الأولوية للقلب إِذا فَشِلنا في الموازنة

نورا خليل-

لقد تعلمت مؤخراً قيمة أشياء كنت أتعامل معها بمنتهى البساطة، ولكنها ذهبت إلى غير رجعة منذ ذلك اليوم المنسي. كانت نائمةً على سريرها ومتدثرة همومها في ظل سكوتها عن الحديث لأيام كثيرة قبل أن تتلاشى يوماً بعد يوم حتى صار كأنه أمر تناساه الجميع وبدأت بالكتابة من جديد.

أن تكون واعياً نفسياً لا يعني أن تكون شخص مُنزّه من الحزن ومن الضيق ومن الألم وكل أنواع المشاعر السلبية، فالوعي الذاتي يكمن في قدرتك على إدارة الضغوط النفسية وعلى الاعتماد على نفسك لتجاوز أزمتك وتسريع عملية الشفاء الذاتي؛ (لذا أعطت وقت كافٍس لذاتها وتخلصت من كل تلك الضغوط التي مرت بها).

أدركت كم نحن بحاجة إلى الحوار لمعرفة الحقيقة والسير في طريقها, فالحوار فن ومهارة وليس مجادلة وخصومة مذمومة.

مع الأيام أدركت ما لنفسها ولوظائفها العقلية والجسمية وتعرفت على خصائص العالم الخارجي ومن ثم أدركت نفسها باعتبارها عضوة من الجماعة، ومع الأيام بدأت في السير في دروب الوعي الذاتي وتعلمت قانون الإدراك والإسقاط وأن ما تدركه في داخلك سيسقط عليك.

وبدأت ببناء عقول أبناءها، فعلاقتنا بهم ليست مجرد بناء مستقبلهم كعقول والأولوية للقلب إذا فشلنا في الموازنة.

وعلينا كنساء أن نعمل على البناء السليم لدى أطفالنا ونراقب أفكارهم لأنها ستصبح مشاعر ونتحكم بمشاعرهم لأنها ستصبح سلوكاً.

وبالطبع إن أغلب الأمهات يعلمن بأن لبناء الوعي الذاتي مصادر عديدة منها الأفكار والمبادئ والقيم التي يؤمن بها الإنسان والمعرفة بالذات وتحديد مواطن القوة والضعف وللأسرة الدور الأهم كذلك عملية التنشئة والعلاقات الاجتماعية وآراء الآخرين والنقد الهادف.

أما المصادر الاجتماعية فتتمثل في دور الأسرة والمدرسة والأصدقاء والمجتمع في قيمه وعاداته ونظمه وقوانينه والمؤسسات الاجتماعية… إلخ.

كذلك مصادر إعلامية تشمل في دور وسائل الاتصال المسموعة والمرئية والمقروءة.

أما مصادر الفرد نفسه، فيعتبر الفرد من الفطرة السليمة والعاقلة بأنه قادر على الوعي والتفكير والتقرير واتخاذ القرار، ولتحديد واقع الوعي الذاتي فمن صورة الذات ونظرتك لواقعك ومنجزاتك ومن مواطن القوة والضعف والمعارف والمهارات والقدرة التي تمتلكها ومن أهدافك وتطلعاتك، وكذلك من المناطق المظلمة في ذاتك والتي تحتاج إلى الاكتشاف.

فقدّري ذاتك عزيزتي، وثقي بنفسك، وانتبهي من أخطاء التفكير كلوم الذات في الآخرين والإفراط في التعميم والمقارنات المفرطة والمحبطة وتحقير الإيجابيات وغيرها.

وابتعدي عن التصوير الكارثي وقراءة الأفكار والاستدلال العاطفي، فيوماً ما سينشر نسيم الحب همسات متنوعة، وكوني أنت سر قوتك.