أكاديمية الفرات في الرقة: “هدفنا نشر الفكر المتحرِّر الديمقراطي”

تقرير/ صالح العيسى –

روناهي/ الرقة – تعتبر أكاديمية الفرات في مدينة الرقة من أهم المنابر التي تقوم بتدريب وتوعية المجتمع، وهي تقع في حي المشلب، وتبرز كأهم الأكاديميات على امتداد الرقعة الجغرافية التي حرَّرها بواسل قوات سوريا الديمقراطية، حيث يتلقَّى المتدربون فيها دروساً فكرية من قبل مختصين.

إن أحد أهم أركان التفكير الإبداعي هي خاصية التفكير المرن، وهو القدرة على التفكير النوعي بعد إيجاد كل الاحتمالات والخيارات المؤدية للغرض ورؤيتها والإحاطة بها بحلول كثيرة، منها قد لا يكون مطروحاً، والسيطرة عليها مستخدماً مهارات التفكير المرن لانتقاء الحل الأفضل في الوقت الأنسب، فالحياة عادةً ما تكون صعبة المسالك وَعِرَةً مليئةً بالعقباتِ، والمصاعب.

وبما أنَّ الحياة متغيرة دائماَ وظروفها متجددة، فما عليك إلا التغيير في تفكيرك ليتناسب ويلائم هذه المتغيرات في إيجاد الفرص الجديدة لاستثمارها، وهذا يتطلب مرونة في التفكير.

لذا كان من واجب الإدارة الذاتية الديمقراطية والمدنية تفعيل الأكاديميات المتخصصة بهذه المسائل؛ فتم افتتاح الكثير منها في الشمال والشرق السوري؛ بغية الارتقاء بفكر أفراد المجتمع كالعاملين في المؤسسات من إداريين وأعضاء، إلى جانب فئة الشبيبة التي تشكل الدفة الموَجِّهةَ للمجتمع، وللمرأة أيضاً أكاديمياتها التي تُعنى بمساعدتها للتعرُّف على تاريخها، وكيفية إسهامها في بناء المجتمعات.

وخاصةً في المناطق التي هيمن فيها الفكر المتعصب، والدُغمائيَّة، ومن هذه المناطق مدينة الرقة التي غرق مجتمعها في مستنقع الفكر الظلامي المتطرف على مرور أربع سنوات، حتى انتشاله منه في 20/10/2017م.

أمَّا بعد انتهاء أعمال التحرير، وإزالة الركام، وفتح الطرقات وتنظيفها، وعودة أهالي المدينة إليها كان لابد من الاهتمام بالجانب الفكري الذي قد تصلَّب، وتعفَّن لدى البعض مما يعيق مسيرة الازدهار، وآليَّة العمل، لذا شُيِّدت منارات العلم، مناهل الفكر لينهل منها أبناء المجتمع، وللتخلص من الفكر الأحادي الذي ينتهي المطاف بصاحبه بالدوران في حلقة مُفرغة لا نجاة منها.

واليوم تنتشر هذه المنارات المتمثِّلة بالأكاديميات على امتداد الرقعة الجغرافية التي حرَّرها بواسل قوات سوريا الديمقراطية، ومنها أكاديمية الفرات في مدينة الرقة تحديداً في حي المشلب التي تعَهَّد القائمون عليها بأن يسهموا في تحفيز الفكر المُتَّزن الذي يحمله مفهوم الأمة الديمقراطية، لكي نستطيع تطبيق هذا المفهوم على أرض الواقع، وضمن المؤسَّسات العاملة، وبهذا الصدد كان لصحيفتنا جولة في أكاديمية الفرات، والتقينا بالإداري فيها هلال الجودية الذي حدثنا عن حياة المتدرِّبين داخل الأكاديمية، وعن آليَّة العمل فيها، والدروس التي يتلقاها المتدربون، على شكل الحوار التالي:

متى اُفتتحت الأكاديمية، وكيف؟

افتتحت الأكاديمية في الرابع من شهر نيسان لعام 2018م، بعد الانتهاء من أعمال الترميم التي بدأت مع مطلع العام 2018م، وتَتبَع لمكتب التربية التابع بدوره لمجلس سوريا الديمقراطي، وفي الشهر الرابع من العام الجاري ستُكمِل عامها الأول منذ الافتتاح.

متى استُهِلَّت الدورات الفكرية، وكم بلغ عددها؟

كان افتتاح الدورة الأولى في العاشر من شهر نيسان العام الماضي، والتي حملت اسم الشهيد “عمر علوش”، التحق بها 86 متدرِّب جاءوا من منبج، والطبقة، ودير الزور، والرقة.

أمَّا الدورة الثالثة التي حملت اسم أحمد الجفَّال فقد اختصَّت بالمحاضرين حيث ضمَّت 27 محاضر تم تدريبهم على إلقاء المحاضرات الفكرية.

وقد بلغ عدد المتدربين في الأكاديمية 366 متدرِّب، منذ افتتاح أولى الدورات، حتى تخريج الدورة السادسة التي سُمّيت باسم الشهيد “راغب بكَّار”، الذي طالته يد الغدرِ في منبج إثر انفجار عبوة ناسفة.

ما نوع التدريب الذي يخضع له المتدرِّبين، وكيف هي الحياة داخل الأكاديمية؟

يتلقَّى المتدربون الدروس الفكرية من قبل المختصين، ومن هذه الدروس؛ “سيسولوجيا الحرية، نسق الحقيقة، الأمة الديمقراطية، تاريخ سوريا والشرق الأوسط، النَّقد والنَّقد الذاتي، أهميَّة التدريب”.

يتضمَّن التدريب النشاطات البدنية أيضاً، فعند الاستيقاظ يقوم المتدرِّبون برياضة الصباح، وبعد الدروس الفكرية يقومون بلعب الكرة الطائرة، إضافةً لسقاية الأشجار، والاهتمام بها كتوسيع أحواض الأشجار، وإزالة الأعشاب الضارة من محيطها.

إضافةً إلى إعطاء دروس عملية لتعلم استخدام الحاسوب، والعمل على برامجه، وتعليم طرق التدريس أيضاً.

الدورات لكلا الجنسين الذكور، والإناث، وهي مختلطة، وللتوضيح الهدف من افتتاح الأكاديمية هدفٌ توعوي فكري على خلاف ما يظنه البعض من المشكِّكين، ومبدأه هو نشر الفكر الديمقراطي، والمساواة، ومشروع الأمة الديمقراطية ليس حكراً على قومية معينة، أو فئة محدَّدة بل هو لكل الشعب بمختلف طوائفه، وأديانه، وشعوبه.