لا لكلمتي القدر والنصيب

بيريفان خليل –

تعرضت المرأة لشتى أنواع الظلم بسبب ضغوط المجتمع المتأثر بالفكر الذكوري، هذا المجتمع الذي يتعامل مع المرأة على أنها كائن ضعيف، فعلى أساس العادات والتقاليد البالية يقيد المرأة من جميع النواحي، لكن ما هو أهم من ذلك ويجب التركيز عليه هو كلمة القدر أو النصيب. فبدلاً من القول: إنَّ هناك ظلماً وعنفاً يمارس بحق المرأة ويقيدها ويكسر إرادتها ويحط من مكانتها ويقصيها من جميع المجالات الحياتية يقولون: إنَّ هذا قدرها ونصيبها. ولو أعطينا مثالاً سنجد أنَّ الواقع يعكس القول! فعند تزويج الفتاة في سنٍّ قاصرة من قبل الوالد بشكل خاص تتكاثف النتائج السلبية لهذه العلاقة الزوجية لتكون مدتها قصيرة جداً في أغلب الأحيان، ولتنتهي بالانفصال، هذا عدا عن أنَّ البعض منهن قد أصبح لديهن أولاد، وبعد الانفصال ينسبون ذلك إلى كلمتي القدر أو النصيب، هنا علينا التفكير جلياً والإيضاح أهو القدر والنصيب الذي فعل بالمرأة ما يشاء، أم أن الذهنية الذكورية هي التي فعلت بها هذا؟، القدر الذي قتل طفولتها وقضى على طموحها أم……..؟.
الكثيرات من النساء تعرضن لهذا الموقف واغتصبت حقوقهن سابقاً، دون المبادرة برفض ما يفرض عليهن لأن المجتمع الذكوري قد علمهن ورباهن على ذلك الفكر، وبأن تقبل بما يقال لها وما يخطط لمستقبلها، أي أن تصبح أداة وألعوبة بأيديهم يوجهونها كيفما يشاؤُون، فهي المطيعة لأوامر الكبار وبشكل خاص لطلبات وأوامر الجنس الذكوري من أب وأخٍ وبعدهما الزوج. فتعيش تلك الفتاة راضية بما يُقال لها من أنَّ هذا هو قدرك ونصيبك، وتتحمل العبء والظلم والعنف بحقها، وكأن هذا واقعها وواقع جنسها، ولا تستطيع تغييره أو الحديث في شأنه.
نعم ذلك المجتمع رسَّخ في ذهنية المرأة الكثير من المفاهيم المطلقة، كي لا تناقش فيه المرأة وتغيره، ولأن المرأة لا تعرف تاريخها الحقيقي أو ذاتها وقدراتها، عاشت سنوات طوال ضمن ذلك العصر، ولكن اليوم لم يعد هناك مكان لتلك الذهنية السلطوية، إذ طرأت تغييرات كثيرة على واقع المرأة. فقد ناضل الكثير من النساء، نساءٌ امتلكن الفكر الحر سلاحاً، لإخراج النساء كافة من حبسهن، وإعادة تأهيل شخصية المرأة، لتدرك أنها فردٌ في المجتمع ويحقُّ لها ما يحق للجنس الآخر. من هنا برزت بوادر التغيير لدى المرأة، ولم تعد تؤمن بكلمة القدر والنصيب، عندما استخدمها المجتمع الذكوري أداةً لصالحه للحد من قدرات المرأة وإبقائها في الجهل دون وعي. وما يثبت ذلك أن المرأة أضحت ذات قرارٍ خاص بها، ودعمها في تلك المؤسسات والمنظمات المعنية بشؤون المرأة، فبداية الدعم كان بإصدار الأحكام الخاصة والمبادئ الأساسية الخاصة بالمرأة من قبل هيئة المرأة التي تشكلت عند الإعلان عن الإدارة الذاتية الديمقراطية، وكذلك بعد تشكيل مؤسسات معنية بشؤون المرأة سواء دور المرأة أم المجالس الخاصة بها كمجلس المرأة للعدالة والتنمية ومجلس المرأة السورية، ولن ننسى مؤتمر ستار الذي هو بالأساس تنظيم يدعم المرأة من جميع الجوانب، ويخولها لتكون أكثر فعالية في المجتمع وأكثر وعياً، لتعتمد على ذاتها في كلِّ شيء وتطالب بحقوقها وتدافع عنها وتحمي نفسها وجنسها في آنٍ واحد. المرأة تلك البطلة والمناهضة والمنتفضة من أجل الحق ورفع الظلم عن نفسها وعن المجتمع وعن كلِّ مظلوم.