محسن عوض الله: “تركيا تعمل على إفشال الجولات القادمة من الحوار الكردي ـ الكردي”

حوار/ جيان بوظو –

اعتبر الكاتب الصحفي المصري محسن عوض الله أن الحوار الكردي ـ الكردي الذي انتهت الجولة الأولى منه، يمثل نقطة فارقة وتاريخية في مستقبل الكُرد بشكل خاص والمنطقة بشكل عام. وأكد أن تلك اللقاءات حول المصالحة الكردية؛ تنهي أسطورة أمة الشقاق التي لازمت الشعب الكردي على مدى تاريخه، محذراً من مخططات دولة الاحتلال التركي؛ لإفشال الجولات القادمة من الحوار. وأشار إلى أن المفاوضات الكردية قد تمنح الإدارة الذاتية الشرعية الدستورية اللازمة، كممثل شرعي ووحيد عن شعوب شمال سوريا في المفاوضات الدولية حول مستقبل سوريا الجديدة.

جاء ذلك خلال الحوار الذي أجرته صحيفتنا معه حول المبادرات التي خصت وحدة الصف الكردي ومدى أهميتها في هذه الأوقات التاريخية التي نمر بها. وجاء الحوار على الشكل التالي:

ـ ما هي الوحدة وعلى أي أساس تُبنى وما هي أهدافها؟

لو تحدثنا بالشكل المطلق لكلمة الوحدة؛ فإن الوحدة هي عكس الفرقة، وتبنى على أساس الاحترام المتبادل ومراعاة الاختلاف وقبول الآخر بتناقضاته وآرائه التي قد تختلف مع قناعاتي. ولكنها؛ لا تتعارض مع المصلحة العامة، عندما نتحد ليس شرطاً أن نتطابق في الفكر أو الأيديولوجيا. ولكن؛ من الوارد جداً أن نكون مختلفين ورؤيتنا تجاه القضية متباينة ولكنها في النهاية تخدم الصالح العام. الوحدة تبنى على الثقة والتعاون وعدم التخوين او احتكار الوطنية أو التحقير من الطرف الأخر؛ وتهدف الوحدة للاستفادة من كل فرد أو حزب أو كيان بما يحقق مصلحة الشعب والوطن.

 ـ هل الوحدة تُبنى بين القوات العسكرية أم بين الشعوب؟

الوحدة في الأساس تُبنى على توافق سياسي بين القوى والأحزاب المختلفة عبر مفاوضات متكررة، تسعى في النهاية للوصول لأعلى درجات الاتفاق وإزالة كل نقاط الخلاف وليس الاختلاف، فالاختلاف سنة وطبيعة بشرية بشرط ألا ينتج عنه خلاف وشقاق؛ يصنع أزمات تتيح للعدو التدخل وإثارة الفتنة بين شركاء الوطن. التوافق بين القوى السياسية قد يتبعه توافق حول هيكلة القوات العسكرية بما يسمح بدمج جميع الشعوب والمكونات داخلها لتكون معبرة بشكل كامل عن شعوب المنطقة.

 ـ أنتم كصحفي؛ ما هي وجهة نظركم حول الوحدة الكردية، وما أهمية الوقت لتحقيق الوحدة الوطنية، وهل الجهات المعنية جاهزة للوحدة فعلاً؟

الوحدة الكردية أشبه بالحلم الذي طالما حلمت أن أراه منذ اهتمامي بالقضية الكردية، وتعتبر أشبه بحدث تاريخي قل أن يتكرر حدوثه، يكفي أن الكرد من كثرة خلافاتهم أسماهم الباحثون الأوائل بـ “أمة الشقاق” وبالتالي عندما نتحدث بداية الطريق لإنهاء هذه الخلافات؛ فهذا يعتبر حدثاً تاريخياً، يجب على التوقف عنده وتقديم الدعم والإشادة بكل الجهود المخلصة الساعية لتحقيقه بخاصة في هذا التوقيت الحساس الذي تمر به المنطقة بشكل عام والأزمة السورية بشكل خاص، والتي تتطلب وجود وحدة كردية بما يضمن تمثيل الكرد والحفاظ على حقوقهم في مستقبل سوريا الجديدة..

أعتقد أن الجهات المعنية بالوحدة الكردية وأحزاب روج آفا بشكل عام؛ باتت تدرك حتمية الحوار وضرورة حل الخلافات والجلوس معاً على طاولة مفاوضات واحدة، في ظل وجود رغبة دولية لتحقيق ذلك وهو أمر نادر الحدوث.

– ما أهمية الوحدة الوطنية الكردية برأيكم بين الكرد بشكل خاص ومدى تأثيرها على الشرق الأوسط بشكل عام؟

نجاح الحوار الكردي ـ الكردي يمثل صناعة وإعادة كتابة للتاريخ كما وصفه القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي؛ نظراً لِمَا يمثله من تغيير في المشهد السياسي الذي يتجاوز حدود سوريا ليصل تأثيره لعموم الشرق الأوسط.

اتفاق الكرد في شمال سوريا والتوافق بين القوى السياسية كافة حول مشروع الإدارة الذاتية، يشرعن الإدارة بصورة تنقلها من سياسة الأمر الواقع كما يصفها البعض إلى الشرعية الدستورية؛ ما يعزز من مكانتها في المفاوضات الدولية الجارية حول مستقبل سوريا.

قيمة الحوار بين القوى الكردية بشمال سوريا أنه حال إتمام جولاته بالنجاح كما حدث في جولته الأولى؛ سيغير مستقبل الكُرد بشكل عام؛ نظراً لارتباط أطراف الحوار بأفكار وزعامات وقوى كردية تمثل عموم الشعب الكردي بعموم مناطق كردستان.

ـ ما هي الظروف التي تظهر فيها دعوات الوحدة الحالية، وكيف سيكون تأثيرها سلباً أو إيجاباً على الحوار الكردي ـ الكردي؟

الظروف الحالية حاسمة في مستقبل الأزمة السورية، ويبدو أن هناك رغبة دولية في حل الأزمة، والتخلص من نظام الأسد وإخراج إيران من سوريا بتوافق أمريكي روسي، وهذه ظروف مناسبة لحوار منفتح بين جميع الأطراف تحت لافتة المصلحة العليا للشعب الكردي وشعوب شمال سوريا بشكل عام.

ـ هل الظروف التي تمر بها القضية الكردية هي التي تحتم على الأطراف الكردية البحث عن آليات لتوحيد الموقف في هذه المرحلة؟

أعتقد أن القوى السياسية والأطراف الكردية تدرك جيداً أن الحوار والبحث عن طريق لحل الخلافات أصبح ضرورة لا بد منها، والإصرار على الخلافات والصراعات قد يدفع بهذه القوى للخروج من المشهد السياسي بشكل نهائي في ظل رغبة دولية لرسم خريطة الحل النهائي للأزمة السورية. لذا؛ على الكرد توحيد الرؤى والمواقف للاستفادة من هذا الوضع.

ـ هل القوى الراعية لهذه الحوارات جادة بتقديم الدعم، وما الذي يجعلها تُصِرُّ على هذا الدعم؟

القوى الراعية للحوار الكردي تبحث في كل الأحوال عن مصالحها الخاصة، وجزء من هذه المصالح يرتبط بشكل كبير بخريطة الوضع النهائي في سوريا، وحل الخلافات الكردية ـ الكردية؛ قد يمهد لاتفاق سلام ويقلل حدة المخاوف التركية من مشروع الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا، وهو ما تسعى إليه القوى الدولية في ظل علاقاتها المتشابكة بين الكرد من جهة والأتراك من جهة أخرى.

ـ أمن الممكن أن نعتبر هذه الرعاية الأمريكية عبارة عن ترتيبات لخطة لاحقة قد تضر بالجانب الكردي أكثر؟

بالتأكيد هي جزء من خطة دولية خاصة بمستقبل الصراع في سوريا والمنطقة. ولكن؛ لا أعتقد أنها قد تضر بالكرد، بل يمكن الاستفادة منها بشكل كبير، فالسلام والحوار وحل الخلافات لا يمكن أن يكون له أضرار إطلاقاً، وإن لم تستفد منه القوى الكردية؛ فبالتأكيد لن تتضرر منه.

ـ اللقاءات بين الكُرد جارية وهناك شبه صمت تركي حولها، هل لهذا الأمر دلالات معينة؟

أعتقد أن تركيا تعول كثيراً على فشل المفاوضات، وقد تمارس ضغوطاً على المجلس الوطني؛ من أجل عرقلة الجولات الجديدة من المفاوضات، وربما يكون تصويت الهيئة العامة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بإسطنبول، على ضم رابطة المستقلين الكرد السوريين جزء من ضغوط أنقرة على المجلس الوطني الكردي، الذي يفترض أنه ممثل الكرد الوحيد في الائتلاف، وهو ما قد يشير لغضب تركي من نجاح المفاوضات الجارية بين المجلس القريب من أنقرة وأحزاب الإدارة الذاتية وعلى رأسها حزب الاتحاد الديمقراطي.

ـ كيف تنظرون للموقف الروسي، وهل تتعارض مصالحه مع المصالح الأمريكية في ذلك؟

أعتقد أن روسيا لا تمانع في الوحدة الكردية وحل الخلافات بين أحزاب روج آفا، وعدائها للكرد أقل بكثير من العداء التركي، روسيا براغماتية وتسعي لمصلحتها، ولا يهمها النظام السوري، بل على العكس؛ الخلافات بين موسكو ودمشق قد تدفع الأولى للتخلص من الأسد خلال فترة ليست بعيدة.

روسيا تدرك جيداً أن أمريكا جزء من الحل النهائي للأزمة في سوريا، وأن الكرد بحكم علاقتهم الجيدة بواشنطن ومنجزاتهم على أرض الواقع ودفاع قواتهم عن وحدة الأراضي السورية؛ لا بد أن يكون لهم دوراً في مستقبل سوريا الجديدة، وهذا بالتأكيد حق للكرد لما قدموه من تضحيات في سبيل سوريا لم يقدمها النظام نفسه، يكفيهم وقوفهم في مواجهة الطوفان الداعشي وقوى الإرهاب الغاشم وداعميهم.