الحرب الاقتصادية في أوجها..

نوروز عثمان

اشتدت  وتيرة الحرب الاقتصادية في الأشهر الماضية على صعيد الدول التي تشهد أزمات  سياسية وحرب داخلية فيما بينها بدءاً من لبنان – إيران – العراق وسوريا. وتختلف أبعاد هذه الحرب وأثارها من بلد إلى آخر مُخلِّفةً ورائها خناق وأزمة ومعاناة لا توصف ولا تُقدر.

فبقدر ما شلت الحرب المعتمدة من قبل الأنظمة الدولية والرأسمالية المجتمع ككل من الناحية السياسية والعسكرية والثقافية في أغلب المجتمعات في الشرق الأوسط وحوّلتها إلى بلدان نامية  دون استفادة تلك المجتمعات من خيراتها وثرواتها الباطنية والظاهرية كما حال الصومال والسودان وغيرها من بعض الدول الأخرى في رقعة الشرق الأوسط.

فهذه القوى إما تحول سكان تلك الجغرافيا أرضاً نامية جاهلة تعيش على خيراتها أو تحولها إلى دمار على رأسهم إن لم تخضع إلى سياستها تلك.

واليوم نشاهد كيف تتحول الحرب الاقتصادية إلى سلاح فتاك أخطر من تلك الأسلحة التي تمطر بالكيمياء والقنابل والصواريخ على رأس تلك الشعوب أينما كانوا.

اليوم تلعب سلطة الدولة القومية والرأسمالية بورقة اقتصاد البلاد التي عممت فيها سياسة الحرب العسكرية والسياسية وبوسائل عدة  تحت مسمى قانون فرض العقوبات أو ما شابه ذلك، هذا من جهة ومن جهة أخرى تقوم بشل اقتصادها عن طريق استضعاف اليد العاملة والمنتجة الجهد والإبداع، وتقليص نسبة اليد العاملة إلى زيادة  نسبة البطالة وبالتالي تطبيق سياسة  التربية بالتجويع. وهذا هو لب معاناة أغلب المجتمعات التي كانت تعيش عصر ازدهارها فيما سبق.

الحرب الاقتصادية اليوم في حقيقتها لها أبعادها السياسية قبل كل شيء. إذاً أن الطريق الأسهل لنيل إرادة شعب ومجتمع ما؛ هو شل اقتصاده كما يجري في سوريا ولبنان وإيران والعراق اليوم. والجدير بالذكر إن  العديد من التظاهرات التي اندلعت في معظم تلك البلاد ومنها سوريا كانت ترجع إلى معاناة الشعب الاقتصادية من جهة وفرض الحصار على تلك المناطق من قبل سلطة الدولة من جهة أخرى.

من بالغ الأهمية أن نتطرق إلى حقيقة يتجاهلها الكثير والكثير منا؛ وهو إن عدد الذين يتحكمون باقتصاد العالم اليوم لا يتجاوز العشرات وهذه أكبر كارثة يجب توعية المجتمع بها ومحاربتها من دون شك.

النقطة الأخرى التي تستهدفها الحرب الاقتصادية هي: غرق المجتمع حتى الرقبة في قضايا ومشاكل تشغله كل الشغل عن القضايا والأمور السياسية التي من المفترض أن تكون شغله الشاغل. فمثلاً رأينا معاً كيف بدأت الحرب الاقتصادية على شمال وشرقي سوريا في العام المنصرم. قبل أن يبدأ الاحتلال التركي هجومه على مناطقنا. إذ كيف قامت تلك الجهات بإضرام النيران في المحاصيل الزراعية بأراضي الفلاحين والفقراء والتي تسببت في خسارة كبيرة  لمردود وجهد المواطنين. فسؤالنا الهام هو؛ ما هو دور ابتعاد المجتمع عن سياسة الاكتفاء الذاتي أولاً؟ والاعتماد على الاستيراد قبل الإنتاج عامةً، وثانياً تقليص الزراعة التي تعد من أهم المصادر التي تُغني الاقتصاد وتقويه.