سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

داء السكري (القاتل الصامت)

محمد صالح حسين –

داء السكري يقتل بصمت في المنطقة العربية، فهناك ست دول عربية تأتي في قائمة البلدان العشر الأكثر إصابة بهذا الداء على مستوى العالم في المرحلة العمرية بين ٢٠ سنة و٧٩ سنة. حيث جاءت الإمارات في المركز الثاني عالمياً بنسبة تزيد عن ربع عدد السكان. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن معدل انتشار داء السكري بين البالغين في المنطقة العربية ( منطقة الشرق الأوسط ) يبلغ ٧،٧ بالمئة ويرتفع هذا المعدل إلى ما بين ١٢ بالمئة و٢٠ بالمئة بالنسبة للفئات العمرية الأكبر في الحضر وفي منطقة الخليج العربي.
وقد بات داء السكري تحدياً كبيراً أمام العالم ما عاد بالإمكان تجاهله. ففي عام ٢٠١٩ يموت شخص من داء السكري كل ٧ ثوان في العالم، والبيانات التي جمعت من دراسات عالمية تشير إلى أن عدد مرضى السكري في أرجاء العالم ارتفع عام ٢٠١٩ إلى ٤ ملايين شخص، وبلغ عدد الوفيات السنوية في المرض ٤،٦ ملايين شخص، فيما وصلت النفقات على هذا المرض ٤٧٠ مليار دولار سنوياً .
وتحذر منظمة الصحة العالمية من أن أمراض الحضارة المدنية، مثل أمراض القلب والدورة الدموية وداء السكري والاكتئاب ستصبح التحدي الأكبر للأطباء والعلماء في المستقبل، في كل أصقاع المعمورة.
أن أمراض مثل داء السكري وضغط الدم المرتفع والبدانة، تتسبب في وفاة عدد من الناس أكبر من أولئك الذين يموتون بأمراض الإيدز والملاريا والسل الرئوي، وهذا الاتجاه في تصاعد قوي. ويجد بعض العلماء أن هذا الأمر أكثر من مثير للقلق.
الطعام المالح أو الحلو أو الغني بالدهون، وقلة الحركة، كلها أمور يعيشها كثير من الناس في الدول المتقدمة وهذه كلها عوامل مؤهبة لتلك الأمراض المزمنة وهي ما تعرف بأمراض الرفاهية أو التطور المدني في الدول الصناعية الغربية. وفي عالمنا العربي بشكل عام وفي منطقة الخليج العربي بشكل خاص، يتم استهلاك كميات هائلة من الوجبات السريعة والمشروبات الغنية بالسكر.
وتقول منظمة الصحة العالمية أن ٨٠ بالمائة من الناس الذين يموتون نتيجة لأمراض مزمنة، ينتمون إلى دول ذات دخل منخفض إلى متوسط.
يقول المثل العربي الشهير (درهم وقاية خير من قنطار علاج) ومثل هذا النوع من الأمراض، مثل داء السكري. وارتفاع ضغط الدم، قابل للوقاية ويمكن في معظم الحالات تلافي الإصابة بها بالجهد الضئيل، فإذا ما خفض المرء استهلاك السكريات والتبغ (دخان بأنواعه) والمواد النشوية بشكل عام والابتعاد بقدر المستطاع عن الانزعاج، وغذى نفسه بشكل صحي، وقام بمزيد من الحركة الرياضية فإن باستطاعته أن يتحاشى الإصابة بجزء مهم من أمراض القلب والأوعية الدموية وداء السكري والبداية المفرطة وحتى بعض أنواع السرطانات.
يجب هنا نساعد الناس عن طريق التوعية، لكي يعيشوا بطريقة صحية أكثر. أما ماذا نأكل أو كيف نتحرك، فإن البيئة كفيلة بتنظيم ذلك. وحتى تنجح جهود مكافحة الأمراض المزمنة لا بد من تعاضد جهود منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية وشركات صناعة الأغذية وغيرها من الجهات الفاعلة.
 لكن اذا استمر تفشي السكري وأمراض القلب وضغط الدم بهذه المعدلات المتسارعة فلا بد من اتخاذ إجراءات جديدة للحد منها.