“أُخبِروا أمي أن ترفع رأسها وتنادي ولدي شهيد”

وكالة/ هاوار –

وضع حجر الأساس لثورة روج آفا وكان أحد رموزها، تميز بملامح القوة والإرادة الصلبة، وكان دائماً يطلب من ذويه أن لا يتنازلوا عن حقوق الشهداء، ويحملوا أسلحتهم حتى يُظهروا للعدو أن هناك من يكمل مسيرة الشهداء، وقال لشقيقه قبل استشهاده “أخبر أمي ألا تحزن إذا استشهدتُ فلترفع رأسها وتنادي ولدي شهيد”، ليترك خلفه بصمةً ويصبح شهيداً من شهداء مقاومة الكرامة.

مع بدء الهجمات التركية الفاشية على مناطق شمال وشرق سوريا، دافع الآلاف من شباب وشابات المنطقة عنها، والذين وضعوا حماية وكرامة أرضهم فوق كل اعتبار وسلكوا طريقاً لا يسلكه إلا أصحاب الإرادة القوية وعشاق الوطن والحرية، ومن بينهم الشهيد المناضل كوران الذي بدأ طريقه بحمل السلاح ليدافع عن أبناء شعبه ضد وحشية جيش الاحتلال التركي ومرتزقته.

ولد كوران أكرم عثمان في مدينة الحسكة عام 1990، وهو من عائلة وطنية مكوّنة من 6 أبناء، وكوران الولد الرابع بينهم، وتميز بهدوئه وتفوقه في المدرسة ومحبته لرفاقه، وفاعلاً للخير، يُضحي بسعادته ليسعد رفاقه ومن حوله.

درس كوران المرحلة الابتدائية في مدرسة عبد الله القادري في مدينة الحسكة لتنتقل بعدها العائلة من الحسكة إلى ناحية عامودا في مقاطعة قامشلو، وليكمل كوران دراسته الإعدادية والثانوية في مدارس عامودا، وتفوق كوران في دراسته ثم دخل كلية العلوم ـ قسم الكيمياء في جامعة حلب، ودرس لمدة عامين.

طالبَ بحق شعبه وهويتهم

وخلال دراسته الجامعية اعتُقل كوران من قبل النظام السوري في حلب، وتعرض للتعذيب والضرب، وهنالك المئات من أمثال كوران ممن اعتقلوا من قبل النظام وذلك لانتمائهم القومي.

وعند انطلاق ثورة روج آفا في تموز 2012 وكان الهدف منها تحرير الشعب من سلطة النظام البعثي والذهنية البعثية، قام الآلاف من أبناء المنطقة بالمطالبة بحقهم وهويتهم، وانضم كما الآلاف من أقرانه الشبان الكرد للعمل وتحقيق أهداف الثورة.

وهكذا ترك كوران دراسته وحياته وانضم إلى الثورة وعمل في الشبيبة الثورية، وشارك في النشاطات والأعمال التنظيمية، إلى أن تأسست وحدات حماية الشعب لينضم كوران إليها ويحمل على عاتقه حماية الوطن والدفاع عنه.

وشارك كوران في التصدي لهجمات جبهة النصرة على مناطق الجزيرة، بالإضافة إلى مشاركته في كافة الحملات التي أطلقتها قوات سوريا الديمقراطية ضد مرتزقة داعش في المناطق التي كانت تحتلها بشمال وشرق سوريا.

فخورٌ بشهادة ابني

ويقول والد الشهيد كوران، أكرم عثمان: “عُرف كوران بين أهله وكل من كان يعرفه بهدوئه وأخلاقه، وتفوقه في دراسته، وتميز بحنانه وطيبة قلبه”.

ويضيف والده: “دائماً كان يقول لي هدفي في هذه الحياة هو تحرير أرضنا المحتلة وعيش شعبي بأمان واستقرار، والسير على خطى رفاقي الشهداء، كنت أطلب منه أن يترك وحدات حماية الشعب ويذهب ليكمل دراسته الجامعية، وفي كل مرة كان يرفض ويرى أنه من غير الصحيح أن يدرس لدى دولة لا تعترف بثقافته ولغته، وفي الوقت ذاته كان يقول كيف لي لن أترك أهل بلدي وهم يتعرضون لهجمات من قبل الأعداء واذهب لأدرس”.

وعبّر والد الشهيد كوران، أكرم عثمان، عن فخره بشهادة ابنه وقال: “لم يكن الموت في يومٍ من الأيام سهلاً على الإنسان، كوران ولدي  قطعة من كبدي وأتمنى لو أنه الآن بيننا، وعلى الرغم من هذا الشعور إلا أنني لست نادماً على شهادته، وسيبقى رأسي مرفوعاً به”.

اعتُقل لأنه رفع علماً يحمل رموزاً كردية

أما الشقيق الأكبر للشهيد كوران، كاوا عثمان، تحدّث عن طفولة كوران، ويقول “كوران كان في المرحلة الثانوية عام 2006 واعتُقل من قبل النظام السوري، والسبب كان لأنه نظّم مراسم استذكار مع عدد من رفاقه لشهداء سينما عامودا، وأطلقوا سراحه لأنه كان قاصراً، واعتُقل مرة أخرى أثناء مرحلته الجامعية  في حلب، وذلك لأنه رفع علماً في الجامعة يحمل رموزاً كردية”.

يتذكر كاوا أن شقيقه في بداية الثورة ترك كل شيء خلفه، وباشر بالعمل مع الشبيبة ليبنوا فكر وثقافة الانتماء للقومية الكردية بين أبناء الجيل القادم بتنظيم المسيرات الشعبية وتكثيف الدورات الفكرية دون كلل أو ملل.

قبل استشهاده طلب منهم ألا يتنازلوا عن أرضهم

وأضاف كاوا، إن الشهيد كوران قبل استشهاده طلب منهم “ألا يتنازلوا عن حقوقهم ومطالبهم بتحرير أرضهم مهما كان الثمن، ويحملوا أسلحة الشهداء ويسيروا على خطاهم ليكملوا ما تركوه ناقصاً، حتى نُبيّن للعدو أن هناك من يكمل مسيرة الشهداء، وقال أخبروا أمي ألا تحزن إذا استشهدتُ، ولترفع رأسها وتنادي ولدي شهيد”.

وفي التاسع من الشهر المنصرم شنّت دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها هجوماً على مناطق شمال وشرق سوريا، واستُشهد كوران في الـ14 من ذات الشهر في ناحية عين عيسى، ليترك كوران خلفه بصمةً ويصبح شهيداً من شهداء مقاومة الكرامة، تاركاً وراءه هدفه الذي لطالما حلم بتحقيقه والوصول إليه، وها هو كوران وصل إلى جزء من هدفه (الشهادة).