روناهي/ تل حميس – مع ارتفاع أسعار الأدوات المنزلية الجديدة، أصبح سوق الأثاث المستعمل وجهة رئيسية للعائلات في مدينة تل حميس التي تبحث عن حلول اقتصادية تلبي احتياجاتها الأساسية، هذه التجارة لا تقتصر على كونها بديلًا ميسور التكلفة، بل أصبحت شريان حياة يعكس قدرة المجتمعات على التكيّف مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
ففي ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها الكثير من الأهالي اليوم، برز سوق الأثاث المنزلي المستعمل في تل حميس كواحدٍ من أكثر القطاعات التجارية حيوية ومرونة، فارتفاع تكاليف المعيشة وغلاء أسعار الأدوات المنزلية الجديدة دفع العديد من العائلات إلى البحث عن بدائل تلبي احتياجاتهم الأساسية بأسعار معقولة.
الأثاث المستعمل الخيار الأنسب للأهالي
فالأثاث المستعمل لم يعد مجرد خيار مؤقت أو بديل، بل أصبح جزءاً أساسياً من حياة الناس، خاصةً في المناطق التي تعاني من تدني مستويات الدخل، وبهذا الخصوص أوضح “عادل رشو” أحد أصحاب المحلات المختصة في بيع الأثاث المنزلي المستعمل والسجاد في مدينة تل حميس: بأن “ارتفاع أسعار الأدوات المنزلية الجديدة جعل من الصعب على العديد من الأسر اقتناء الأجهزة الضرورية مثل البرادات والغسالات وغيرها من الأدوات الأساسية التي لا يخلو منها أي بيت، وفي ظل هذا الواقع، أصبح الأثاث المستعمل هو الخيار الأنسب والوحيد للكثيرين”.
وتابع: “الأوضاع الاقتصادية المتدهورة هي المحرك الأساسي لازدهار سوق الأثاث المستعمل، وأن الأدوات المنزلية المستعملة التي قد يعتبرها البعض غير مرضية، تشكل فرصة ذهبية لمن يبحثون عنها بأسعار تناسب ميزانياتهم”.
ونوه إلى: “إن الأجهزة مثل البرادات والغسالات ليست رفاهية بل هي احتياجات أساسية لكل أسرة، ومع ذلك فإن شراءها جديدة أصبح أمراً صعباً جداً بسبب ارتفاع الأسعار الجنوني”.
وأردف رشو إلى: “فمن أبرز ملامح سوق الأثاث المستعمل هو تنوع الزبائن واختلاف متطلباتهم، حيث يمكن تصنيفهم إلى ثلاث فئات:
الباحثون عن الجودة العالية: هذه الفئة تبحث عن قطع أثاث حديثة أو بحالة ممتازة، وغالباً ما يكون هدفها الحصول على جودة تضاهي الجديد ولكن بسعر أقل.
الباحثون عن الجودة المتوسطة: شريحة واسعة من الزبائن تركز على اقتناء أثاث بحالة مقبولة وبسعر يتناسب مع ميزانياتهم.
الباحثون عن الأسعار المنخفضة جداً، هؤلاء يهتمون بالسعر قبل الحالة، ويركزون على شراء القطع الأقل تكلفة حتى وإن كانت حالتها متواضعة”.
كما أكد إن هذا التنوع في الطلب يجعل من الضروري على البائعين أن يقدموا خيارات تلبي احتياجات كل فئة، مع التركيز على تقديم خدمات إضافية مثل التفاوض على الأسعار أو تقديم ضمانات للجودة.
الصعوبات التي تواجه سوق الأثاث المستعمل
رغم النجاح الذي يشهده سوق الأثاث المستعمل، إلا أنه لا يخلو من التحديات التي تؤثر على استمراريته ونموه كارتفاع تكاليف النقل والتخزين، حيث تعتبر تكاليف الشحن والتخزين واحدة من أبرز العوائق التي تواجه التجار، خاصةً عندما يتعلق الأمر بقطع الأثاث الكبيرة مثل البرادات أو الغسالات، ونقص الوعي بجودة المنتجات المستعملة، بعض الناس يعتقدون أن الأثاث المستعمل دائماً يكون بحالة سيئة، مما يجعلهم يترددون في الشراء، والمنافسة مع الأسواق الجديدة، رغم ارتفاع أسعار الأدوات المنزلية الجديدة، إلا أن العروض والتقسيط الذي تقدمه الشركات الكبرى يجعلها منافساً قوياً للسوق المستعمل.
كما تطرق إلى أن نجاح سوق الأثاث المستعمل يعتمد بشكلٍ كبير على مهارة البائعين وقدرتهم على فهم احتياجات الزبائن، وتوفير خدمات إضافية مثل الترميم أو الضمان يعزز ثقة المشترين ويزيد من حركة البيع، كما أن البائعين يجب أن يكونوا على دراية تامة بحالة السوق المحلي ومتطلباته، ليتمكنوا من تقديم أفضل الخيارات لزبائنهم.
الأهمية الاقتصادية لسوق الأثاث المستعمل
كما أفادنا الرشو “بأن سوق الأثاث المستعمل لا يقتصر على كونه تجارة اقتصادية، بل هو وسيلة لتحقيق التوازن بين الحاجة والقدرة الشرائية، فإعادة استخدام الأثاث القديم يساهم في تقليل الهدر وتعزيز ثقافة الاستدامة، كما أنه يوفر فرص عمل للعديد من الأشخاص، سواءً في مجالات البيع أو النقل أو الترميم”.
فهذا المجال يحمل جانباً إنسانياً كبيراً، حيث يساعد الأسر على تلبية احتياجاتها دون أن تضطر إلى الاستدانة أو التنازل عن احتياجاتها الأساسية.
في النهاية يرى “عادل رشو” بأنه في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، أصبح سوق الأثاث المنزلي المستعمل بمثابة حل عملي وضروري للكثير من الأسر، هذا السوق لا يوفر فقط خيارات ميسورة التكلفة، بل يعكس أيضاً روح التكيّف والابتكار في مواجهة التحديات.
ومحلات الأثاث المستعمل في مدينة تل حميس، تشهد نمواً كبيراً وحركة شرائية نشطة، بفضل قدرتها على تلبية مختلف الاحتياجات، ومع استمرار الأوضاع الاقتصادية الحالية، يبدو أن الأثاث المستعمل سيظل خياراً أساسياً للكثيرين، ليس فقط لأنه يوفر بدائل ميسورة التكلفة، بل لأنه يمثل جزءاً من الحلول الاقتصادية التي تساعد على تخطي التحديات المعيشية اليومية.