مدقق طارق
زاوية عيادة روناهي 488 ـ محمد صالح حسين
ليست بقليلة تلك الحالات التي يتعرض فيها المرضى لعمليات جراحية شتى برغم عدم وجود ضرورة لإجرائها، سواء كانت هذه العمليات استئصال اللوزتين أو إخراج بحصة ما من المسالك البولية أو استئصال المبيض أو استئصال الرحم أو عملية قيصرية إلخ ……..
وتبين وفقاً لدراسات وإحصاءات أوجين ماكارتي أن 19% من المرضى الذين أجريت لهم عمليات جراحية لم يكونوا بحاجة لها. في دراسة أخرى لاحظ الدكتور أوجين فردان أنَّ 40% فقط من مجموعة من المرضى كانوا بحاجة للتداخل الجراحي بينما 60% لم يكونوا بالضرورة بحاجة لهذا التداخل الجراحي.
يرى الدكتور جيمز سامسونز أن للجراحة أبعادها، حيث تجرى وفي الغالب ليس لإنقاذ حياة المريض أو المريضة فحسب وإنما لتحويل هذه الحياة بعد العمل الجراحي إلى حياة أفضل وامتع.
والسؤال المطروح هو؛ من ينبغي أن يقرر ويفرق بين ضرورة وطوب العمل الجراحي أو عدمه؟!.
من البديهي أن يكون القرار الأخير بالموافقة على العمل الجراحي لصاحب العلاقة اي المريض، فالطبيب يقدم النصح والإرشادات للمريض ويبحث معه الأفكار والآراء والاحتمالات المختلفة، وعلى المريض أن يتحمل مسؤولية قرار إجراء العمل الجراحي؛ لأن أية عملية صغيرة كانت أم كبيرة لها نتائجها ومضاعفاتها. بالرغم من أن حوادث الوفاة قد تكون نادرة، إلا أن بعض المضاعفات الناتجة عن نوع التخدير يمكن أن تترك أثرها على الجهاز التنفسي والقلب والشرايين والدماغ والكليتين وغيرها من أعضاء الجسم.
والجدير بالذكر أن عدداً من الجراحين الجدد يميلون غالباً إلى إعطاء الأولوية في المعالجة للعمل الجراحي. ويجدر أن نذكر هنا قول الأستاذ الجراح أ.جاغريان الذي كان يكرر لطلابه أثناء محاضراته في كلية الطب أن بطن الإنسان ليس جعبة تفتح وتغلق متى شئتم.
بالإضافة إلى ذلك يلعب مستوى المجتمع الحضاري العام وكذلك مستوى تطوره من الناحية الصحية والطبية دوراً هاماً في تكوين قناعة المريض من حيث الثقة المتبادلة بينه وبين الطبيب.
إذن ما العمل لتجنب إجراء عملية جراحية ليس من ضرورة ملحة لإجرائها؟.
فمثلاً يمكن للمرء أن يحمل بحصة أو عدة بحصات في مرارته دون أن تسبب هذه البحصات أية مضاعفات أو إزعاج له مدى الحياة، يفضل لذلك لجوء المريض إلى طبيبه الخاص أو طبيب العائلة الذي بدوره يحيله إلى الطبيب الاختصاصي المناسب وعدم اللجوء مباشرة إلى الطبيب الجراح. وفي حال التأكد من ضرورة إجراء العمل الجراحي يجب اللجوء لاستشارة أكثر من طبيب جراح لأخذ رأيهم والاقتناع بضرورة الجراحة، ومثل هذا التصرف يزيل ويرفع من سمعة وشهرة الطبيب الخاص أو طبيب العائلة وليس العكس. ومن الأفضل في حالة اتخاذ قرار إجراء العملية الجراحية أن يعرف المريض بالواقع وبالعمل الجراحي ونتائجه وأن تبين له عواقب عدم إجراء العملية الجراحية بالإضافة إلى تبيان محاسن العملية الجراحية واحتمال بقاء بعض الأعراض بعد العملية. ويجب تعريف المريض بوجود طرق أخرى للمعالجة غير العمل الجراحي إن كانت موجودة، حيث تستخدم في هذا الوقت العالم طرق كثيرة للمعالجة كتجميد الأنسجة والمعالجة بالليزر وغيرها من الطرق المعالجة. وللمريض أن يتساءل أيضاً عن وجود طرق حديثة لاستئصال أقل كمية من الأنسجة المفيدة من المنطقة المصابة. ويفضل أن يعرف المريض قبل العملية مدة خبرة الطبيب الجراح المعالج في اختصاصه، كما يحق للمريض أن يستفسر قبل العملية عما سيُستأصل من جسده، وطريقة التخدير والمادة المستخدمة في ذلك والفترة الزمنية التقريبية للعملية، وعدد الأيام الذي سيمضيها في المستشفى، ودرجة تألمه ومعاناته من العملية والمضاعفات المرتقبة وكم ستمتد فترة النقاهة واستعادة صحته، وما هي العناية الخاصة له في المنزل إن تطلبت. إن كل هذه المعلومات ضرورية. إذ؛ من الممكن مثلاً أن تلجأ مريضة ما بعد فترة عمليتها الجراحية إلى طبيب آخر للاستشارة لها فلا تستطيع الإجابة عن عمليتها السابقة بالتفصيل. فهي لا تعلم ماذا استؤصل لها أو أية كيسة مبيضية أو ملحقات رحمية استؤصلت منها مثلاً من ناحية اليمين أو اليسار؟. لذلك؛ يفضل أن يأخذ المريض أو المسؤولون عنه بياناً من الطبيب الجراح الذي أجرى العملية الجراحية يذكر فيه طبيعة العملية بالتفصيل وتاريخ إجرائها ونتائج التحاليل البيولوجية التي أجريت، وأن ترافق بالصور إن وجدت ومن ذلك نتائج تشخيص التشريح المرضي وغيره من المعلومات عن العملية الجراحية، الأمر الذي يسهل على المريض علية الاستشارة لدى طبيب آخر.
