علي زاخراني
إن الكلمة الطيبة مفتاح العلاقات الجيدة مع الآخرين، وهي العنوان الرئيسي لأي نقاشٍ ناجح، وهي مفتاح لكل خير، ودافعة للشر، قال تعالى: “وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ؛ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ”، وهي تكسب الود والمحبة بين الناس. وللكلمة أهمية كبيرة في الإسلام، فبها يدخل الإنسان للإسلام، وبها يخرج منه، ولذلك كان القرآن والسنة زاخرين بالحث على الكلام الطيب والدعوة إليه، وفيما يأتي ذكر بعض فضائل الكلمة الطيبة: نيل الأجر والثواب، المسلم حريص بطبعه على الاستزادة من الأجور، ولذلك تراه يسعى في تحري الخير في الأعمال التي تقربه إلى رضا الله سبحانه وتعالى، وقد يغفل البعض عن أنه قادر على الحصول على أجر عظيم بواسطة لسانه، فقد قال رسول الله: “الكلمةُ الطَّيِّبةُ صدَقةٌ”. والكلمة الطيبة لها أثرٌ عظيمٌ في ميزان الإنسان عند الله تعالى، وكم من كلمة خيرٍ ألقاها شخصٌ ولم يُعِرْها اهتماماً، وكانت كفيلة بتغيير حياة إنسان وتبديل تصرفاته، كيف لا وقد كان سلاح رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المشركين هو الكلام؛ دعوةً إلى عبادة الله، وحثاً على فعل الخير. أساس العلاقات الطيبة بين الناس الكلمة الطيبة عنوان القلوب، ومَن أراد مفتاح القلوب فعليه بأطايب الكلام، فكم من كلمةٍ غيّرت نفسية المخاطب بها، وكم من كلمةٍ جمعت الناس على فعل خير، وكم من كلمةٍ عصمت الدماء، وقد وجّه الشرع الحكيم إلى اختيار أحسن الكلام عند مخاطبة الناس لِما له من أثر طيب على الآخرين.
قال الله تعالى: “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا”، فانظر كيف جاء الأمر بها في الآية الكريمة، فهي تجعل العدو صديقاً، والصديق حميماً، وهي أغلى على النفس من الهدايا المادية، فالكلمة تبقى والهدية تزول. الكلمة الطيبة صدقة الكلمة الطيبة منحة من الله تعالى، وعلى المسلم أن يعوّد لسانه عليها، وذلك بانتقاء ألفاظه، وحسن استخدام الوقت والمكان المناسب لها، فيخاطب الآخرين بأطيب الكلام مهما اختلفت مواقعهم، ويخاطب بها مسؤوله ومن هو في مرتبته، ومن هو دون ذلك. لذا؛ يقول الرسول صلى الله عليم وسلم: “إنَّكم لا تسعون الناس بأموالكم، ولكن يسعهم بسطُ الوجه، وحُسن الخلق”.
وللكلمة الطيبة أثر، وأثرها يبقى مدة طويلة، ألا ترى أن أقوال أهل الخير من العلماء وغيرهم ما زالت محفوظة إلى اليوم، وما زال يرددها الكبير والصغير، فهي تفعل في الإنسان فعل الأدوية.
الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة ضرب الله مثلا للكلمة الطيبة ووصفها بشجرة طيبة، قال -تعالى-في سورة إبراهيم: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ”، وفي هذا المثال الرباني وصفٌ للشجرة بأنها شجرة طيبة الرائحة والطعم والمذاق، جميلة المنظر والشكل، وأصلها ثابت لا يتزحزح، وهي شامخة في السماء، وثمرها دائم.
فهذا وصف قرآني بليغ للكلمة الطيبة، بتشبيهها بأوصاف النخلة الطيبة، فالكلمة الطيبة جميلة المعنى، حسنة الوقع على الأذن، وهي قوية راسخة لا ينازعها شيء، واضحة للآخرين، ومفهومة المعنى، وأثرها دائم لا ينقطع.
فالكلمة الطيبة هي أساس التعامل الحسن بين الناس، وتساهم في بناء علاقات إيجابية ومحبة. هي قوة ناعمة قادرة على التأثير في الآخرين، وإحداث تغيير إيجابي في حياتهم، سواء كانت مديحًا أو تشجيعًا أو مجرد سؤال عن حال الآخرين، تترك أثرًا إيجابيًا على النفس وتساهم في بناء الثقة بالنفس، وتفتح القلوب وتزيل الحواجز بين الناس، وتجعلهم أكثر تقبلاً لبعضهم البعض، وتشجع على التعاون والتكاتف، وتعزز العلاقات الإيجابية، وتساهم في بناء مجتمع متماسك.