مثقفون بلا ثقافة (2)

آراس بيراني –

لا شك أنه من خلال متابعة ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي، والفيس بوك تحديداً نجد جيلاً جديداً من الكتابات وجمهورها هزيلاً يتابع تلك السماجات بكل صفاقة على حساب استسهال الكتابة في شتى المجالات، حيث التطفل على الأدب والفكر والسياسة والتاريخ، يرتكبون انحطاطاً ثقافياً وأدبيا وتراجعاً فكرياً خطيراً، فهم مثقفون بلا ثقافة، مثقفون بلا فكر، مثقفون بلا مواقف، مثقفون يفتقدون  مشاريع فكرية جادة ولا يملكون أي بوصلة ثقافية، فهم يخوضون وسط بحر من التيه الأعمى، مع ظهور جيل جديد من الأدباء، والشعراء، شعراء بلا قصائد، روائي بلا روايات، باحثون بلا أبحاث، ينتجون (وعياً) سطحياً طحلبياً مضمحلاً، فلا نكاد نسمع منهم سوى جعجعة بلا طحن، يجرون غيرهم ممن يمتلكون أنصاف المواهب من شعراء وشاعرات وقاصات إلى قاع ضحل ومدى قصير النظر دونما مصداقية أو بعد إبداعي متميز، فهم لا يضيفون للمشهد الثقافي إلا مزيداً من الفوضى الثقافية والتلوث الفكري، في إزاحة واضحة لدور المثقف الحقيقي وتهميش دوره ونكران تاريخه الأدبي أو الفكري التثقيفي التنويري واللذين لا زالت لبصماتهم في مواكبة الفكر والأدب الكردي الحقيقي الإبداعي العريق واللذين لا زال الأمر منوطاً بهم لقيادة دفة الأدب والثقافة، عبر تبنيهم للأقلام الجادة والواعدة من جيل الشباب وتشجيعهم، فهم القادرون على النقد وتجديد رسالة الكتابة النقدية ومناهجها الهادفة، للوقوف بجرأة عند تخوم وعتبة أكثر القضايا المعاصرة قربا للإنسان، ومن هنا تبدأ مسؤولية المثقف، فهو العنصر الأكثر وعياً  في المجتمع والذي لا يمكن له التنصل من مسؤولياته الآنية والتاريخية وتحت أي حجج قد يمارسها، ويجدر القول بأن الأقلام النظيفة والواقعية قد مارست أدوارها التثقيفية ولازالت قادرة على قيادة الحوار البناء بين شتى أطياف المجتمع من خلال كونه النموذج الذي يحتذى به الآخرون، وهم مطالبون بأن يكونوا خط دفاع ومتراس، يمكنهم إعادة الوجه الحقيقي الذي يجب أن تكون عليه الثقافة سواء كانت ثقافة افتراضية أو واقعية.. وحينها نعيد للثقافة وجهها الحقيقي وللأدب عمقه وإبداعه، وليكن هناك مثقفون بمعنى الكلمة.