هل أصبح صوت كل امرأة

بيريفان خليل –

في بعض الدول ظهرت حركات نسائية وتنظيمات تنادي باسم المرأة لدعمها من النواحي كافة والدفاع عن حقوقها ومحو العنف ضدها، ولكن لا يمكننا القول: إنَّ كلَّ تنظيمٍ أو حركة تأسست من أجل المرأة نجحت في الوصول إلى الغاية التي كانت ترمي الوصول إليها. ومن تلك الدول سورية وبالأخص الجزء الشمالي منها، فهذه المنطقة التي تشغل روج آفا الجزء الأكبر منها تأسس فيها تنظيمٌ باسم اتحاد ستار بداية، وهدف بتأسيسه إلى الدفاع عن كل امرأة دون تمييز في العرق أو الدين أو الإثنية. ففي هذه الرقعة كغيرها من مناطق العالم شهدت المرأة واقعاً مزرياً، وذلك نتيجة تأثُّر المجتمع بالفكر الذكوري الذي قيَّد المرأة وحرمها من أبسط حقوقها، ومارس العنف ضدها وجعلها أداة يتحكَّم بها كيفما شاء. من هنا جاء تأسيس اتحاد ستار كردِّ فعلٍ ضد تلك الأساليب القمعية والممارسات بحق المرأة، فتقدم الاتحاد بعمله ليصبح بعد فترة زمنية تحت اسم مؤتمر ستار، واتسع بأعماله على نطاق أوسع ليشمل مناطق أكثر.
ففي البداية انحصر عمل الاتحاد في منطقة روج آفا، ولكن بتحوله إلى مؤتمر ستار وتمدده بعمله ليشمل مناطق شمال سورية كافة ساعياً لاحتضان جميع النساء ضمنه.
جاء مؤتمر ستار رافعاً راية تحرير المرأة وخروجها من البوتقة التي كانت تعيش فيها فيما مضى، ليمدَّ لها يد الدعم والخلاص من الفكر الذكوري. دخل المؤتمر معظم بيوت المنطقة ليعرف آهات المرأة ومعاناتها إلى جانب قدارتها العظيمة المخفية، وكما قلت آنفاً وضع المؤتمر نصب عينيه الوصول إلى كل امرأة في المنطقة ومن جميع الشعوب، فلم يفرق المؤتمر بين امرأة عربية أو سريانية أو آشورية أو كردية.
مضى على نضال مؤتمر ستار أعوام، حيث وضع خططاً جديدة في كل سنة، ويعقد كونفرانسه في سبيل تقييم أعماله والتخلص من العوائق التي تواجهه وتعيق تقدمه.
لقد شهدنا دعم مؤتمر ستار لكل امرأة مضطهدة أو بالأحرى لكل إنسان مضطهد، كما وساهم في تقدُّم عمل المرأة بفتح مشاريع اجتماعية وثقافية واقتصادية ولا سيما السياسية منها، هذا المجال الأخير؛ الذي أُقصيت منه المرأة لعقود من الزمن، وبهذه الطريقة أصبح لدى المرأة استقلالية في تلك المجالات. كل هذا التقدم ولازالت هناك نساءٌ لازلن تحت رحمة الفكر الذكوري، لأنهن بقين مقيدات وسجينات رغم التطور والتقدم الذي طرأ على واقع المرأة.
هؤلاء النسوة لازلن يتعرضن للعنف ولأقسى الأساليب الوحشية، وبالتأكيد الذنب ليس ذنبهن، فهن لا يدركن مدى أهمية ذاتهن في المجتمع، وكذلك لم يتعرفن على حقوقهن وقدراتهن وتاريخهن العريق الحافل بالإنجازات. لذا؛ فهن لا زلن يعشن في ذلك الواقع راضياتٍ بما يحصل لهن، والبعض الآخر منهن لا يقبلن بهذا الواقع لكن لا حياة لمن تنادي. وهذا الدور يقع على عاتق مؤتمر ستار، علماً أن المؤتمر ركَّز في أعماله على التدريب، ففتح دورات كثيرة ونظَّم محاضرات لا تُحصى ولا تعد في سبيل تدريب المرأة لتصبح فيما بعد فاعلة وتلعب الدور الريادي في المجتمع الذي همشها من قبل، وادعى بأنه لا حول ولا قوة للمرأة. فها هو مؤتمر ستار يستعد ليعقد كونفرانسه في الأيام القليلة المقبلة.
من هنا ندرك أهمية التدريب لجميع شرائح المجتمع وعلى رأسها المرأة، حيث ستبرز في هذا الكونفرانس قوة المرأة ووحدة صفها في الشمال السوري، ليكون صوت كل امرأة. لذا؛ فمشاركة المرأة في هذا الكونفرانس ستضمن صوتها في اتخاذ القرارات المناسبة من أجل تقدم المرأة والأخذ بيدها نحو خطوات أكثر تطوراً، فيجب على كل امرأة أن تكون مستعدة للمشاركة بفعالية ضمن هذا الكونفرانس، وتدلي برأيها وتشير إلى نقاط الضعف في عمل المرأة لتجاوزها ووضع الحلول المناسبة سوية من أجل جنسها ككل. فالبعض من النساء ربما يستفدن من تجربة غيرهن، وبذلك يكون سعي النساء سعياً جماعياً وجهود كل امرأة جهداً من أجل المجتمع. فتخلق بذلك روح التشارك والتعاون لتصل إلى الحياة الكومينالية، وهذا لا ينفي أن تعيش المرأة مع الجنس الآخر حياة ندية تشاركية بطابع المساواة في الحقوق والواجبات بين الطرفين.