شعوب شمال وشرق سوريا: “اللجنة الدستورية التي أقصت الإدارة الذاتية؛ لن تقدّم شيئاً للسوريين”

تقرير/ صالح العيسى –

رفض شعوب شمال وشرق سوريا اللجنة الدستورية التي أعدتها الدول الضامنة لصياغة دستور سوريا، وأكدوا أن هذه اللجنة التي تم إقصاؤهم منها لا تمثلهم، وأشاروا إلى أنّ إقصاؤهم منها خطأ فادح واعتداء على حقوقهم؛ كونهم الشعوب التي حافظت على وحدة الأراضي السورية ودافعت عنها، وشددوا على ضرورة مشاركة السوريين في صياغة دستورهم وحلّ أزمتهم بأنفسهم عبر الوحدة والحوار…

 مركز الأخبار ـ الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية جاء بناء على توافقات وتفاهمات القمة الثلاثية لضامني آستانا المنعقدة في أنقرة، وتسعى كل من إيران، ودولة الاحتلال التركي، وروسيا إلى تعزيز دورها في مسار حل الأزمة السورية، وتحقيق مصالحها الاستعمارية في سوريا والشرق الأوسط عامة. إلا أنه تم إقصاء شمال شرق سوريا من اللجنة الدستورية.

الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا التي تُدير منطقة يقطنها أكثر من خمسة ملايين سوري إلى جانب عشرات الآلاف من اللاجئين والنازحين صرّحت بأن مخرجات اللجنة التي لا يشارك فيها ممثلون عنهم لا تعنيهم.

ورغم أن خطوة مثل هذه كان ينتظر منها أن تدفع الأوضاع في سوريا التي تعيش حرباً منذ ثمانية أعوام إلى السلام وإيجاد الحلول. لكن؛ يبدو أن ذهنية الإقصاء والإنكار التي تنتهجها أطراف الصراع ستزيد من عمق الأزمة وأمدها بحسب ما يقوله المسؤولون وأهالي شمال وشرق سوريا.

وبهذا الصدد؛ التقت صحيفتنا “روناهي” لقاء بعضو مكتب الدراسات الاستراتيجية في حزب سوريا المستقبل فرع الرقة المحامي حسين الملَّة الذي أكد بأن هذه الخطوة ليست بصائبة، وجملة أهداف هذا القرار هو الحفاظ على استمرار مسار آستانا، وإظهار أهمية دور تلك الدول ومكانتها في مسار الحل السياسي.

وقال المحامي حسين الملَّة في مستهل حديثه: “في خطوة منتظرة منذ وقت طويل سعياً لإنهاء النزاع القائم في سويا؛ أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في الثالث والعشرين من شهر أيلول المنصرم عن تشكيل لجنة الدستورية لوضع دستور جديد في سوريا، أو تعديل الدستور الحالي تضم ممثلين عن كل من النظام، والمعارضة، والمجتمع المدني”.

وأشار الملَّة إلى قرارات الأمم المتحدة، وخصوصاً مؤتمر جنيف، وقرار 4225 ومضمونه السلال الأربعة، وهي ذات تراتبية لحل الأزمة السورية؛ السلة الأولى تشكيل منظومة حكم انتقالي، وبعدها هيئة الحكم الانتقالي وصولاً إلى السلة الثانية، وهو وضع الدستور، وبالتالي السلة الثالثة ستكون الانتخابات، أما الرابعة فهي إعادة اللاجئين، وأكد: “وعلى مسار تطبيق هذا القرار استطاعت روسيا، وحلفائها إيران، وتركيا اللعب على ترتيب السلال ببطء الحل السياسي، وتهيئة الظروف بما يتناسب مع مصالح كل من الدولة الإيرانية، والتركية والروسية”.

وأضاف: “بشكل مفاجئ وبسرعة كبيرة دون تريث وملاحظة تم الإعلان عن تشكيل اللجنة, هذه اللجنة لم تضم الشعوب كافة وخصوصاً شعوب شمال سوريا، بالإضافة إلى الأحزاب والقوى السياسية في هذه المنطقة؛ مما يحدث خللاً في اللجنة؛ لأن معايير اللجنة تعتمد على معايير دولية, كما أنه يجب أن تمثل اللجنة الدستورية القوى السياسية جغرافياً، وديمغرافيًّا التي تؤثر في البلاد. وبالنظر إلى هذه اللجنة نراها معتلَّة وهي بالأساس ميتة لعدم مراعاة المعايير الدولية في وضع الدساتير”.

وعن تشكيل اللجنة الدستورية السورية؛ قال حسين الملّة: “تضم اللجنة بحسب القرار الأممي 150 عضواً ثلث منهم يتم تعيينهم من قبل النظام، وثلث من قبل المعارضة في الخارج، فيما يضم الثلث الأخير ممثلين عن المجتمع المدني تم تعيينهم من قبل المبعوث الأممي إلى سوريا وتشكلت اللجنة الدستورية نتيجة اجتماع بين الأتراك المحتلين للشمال السوري، والروس الداعمين للنظام السوري، والإيرانيين الذين عاثوا في سوريا خراباً، وفساداً”.

واختتم الملَّة حديثه بالقول: “نحن في حزب سوريا المستقبل؛ نعترض على هذه اللوائح المشكلة في هذا الدستور؛ بسبب غياب ممثلي شمال وشرق سوريا ولا سيما أنّ هذه المنطقة تضم حوالي خمسة ملايين نسمة؛ وإقصاؤهم بهذه الطريقة يعتبر خللاً في تشكيل اللجنة. نطالب القوى السياسية الوطنية بإبداء الآراء حول هذه اللجنة، والاعتراض عليها لمصلحة سوريا، كما نطالب التحالف الدولي خصوصاً الولايات المتحدة، وفرنسا بإعادة النظر في تشكيل اللجنة؛ لضم ممثلين عن الشمال السوري بشعوبها كافة”.

كما ورصدت وكالة أنباء هاوار آراء أهالي مدينة كوباني حول هذا الموضوع، إذ قال المواطن فراس قاسملو: “إن ثلث أراضي سوريا حُررت بدماء شهداء أبناء هذه المنطقة، رغم ذلك فإن شعوب شمال وشرق سوريا لا أحد يمثلهم ضمن اللجنة الدستورية, وهذا ما نرفضه”.

وأضاف: “وتشكيلة اللجنة الدستورية، تمثل بحد ذاتها إشكالية كبيرة لتبنيها رؤى متناقضة حول شكل الدستور المستقبلي للبلاد، فممثلو المرتزقة في اللجنة يطالبون بدستور جديد يمنحهم سلطات مركزية، بينما يرى ممثلو النظام ضرورة الحفاظ على الدستور الحالي، والإبقاء على مفاتيح السلطة في يد نظام الأسد، والرؤيتان لا تخدم توجهنا الديمقراطي في سوريا”.

وأكد: “نطالب بحقوقنا لا أكثر, ولا نعتقد أن هذه اللجنة ستتمكن من حل الأزمة في سوريا، مثلها مثل أي لجنة سابقة شكّلتها الدول المُتحكمة بمصير سوريا”.

وقال المواطن محمد خليل وهو صاحب محل في مدينة كوباني: “إن اللجنة الدستورية التي تم الاتفاق عليها دون مشاركة الذين يُمثلون نصف سكان سوريا, لا يمكنها حل المشاكل في سوريا، ولن تُقدم أي شيء إلى الشعب السوري”.

ومضى قائلاً: “المشاركون الآن في اللجنة لا يمثلون الشعب السوري، بل يعملون من أجل مصالح بعض الدول, نرفض هذه اللجنة التي ستعمل من أجل مصالح بعض الدول وليس من أجل السوريين, السبيل إلى الحل في سوريا يكون عبر مشاركة أبناء سوريا في مساعي الحل”.

وفي سياق متصل، قال مسلم محمد بوزان: “نحن مواطنون سوريون وهذا هو وطننا ونريد أن تُحل مشاكلنا بعقد لقاءات بين السوريين أنفسهم لحل الأزمة في عموم المناطق السورية، الجهات الخارجية لن تقدم لنا شيئاً، دولة الاحتلال التركي تحتل المنطقة من إدلب إلى جرابلس ولا نرى في تلك المنطقة سوى القتل والنهب. لذا؛ ليس لنا إلا أن يجلس السوريون سوياً ويصيغوا دستورهم”.