No Result
View All Result
المشاهدات 0
رجائي فايد-
انقسم العالم العربي حول مسيرة السادات السلمية إلى قسمين، القسم الأول وهم الغالبية المعادي للسادات وتوجهاته، والقسم الآخر يقف فيه السادات وحيداً، لكن هناك من يؤيده خفية، خوفاّ من تهديد صدام حسين (سنلاحقهم ولو في غرف نومهم)، وعقد مؤتمر بغداد وكانت أهم قراراته الإجماع ولو ظاهرياً بخيانة السادات، ونقل مقر الجامعة العربية إلى تونس، ولم يثني تلك القرارات السادات عن طريقه الذى بدأه، ومن ثم التفاوض، وكان وسيط التفاوض وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسينجر، ورغم أنه يهودي فإن الإعلام المصري قدمه كمنحاز للعرب، كي يثق فيه الشعب المصري، ولم ينس (مناحيم بيغين) عند زيارته لأهرام الجيزة عندما قال في صلافة (قد بناها أجدادي اليهود)، وتم توقيع اتفاقية (كامب ديفيد) بين مصر وإسرائيل، واشتعلت المنطقة العربية بالتظاهرات التي لم تكن تملك إلا الشجب والتنديد.
ذكرنا أن معارضة الداخل المصري ضد السادات كانت تتمثل في تيارين، التيار اليساري، وتيار الإسلام السياسي، ولم تكن معارضة اليسار وليدة لتوجهات السادات السلمية، بل نشأت منذ تقلده زمام الحكم، وتضاعفت تلك المعارضة، عندما تمكن السادات من إلقاء القبض على معظم رجال عبد الناصر، وألقاهم في السجون، ووجد المعارضون العرب في ذلك التيار مجالاً للنيل من السادات، فرحبوا برجاله ودعموهم، وأسست لهم مساحات تلفازية وصحفية يتحدثون ويكتبون فيها لمهاجمة السادات وتوجهاته.
عانى السادات كثيراً من اليسار المصري في الداخل والخارج، أما علاقته بتيار الإسلام السياسي كانت ملتبسة، وكثيراً ما كان يدعم أصحابه من أجل مواجهة التيار اليساري خصوصاً في الجامعات، التي نشأت فيها ظاهرة مجلات الحائط التي كانت تهاجم السادات بضراوة وباندفاع الشباب، إذ كانت جدران كليات الجامعات المصرية مغطاة بتلك المجلات. ولأن اسم السادات اقترن بلقب الزعيم المؤمن، تلاقت وجهات النظر بين السادات وتيار الإسلام السياسي، فوجه السادات بتأسيس جماعات إسلامية جامعية لتواجه التيار اليساري، ونشطت في عملها بكل حرية، كما كانت تتلقى دعماً من الدولة، بل عين مسؤولاً لها في تنظيم الاتحاد الاشتراكي، وحدثت مواجهات دموية في حرم بعض الكليات.
ويذكر أن السادات تحدث عن تجاوزات الطلاب بقوله: (كان أبنائي من طلاب جامعة الأزهر يستعدون للتوجه لطلاب جامعتي القاهرة وعين شمس لتأديبهم لكنني منعتهم)، لكن في نفس الوقت كان يحدث خروجاً للمتطرفين من بعض الجماعات (جماعة التكفير والهجرة وواقعة الفنية العسكرية)، وهنا يحدث الصدام بين النظام وتلك التيارات المتطرفة، لذلك كانت العلاقة بين السادات وتلك الجماعات كما ذكرنا ملتبسة، لكن مع توقيع اتفاقية كامب ديفيد، صدرت أكثر من فتوى بخروج السادات عن الثوابت الإسلامية، وبالتالي يستحق القتل، وفى احتفالات العيد الثامن لنصر أكتوبر، وخلال عرض عسكري، تم اغتيال السادات، ولاقى الاغتيال ارتياحاً من جماعة الرفض العربية، إذ رأوا فيها جزاءً عادلاً، لتبقى فكرة القومية العربية على حالها مجرد حلم في جبهة الرفض، دون أن يتمكن ذلك الحلم من إعاقة قطار السلام، الذى انطلق دون توقف رغم رحيل السادات.
وفى مقالنا الختامي القادم أسجل إتمام غروب بل ونهاية الحلم العربي، ولأن كل غروب لابد أن يتبعه شروق جديد، فإنني لا أعتقد بأنني سأرى هذا الشروق من جديد، إن حدث!ب
No Result
View All Result