سوريّات مُشرّدات في شوارع بيروت

نورا خليل – 

لكوني امرأة لفت انتباهي شابات سوريات في شوارع بيروت وهن مشردات ضائعات، وعندما بحثت عن سبب لكل ما حل بالسوريات في دول الجوار لم أجد غير كلمة اللامبالاة.. اللامبالاة من العالم أجمع.

نظرات بدائية واللاشعور الإنساني ورواسب ثورة قد خلّفت عاهات إنسانية، وأكثر إنسانة لفتت انتباهي هي فتاة شابة وقد حملت صغيراً وتمد يدها لهذا وذاك، أما في الطرف المقابل فأي صورة اجتماعية وأي انطباع وجداني أي اعتقاد أي تحامل أي تخيل لصورها بحق الفرد والمجتمع لا مقابل لها موضوعياً, لا مقابل لها منطقياً ويمكن إثباته في واقع الحقيقة.

ربما كان انطباعي انفعالياً وذي علاقة مباشرة عندما عرفت إنها من بنات بلدي، تلك الفتاة في العقد الثالث من العمر أو الفترة الذهبية للأنوثة كما يدعونها معظم الأشخاص في مجتمعنا المريض ويتحرش بها رجل خمسيني وعلى مرأى من العالم. ففي هذه الفترة يجب أن تتجه القيم المجتمعية لجهة تقديس المرأة واحترام تطورها وبحثها العلمي وتنوع أفكارها وطموحاتها وأحلامها.

نعم وجدت صعوبة أكبر لأنهن من بنات بلدي التي دمرتها الحرب اللعينة، وشردت الكثير من أهلها وناسها وخيرة شبابها. ثمة أفكار انصدمت بها في الحياة مثل؛ “الحرية، الجنسية، البدائية والقوى المنتجة للنسل، وجهاد النكاح”، حيث تقدم جسدها لتحقيق المثل الأعلى في التضحية ونكاح الجهاد وهناك خلف الستار ما هو أعظم , لن أتطرق إلى النظرة الدونية ومفهوم الملكية والاستحواذ عليها وإنها مجرد أداة للجنس ووعاء للمتعة واللذة والحب عند بعض الجماعات المتطرفة التي نعمل على إعادة تأهيلهم بكل إرادة وبكل عزم وإصرار.

وهناك من تحوّلن إلى ملكات الجمال وملكات للبيوت ومع بزوغ فكرة الإثم صارت من المحرمات والعقوبات تزداد شيئاً فشيئاً, فما زال صدى صوت إحداهن في سماء عالمي حين صرخت أين النقاب وأين الحجاب يا كافرة.. أقتلوها أقتلوهاااااااا!!!

ونحن نعمل على نشر التوعية بينهن، أنها مهمة صعبة ومعقدة جداً أن تطهر فكر البشرية من كل الآثام التي التصقت بكل ما هو أنثوي، وأي تحليل لنهر حياة المرأة ومكانتها هو مهمة صعبة ومعقدة.

كل ذلك جعلني أتطرق إلى قراءة سريعة للعنف الجنسي ضمن سياقه العام الذي هو أبشع صور العنف، ويشمل الاغتصاب وغيرها من الاعتداءات الجنسية ضد النساء والفتيات والفتيان، وقد تتطور عواقبه ومضاعفاته البدائية أو النفسية على الناجين منه وشهوده إلى درجة وخيمة، ويكون له دور وأثر عميق يؤدي إلى تمزيق المجتمع وانهيار الحضارات بشكلٍ عام، ومن الضروري أن ندرك ويدرك الجميع أياً كان قد يقع ضحية للعنف الجنسي، ولكن الموروثات التاريخية والثقافية التي كرست انعدام المساواة بين المرأة والرجل وغيرها من أشكال التمييز التي تتعرض لها المرأة في جميع أنحاء العالم ساهمت في ارتفاع نسبة النساء والفتيات اللواتي يتعرضن للاعتداءات الجنسي في حالات النزاعات وهذا ينذر بآثار كارثية.

كنت أقرأ بأن بعض الجماعات تحديداً ضحية لجرائم العنف الجنسي أكثر من غيرها ومن بينهم المشردون واللاجئون والأطفال.

في خضم النزاعات والحروب السورية والجرائم الوحشية الواسعة النطاق سواءً في مناطق النزاع أو لا فقد أستخدم النساء في بلدي مما أتاح الفرصة أمام المجرمين باستغلالهن، في هذا المناخ غير الآمن وتتطلب الاستجابة وجود آلية قوية ومتعددة القطاعات رغم كل شيء.. كوني أنت سر قوتكِ.