روناهي/ الحسكة ـ مع بداية العدوان الهمجي التركي على مناطق شمال وشرق سوريا وقصفه العشوائي على المدنيين، حيث سقط العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى؛ بدأت موجة نزوح كبيرة من سري كانيه والدرباسية نحو المناطق الآمنة في الحسكة. وقامت صحيفتنا بزيارة مراكز الإيواء للاطلاع على آراء النازحين وأوضاعهم والتقينا بعدد منهم الذين حدثونا عن العدوان الطوراني. وأوضح المواطن جاسم محمد التايه: “بدأ الجيش التركي المحتل بالقصف المدفعي على سري كانيه، حيث انهالت عشرات القذائف على المدنيين الآمنين، وانتشرت حالة من الفزع والرعب بين المواطنين. وجراء ذلك القصف؛ استشهد العشرات من المواطنين المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ. هذا العدوان هو عدوان على الإنسانية، ولم يكن لنا سبيل سِوى النزوح عن المدينة حالنا كحال جميع سكان الدرباسية الذين هربوا من القصف العشوائي على المدينة، واتجهنا نحو مدينة الحسكة لإنقاذ النساء والأطفال من قصفهم الهمجي، تاركين منازلنا وأملاكنا، حيث تم إيواؤنا في مدرسة سعد بن أبي وقاص، وتقدّم الإدارة الذاتية الديمقراطية كل ما بوسعها من الإمكانيات لتأمين الاحتياجات الأساسية للنازحين”.
ظروف قاسية غير إنسانية
في مدرسة لإيواء المئات من النازحين من مناطق الحدود؛ كانت بعض النساء جالسات في ساحة المدرسة وعلامات التعب والأرق والخوف من المجهول القادم ترافق ملامح وجههن وهناك حدثتنا المواطنة فاطمة صالح محمد من الدرباسيه بالقول: “تعرضت كل من سري كانيه والدرباسيه والمناطق الحدودية لقصف عنيف بالطائرات والمدافع الثقيلة من قبل الجيش التركي ومرتزقته، وبدأ الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ بالنزوح إلى المناطق الآمنة، ونحن قدمنا إلى الحسكة، حيث نعيش هنا في ظل ظروف قاسية غير إنسانية في المدارس التي تضم النازحين، وأكثر من يعاني من هذه الظروف هم الأطفال وبخاصة بعد ما رأوا من الدم والقتل وقصف الطائرات والمدافع فقد مروا بمرحلة قاسية من الخوف والرعب. هنا نفتقر إلى الكثير من أساسيات الحياة ونريد أن نعود إلى مناطقنا وأن يعم فيها الأمن والسلام، عانى الشعب السوري الكثير من الآلام والويلات ونتمنى أن تنتهي الحرب ويتوقف نزيف الدم، فالمدافع والطائرات لا تميّز بين الأطفال والنساء والشيوخ، بل تقصف بشكل عشوائي وبدون رحمة وشفقة”.
وأضافت: “نناشد مجلس الأمن والرأي العام العالمي بالتدخل لوقف الهجوم الهمجي على شمال وشرق سوريا، وعودة المدنيين إلى مناطقهم، فنحن على أبواب فصل الشتاء ولم نتمكن من جلب مستلزمات الحياة الضرورية، بل فقط تمكنا من الخروج مسرعين حاملين معنا الخوف من القادم المجهول”.
دماء وجثث وصراخ يملأ المكان
بينما كانت هناك بعض النسوة النازحات يقمنَ بإطعام فلذات أكبادهن من بعض الأطعمة التي قُدمت من الأهالي والإدارة الذاتية الديمقراطية؛ فسردت لنا المواطنة روزا محمد رمو معاناتها ومعاناة الآلاف من النازحين بالقول: “لقد عانينا الآلام والويلات على أيدي الدولة التركية المحتلة ومرتزقتها الإرهابيين، فمنذ اندلاع الثورة السورية حاولت دولة الاحتلال التركي التدخل في شؤوننا الداخلية وتمديد عمر الثورة من خلال دخول الإرهابيين والمرتزقة. والآن تحاول الدولة التركية المحتلة السيطرة على أراضي الشمال السوري واحتلالها عنوة بالهجوم على المناطق الحدودية بالطائرات والمدافع والأسلحة الثقيلة، فخرجنا مسرعين من مناطقنا والدماء والجثث تفرش الشوارع وبكاء الأطفال وصراخ النساء يملأ المكان وتساقط الأبنية والمنازل تحت ساكنيها”.
وتنفست روزا بعمق وكأنها تتنفس الآلام والمتاعب وتابعت بالقول: “فقدت الكثير من النساء أزواجهن وفلذات أكبادهن في الغزو العدواني على الشمال السوري. لقد ضاعت أحلامنا وآمالنا ومستقبل أطفالنا، فقد حُرموا من المدارس والتعليم، والآن نحن نعيش في أماكن لإيواء النازحين. ولكن؛ بالرغم مما نعانيه، إلا أننا على ثقة تامة بقوات سوريا الديمقراطية بأنهم من سيدافعون عن حقوقنا وسيقاومون لعودتنا إلى مناطقنا، فهم أصحاب حق ويشهد العالم انتصاراتهم ضد الإرهاب، واليوم نرى مقاومتهم وبسالتهم ضد الغزو التركي”.
وأضافت: “إننا بحاجة إلى الكثير من الدعم من قبل الجمعيات والمنظمات الإنسانية، ونعاني من نقص في الأدوية والطبابة والمواد الغذائية واللباس والمأوى. أما آن للشعب السوري عربياً كان، أو كردياً، أو سريانياً، أو آشورياً أن يعيش بأمن وسلام بعيداً عن الحروب والدماء”.
كما استنكرت النازحة روزا محمد رمو ومن معها من النساء النازحات الهجوم التركي بالقول: “نستنكر الهجوم التركي العدواني على مناطقنا، ونناشد المنظمات الحقوقية والإنسانية والرأي العام العالمي والمجتمع الدولي بالتدخل ووقف الهجوم التركي وعودة السكان والمدنيين إلى مناطقهم”.
تقرير/ آلدار آمد ـ دلال جان