرد، وتصعيد الحرب، أدت إلى فشل عملية السلام تلك، وبعدها تم إخلاء وإحراق آلاف القرى، وتشريد ملايين الكرد، وتعرض عشرات الآلاف للتعذيب، وأُلقوا في السجون، وقُتل الآلاف عن طريق فاعل مجهول”.
ولفت البيان: “في المقابل، تطورت حركة الحرية كماً ونوعاً، وانتشرت حرب العصابات في كردستان وتركيا، تحت تأثيرها، انتفض الشعب الكردي في كل مكان، وهكذا، أصبحت الحرب الخيار الأساسي لكلا الطرفين، ومع استمرار هذه الحرب، كان للقائد عبد الله أوجلان جهود كبيرة لإنهائها، وحل قضية الكرد بطرق ديمقراطية وسلمية”.
وشدد البيان: “إعادة تنظيم العلاقات الكردية – التركية أمر لا مفر منه، وانتقلت العملية إلى مرحلة مختلفة مع المؤامرة الدولية في 15 شباط 1999، ولكن بفضل التضحيات الكبيرة التي قدمت، وجهود القائد عبد الله أوجلان الكبيرة، على الرغم من احتجازه في نظام التعذيب والإبادة في إمرالي، واصل إصراره على حل القضية الكردية بطرق ديمقراطية وسلمية، على مدى 27 عاماً، قاوم العزلة المطلقة، ونظام الإبادة في إمرالي، وبذلك تم إفشال المؤامرة الدولية، وحلل النظام السلطوي – الدولتي الذكوري، وطور نموذج المجتمع الديمقراطي، البيئي، وحرية المرأة، والدفاع عن الشعوب المضطهدة، واستند القائد عبد الله أوجلان، إلى ما قبل معاهدة لوزان، ودستور 1924، اللذين تسببا في إشكالية العلاقات الكردية – التركية، وتبنى منظور الوطن المشترك، وجمهورية تركيا الديمقراطية، التي يشكل فيها الشعبان الكردي والتركي مقومات تأسيسية، وفهم الأمة الديمقراطية كإطار لحل القضية الكردية”.
وأشار البيان: “أظهرت الانتفاضات الكردية خلال تاريخ الجمهورية، والديالكتيك التاريخي للعلاقات الكردية – التركية، على مدى ألف عام، ونضال القائد عبد الله أوجلان، لمدة 52 عاماً، أن حل قضية الكرد يكمن في الوطن المشترك، والمواطنة المتساوية، كما أن التطورات الحالية في الشرق الأوسط في إطار الحرب العالمية الثالثة، تجعل إعادة تنظيم العلاقات الكردية – التركية أمراً لا مفر منه، وشعبنا سيفهم قرار حل الحزب، وإنهاء النضال المسلح، وسيتبنى مهامه القادمة، وشعبنا شارك في مسيرة القيادة والحزب، على مدى 52 عاماً، ودفع أثمان باهظة، وقاوم سياسات الإنكار والإبادة الجماعية، والتطهير الثقافي، وسيتعاطى مع عملية السلام، وبناء المجتمع الديمقراطي، بوعي وتنظيم أكبر، ونحن مؤمنون بأن شعبنا سيفهم قرار حل الحزب، وإنهاء النضال المسلح بوعي تام، وسيتبنى مهام فترة النضال الديمقراطي بناءً على عملية السلام، والمجتمع الديمقراطي”.
النساء والشباب هما الأساس
وأكد البيان: “من الضروري أن يشكل شعبنا، بقيادة النساء والشباب، منظماته الذاتية في مجالات الحياة، وأن ينظم نفسه على أساس الاكتفاء الذاتي، والنضال من أجل لغته، وهويته، وثقافته، وأن يصبح قادراً على الدفاع عن نفسه ضد الهجمات، وأن يبني المجتمع الديمقراطي الجماعي بروح التعبئة، وعلى هذا الأساس، نؤمن أن الأحزاب السياسية الكردية، والمنظمات الديمقراطية، ورواد الرأي سيفون بمسؤولياتهم في تطوير الديمقراطية بين الكرد، وتحقيق مشروع الأمة الديمقراطية”.
واستطرد البيان: “ستتطور ميراث تاريخنا الحر، المفعم بالنضال والمقاومة، بقوة أكبر من خلال قرارات المؤتمر الثاني عشر للحزب، عبر ممارسة أسلوب السياسة الديمقراطية، وعلى أساسه سيتطور مستقبل شعوبنا في الحرية والمساواة، الطبقة الفقيرة والعاملة من شعبنا، والطوائف الدينية، والنساء، والشباب، والعمال، والفلاحين، والكادحين، وجميع القطاعات التي همشت، ستدافع عن حقوقها في عملية السلام، وبناء المجتمع الديمقراطي، الذي سيتطور إلى بناء حياة مشتركة في بيئة ديمقراطية عادلة”.
ودعا البيان، الجميع للمشاركة في عملية السلام وبناء المجتمع الديمقراطي: إن “قرار المؤتمر، بحل الحزب، وإنهاء أسلوب النضال المسلح، يوفر أرضية قوية للسلام الدائم، والحل الديمقراطي، وتتطلب تنفيذ هذه القرارات وإدارة المرحلة بقيادة القائد عبد الله أوجلان للعملية وتوجيهها، وضمان ذلك قانونياً، من المهم أن تلعب الجمعية الوطنية التركية الكبرى، دورها بمسؤولية تاريخية، وأيضا نطالب، جميع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، بما في ذلك الحكومة والمعارضة الرئيسية، ومنظمات المجتمع المدني، والجماعات الدينية، والعقائدية، ومؤسسات الصحافة الديمقراطية، ورواد الرأي، والمثقفين، والأكاديميين، والفنانين، ونقابات العمال، ومنظمات النساء، والشباب، والحركات البيئية، لتحمل المسؤولية والمشاركة في عملية السلام وبناء المجتمع الديمقراطي”.
واقترح البيان: “بتبني القوى اليسارية – الاشتراكية في تركيا، والهياكل الثورية، والمنظمات، والأفراد لعملية السلام، وبناء المجتمع الديمقراطي، ورفع نضال الشعوب، والنساء، والمضطهدين إلى مستوى جديد، ما سيكون بمثابة تحقيق أهداف الثوار العظام، الذين كانت كلماتهم الأخيرة “عاشت أخوة الشعبين التركي والكردي”، وتمثل عملية السلام وبناء المجتمع الديمقراطي، ونضال الاشتراكية، مرحلة جديدة للمجتمع، التي يجب أن تؤدي في النهاية إلى عالم متساو وعادل”.
سنحقق أحلام شهدائنا
وذكر البيان: “على هذا الأساس، ندعو، أصدقاءنا الذين يقودون الحملة العالمية للحرية، والرأي العام الديمقراطي، لتوسيع التضامن الدولي في إطار نظرية الحداثة الديمقراطية، كما ندعو القوى الدولية إلى القيام بمسؤولياتها في وقف سياسات الإبادة الجماعية، المستمرة منذ قرن ضد شعبنا، للمساهمة في عملية السلام والحل الديمقراطي”.
وأعلن البيان: “عن استشهاد الرفيقين فؤاد؛ علي حيدر كايتان، ورضا ألتون، استجابة لدعوة القيادة، والرفيق علي حيدر كايتان، كان من الكوادر القيادية للحزب، استشهد في الثالث من تموز 2018، ورضا ألتون استشهد في 25 سبتمبر 2019، واعتبر الحزب الرفيق فؤاد / علي حيدر كايتان رمزاً “للولاء للقيادة، والحقيقة، والحياة المقدسة”، والرفيق رضا ألتون، كان أحد أوائل رفاق القائد عبد الله أوجلان، بالرمز “لرفقة الحرية””.
واختتم البيان: “نكرس مؤتمرنا الثاني عشر، التاريخي، لهذين الشهيدين العظيمين، اللذين قادا حركة الحرية، منذ بدايتها حتى اليوم، بنضالهما المتواصل، ونجدد عهدنا لجميع شهداء بالنضال من أجل الحرية، ونؤكد عزمنا على تحقيق أحلام الشهيد، من أجل السلام والديمقراطية، سري سريا أوندر،” الاشتراكية القومية الدولتية تؤدي إلى الهزيمة؛ والاشتراكية الديمقراطية للمجتمع تؤدي إلى النصر، الإصرار على الإنسانية هو الإصرار على الاشتراكية”، عاش القائد عبد الله أوجلان”.