No Result
View All Result
المشاهدات 5
إعداد/ هايستان أحمد. –
للكُرد تاريخ عريق وأصيل مُتميز ومُتفرّد عن سواه من الشعوب، فقد واكب الإنسان الكردي الزمان وصنع لنفسه كل ما يحتاجه من أجل البقاء والاستمرار بالعيش حسب المناخ والمكان والزمان، ومن أهم ما يحتاجه المرء ليعيش هو المنزل وهو مملكته ويجد فيه راحته وأمانه، فكان للكرد منازلهم الخاصة التي تتميز عن غيرها بالتنظيم ومواد البناء والتقسيم الداخلي، وتختلف هذه المنازل حسب المناطق، فالكرد ينتشرون في أجزاء عدة في العالم ومنها أرمينيا وأذربيجان وروج هلات وباشور وباكور وروج آفا كردستان، فاختلفت نوعية سكن الكرد تبعاً لشروط المناخ وارتفاع المنطقة عن مستوى سطح البحر، ففي الأماكن التي يبلغ ارتفاعها بالنسبة لمستوى سطح البحر 900 متر “الهضبة الأرمينية” أو 1000 متر “جنوبي جبال طوروس” نجد المنازل مبنية باللبن أو بالحجارة. أما في المرتفعات التي يتراوح علوها بين 1000 و2500 متر تصبح المنازل تحت الأرض، والمنازل الكردية في منطقة “أورامان” مبنية على الأرض في المرتفعات تتجاوز الألف متر.
اختلاف أماكن البناء حسب الظروف
ولا يتم بناء المنازل تحت الأرض في أرمينيا لأسباب مناخية فقط، بل لأسبابٍ أمنية أيضاً، لأن ذلك يسهل حمايتها من الأعداء، ويقول (باندر) في وصفه لتلك القرى الكردية: (تشكل القرى بمجموعها سطحاً طينياً بسقفٍ واحد بطول أربعين أو خمسين متراً، بحيث يتعذر على المرء أن يميزها من الأرض إن لم ينبه إليه، أما في الداخل فهناك تيه من الممرات والغرف المتشابكة التي يعيش فيها البشر ومواشيهم عيشة واحدة، وذلك لتأمين الدفء والحماية من السرقات، وتكون المنازل شديدة التلاصق بعضها ببعض في المناطق المعرضة للخطر، أما في المناطق التي يتعذر الوصول إليها بحكم موقعها كما هو الحال في بعض المضايق العميقة أو الوديان التي تمنحها الطبيعة نفسها الحماية الكافية، فالمنازل تكون أكثر تفرداً وتباعداً. وقد نعثر أحياناً على منازل منفصلة عن بعضها تماماً، ومنها ما تكون معزولة عن غيرها وتتعلق بسفوح الجبال الصخرية، وفي مناطق أخرى في إقليم أردلان “منطقة في روج هلات”، يحدد عامل الخصب تجمع البيوت أو تفرقها، فتكون القرى متقاربة فيما بينها في الوديان الخصبة فيما تتناثر في الجبال الجرداء أو المشجرة.


تفرّد في الأسلوب
وتتألف المنازل الكردية الطينية التي تتكون من الطوب الذي يتكون من نوعٍ خاصٍ من التراب للبناء والقش والملح والماء وتوضع هذه المكونات في قوالب معينة ويتم تجفيفها واستخدامها في عملية بناء البيوت لاحقاً، وتكون المنازل الكردية عادة باتجاه الجنوب، وهي تتخذ كمخزنٍ للحبوب شتاءً ومساكن صيفاً لبرودتها، وسقوف هذه البيوت تتكون من سوق أشجار الحور غير المعدلة وغير المقشرة حيث يوضع طرفاها على الجدران وتوضع فوقها الأغصان ثم الأوراق والأعشاب ثم الطين الذي يسوى فوقها ثم يُفرش بالتراب، ويُدحل بواسطة داحلة حجرية، فتكون هذه السطوح جداً قوية وتعد في كثير من الأحيان بمثابة المكان المسطح الوحيد الذي يمكن استخدامه لحاجات كثيرة، ومنها “ندف الصوف وتجفيف مونة الشتاء، والنوم عليه صيفاً”.
تقسيمات البيت الكردي
ويضم المنزل الكردي بشكلٍ عام جناحين أساسيين يتكون الأول “كولان” من بيت مونة يحفظ فيه الماء والوقود وأدوات التنظيف، والجناح الثاني فيستخدم للسكن ويوجد في وسطه “التنور” وهو موقد مدفون في الأرض أسطواني الشكل يُطبخ عليه في فصل الشتاء ويتم خبز الخبز فيه أيضاً، ويستخدم للتدفئة، وإلى اليمين مدخل المنزل وتوجد مصطبة من الطين على طول الحائط تغطيها البسط والفرش للجلوس عليها، وفي مواجهة المدخل يُنصب رفٌ واسع مصنوع من ألواح الخشب الموضوعة فوق حمالات خشبية ومغطاة بالحصر، ويوضع فوق هذا الرف الفرش واللحف والمخدات المغطاة بشراشف، أما تحته فتُخبأ فيه الزبدة والكوز الذي يحتفظ في داخله “القاورمة” اللحم المقلي والمجفف، والجبن، أما خارج المنزل فيوجد مساحة واسعة من الأرض يزرع فيها أصناف مختلفة من النباتات وعلى وجه العموم تكون أشجار العنب، وتوجد الدكة أيضاً مصنوعة من الطين مرتفعة عن الأرض يجلس عليها الأهالي في الصيف، وهذه البيوت تحتاج إلى لصيانة دورية في كل عام، حتى لا تسبب الأمطار الغزيرة هشاشة الطين وتسرب الماء إلى الداخل، يتم إصلاح السقف بزيادة القش لمنع تسرب المياه ومن ثم طليه بالطين المخلوط بالتبن، أما المرحلة الثانية فتكون بتقشير الطين عن الجدران الجانبية للبيت ومن ثم إعادة طلائها لتكون أقوى مما كانت عليه أثناء تعرضها للأمطار في الموسم السابق، ويجتمع أهالي القرى في عملية الترميم هذه نساءً ورجال لتكون البيوت جاهزة لاستقبال فصل الشتاء، هذه لمحة عن البيوت الطينية الكردية التي ما زالت متواجدة في القرى الكردية على حدٍ سواء وهي مفضله بسبب دفئها في الشتاء وبرودتها في الصيف.
المصدر/ كتاب الكُرد
No Result
View All Result