روناهي/ قامشلو: بلوحاتٍ فنّية متعددة ومتنوعة، وبألوان الفن الكردي المُشبع بالفلكلور قُدمت أغنية بطابعٍ كوميدي خفيف الظل، ونالت إعجاب الكثير من متذوقي الفن ومتابعيه، فكانت ضيفة البيوت الكردية الرقيقة ودخلت إلى قلوبهم دون استئذان.
لأن التراث الكردي عريق وقديم قِدم الزمن فهو ثري وغني بالفنون المختلفة مما جعله يتميز عن غيره من التراث في العالم، وقد اشتهر الكرد بأغانيهم ومواويلهم الشعبية والملحمية فقد غنوا لأجل صور الحياة كلها، من أحزانٍ وأفراح، فكان محط اهتمام أبنائه فعملوا على أحيائه والاعتزاز به، ولكن هناك من شوه هذا الإرث الفني العظيم وجعل منه مهزلة ولم يحترم أحداث والوقائع التي كانت سبباً للأغنية بل أخذ منها ما يريد لأجل مصالحه وترويج بعض الأسماء، وبالمقابل هناك من يعشق هذا الفلكلور ويبدي الاهتمام والغيرة على هذا الفن ويسعى إلى إظهاره بأجمل طلة وبشكلٍ عصريٍ يواكب الزمن، ومن هنا استنبط العمل الفني الغنائي الكردي “نازي نركزا حوشي” نبضاته، فقد لاقت هذه الأغنية رواجاً على مستوى واسع من العالم ولاقت نجاحاً باهراً منذ صدورها، فهي كانت بأسلوبٍ مختلفٍ وعصري، وكتجربة أولى تُقام في روج آفا بطابع “أكابيلا”، وهذا الفن ظهر في إيطاليا في القرن السادس عشر بوصفه فناً غنائياً دينياً، وهو مصطلح إيطالي يدل على الغناء بدون الموسيقى، وبعدها انتقل هذا الفن إلى العالم كله متأثراً بثقافات كل منطقة.
بأصواتٍ مختلفة تُلون العمل
وهذه الأغنية مقتبسة من الفلكلور الكردي لتكون أغنية عصرية عبقها الفلكلور وكلماتها ألحان الماضي، وقد شارك في هذا العمل حوالي الثماني وعشرون مغنياً قاموا بأداء متميزٍ وفريد وبأصواتهم اكتملت اللوحة الفنية، ونلاحظ في الأغنية المبالغة في اللباس التراثي إلى جانب الأداء المسرحي الذي ظهر بقوة ولامس بلطفٍ قلوب المشاهدين، و”نازي نركزا حوشي” قُدمت برعاية استديو ولات وكومين فلم روج آفا، ومن إخراج وكتابة العضو بإدارة كومين فلم روج آفا “شيرو هندي” والذي قال عن تحضيراتهم لهذا العمل قائلاً: “لقد كان صديقي محمود برازي يفكر منذ مدة بإعداد أغنية من نوع أكابيلا وبدأنا في فترة الحظر بسبب فايروس كورونا بالعمل على الأغنية وصورنا كل أحدٍ على حِدة عدا المغني الرئيسي في الأغنية”، وهذه الأغنية مثَّلت روح التعاون والألفة فقد عملوا بجهدٍ كبير فكان العلم كخلية النحل النشيطة والتي أثمرت بذرتها بالنجاح وتكللت بمحبة الناس وقال شيرو هندي عن هذا الأمر: “لم نتخوف من طرح هذه الفكرة والأغنية بسبب خلوها من الموسيقى، بل أردنا أن نقدم أفضل ما نستطيع لهذا العمل الفريد في المنطقة ولاقت الكثير من الرواج والنجاح على المستوى العالمي، وصدى نجاح هذا العمل أولاً وأخيراً يعود إلى هؤلاء الأشخاص الذين اجتهدوا وعملوا بجدٍ لتكون من أول التجارب التي ازدهرت، وأخيراً أريد أن أتوجه بالشكر من خلال صحيفتكم إلى كومين سردم لتعاونهم معنا”.
خطوات خجولة ما بين التقدم والتراجع
وكان لمؤدي الأغنية الرئيسي دوراً مهماً ومتميزاً، فقد قدم النموذج الفني التراثي إلى جانب العصري وبحركاتٍ جميلة لفتت أنظار المشاهدين، وقد كانت تجربة الغناء أولى تجاربه فهو ممثل مسرحي وكان لديه خوفٌ كبير من الفشل ونفور الناس من صوته بسبب عمله المسرحي، وعن هذه التجربة تحدث لنا العضو بكومين سردم “شرفان باديني” قائلاً: “عند عرض هذه الفكرة علينا أيدناهم ولكنني لم أتخيل قط أنني سأغني، ولكنني لم أكسر ثقة الشخصين الذين أعتبرهما القدوة لي فهم علموني الكثير وقلت في نفسي وإن لم ينجح هذا العمل بسببي لن أتراجع وسأكمل هذا العمل، وتفاجأت بهذا النجاح الكبير”.
وعند أداء الأغنية أشار شرفان باديني إلى ارتياحه لأن الأغنية كانت مليئة بالحركة والفن المسرحي فقد كان يشعر بأنه يمثل وهو على المسرح أثناء غنائه، وعن إحساسه عند نشر الأغنية عبر لنا باديني بالقول: “عندما نشرت الأغنية لأول مرة كانت لدي رهبة قوية وعبرت مسافة طويلة حتى استطعت الحصول على الإنترنت وبإحساسٍ لست قادراً على وصفه شاهدت هذا العمل الذي كان بمنظور الكثير من أساتذة الفن جميلاً”، وأٌرسلت لشرفان باديني رسائل ودٍ وشكر على أدائه من مختلف الفنانين الكرد بمختلف المناطق في العالم وشجعوه على تقديم أعمال مشابهة. وبهذا العمل الفني المتميز نقل ألينا العاملون عليه صفحات الماضي من تراثٍ وكلماتٍ ونمط ملابس بطريقة محترفة بأداءٍ مائلاً إلى الكوميدية والفن العريق، تكلل بإقبال عددٍ هائل من الناس.