روناهي/ دير الزور – تُشكّل “الحراقات”، أو مصافي النفط البدائية وغير الرسمية المنتشرة عشوائياً، ظاهرة بيئية وصحية خطيرة في ريف مقاطعة دير الزور، فيما طالب الأهالي بضرورة إبعاد الحراقات عن المناطق المأهولة بالسكان لما لها من أضرار على الأهالي والمرضى خاصةً.
يؤدي تشغيل مصافي النفط البدائية في دير الزور سواءً ليلاً أو نهاراً إلى انبعاث روائح كريهة ونشر كثيف للكربون الأسود وهو ناتج مباشر عن حرق النفط الخام بطرق غير صحيحة، حيث تتسبب هذه الانبعاثات في مشاكل صحية فورية، أبرزها ضيق التنفس وحالات الاختناق، خصوصاً لدى مرضى الربو والجهاز التنفسي، لكن التأثير لا يقتصر على ذلك فقط، حيث تُهدد هذه المصافي البدائية حياة الكثيرين بالإصابة بأمراض وراثية بالإضافة قد تصل خطورتها إلى التسبب بمرض السرطان، وتُشير الإحصائيات بحسب مشفى الكسرة بريف دير الزور، إلى أن مستشفى “البيروني” في مدينة دمشق استقبل في الفترة الأخيرة الكثير من مرضى السرطان من أهالي دير الزور وذلك بفعل الحراقات البدائية.
الحرّاقات خطر يُهدد حياة السكان
وفي هذا السياق، عبّر “محمد إبراهيم”، أحد أهالي بلدة الكسرة، عن قلقه: “موقع الحراقات قريب من التجمعات السكنية، مما يسبب ضرراً على الأهالي نرجو إبعاد الحراقات مسافة أكبر عن المنازل، فهي تؤثر على مرضى الربو، وقد يصل تأثيرها للإصابة بمرض السرطان”.
ومن جانبها، أضافت “بتول العبد الله” من أهالي بلدة الصعوة بأن تأثير الحراقات سلبي جداً على الناس عامةً، وخصوصاً في فصل الصيف، حيث يعود الدخان الملوث على الأهالي عند إشعال الحراقات بالقرب من المنازل السكنية “الرائحة تسبب حساسية في القصبات الهوائية وتؤثر بشكلٍ فعلي على مرضى الربو”.
مطالبات بإبعاد الحرّاقات عن التجمعات السكنية
وفي سياق متصل، شدد “طه العبود” أحد أهالي بلدة الصعوة على الأضرار الفعلية التي تلحق بالمجتمع، وقال: “نرجو من الجهات المعنية أن تقوم بإزالة الحراقات أو إبعادها عن المنازل السكنية، كونها تؤثر على المرضى”.
وأضاف “عند إشعال الحراقات في الليل، ومع ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي، نصاب باختناق ولا نستطيع التنفس، وأكثر من يتأثر على وجه الخصوص هم الأطفال”.
وزاد “ولم يقتصر التأثير على الاختناق فحسب، يمتلئ المنزل بالكربون الأسود (الشحّار)، وهو مادة تنتج عن احتراق النفط، هذه الحراقات تشكل مخاطر صحية وبيئية تضاعف من معاناتنا”.
ووصف حالة جاره “محمد الحسن”، الذي يعاني من التهاب قصبات حاد مزمن، قائلاً: “عندما تبدأ الحراقات بالعمل، يضطر للذهاب إلى غير بلدة ليتفادى حالة الاختناق التي تصاحب مرضه والتي قد تودي بحياته”.
مخاطر الحرّاقات
من جانبه، أوضح الطبيب العام في مشفى الكسرة، “محمود الشعّار”، خطورة مشكلة انتشار الحراقات على المجتمع، “أنها تعمل على أذية المجاري التنفسية، مسببة التهاب قصبات حاد ومزمن مع حالات اختناق”.
وحذر الشعّار من تداعيات أخطر قد تصل إلى عدم توفر الأكسجين في المشفى مما يدفع إلى القبول في العنايات المشددة، وأذية بعض المرضى، ووفاة بعضهم، مشيراً إلى احتمالية أن تؤدي هذه الانبعاثات إلى سرطانات في الجهاز التنفسي والهضمي.
واختتم الطبيب “محمود الشعّار” حديثه مشدداً على ضرورة وضع الحراقات بعيداً عن التجمعات السكنية والمدن لكيلا تؤثر سلباً على المجتمع، خصوصاً وأنها منتشرة بشكلٍ شائع في مناطق قريبة من المدن والقرى.
