الحسكة/ محمد حمود ـ شدد أهالي الحسكة، على أنه في سوريا هناك ضرورة للتحول الديمقراطي، وهذا يأتي عبر الحوار الوطني السوري الجامع، وأكدوا، أن كتابة دستور جديد ديمقراطي، يضمن الحقوق والعدالة والمساواة لجميع السوريين، وأشاروا، إلى أن تطبيق نموذج الإدارة الذاتية على الجغرافيا السورية، من أفضل الحلول الممكنة في تحقيق تطلعات السوريين.
تبرز ضرورة التحول الديمقراطي في سوريا، بعد سقوط نظام البعث، عبر حوار وطني شامل، وكتابة دستور جديد يضمن حقوق الجميع، وفي هذا الاستطلاع لآراء أهالي الحسكة، أكدت جميعها على أهمية الاستفادة من نموذج الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، الذي يعزز التعايش والديمقراطية، لبناء دولة موحدة تحترم التنوع وتكفل العدالة والحرية لكل السوريين.
بعد سقوط نظام بشار الأسد، في كانون الأول 2024، تقف سوريا على مفترق طرق، السوريون وبعد عقود طويلة من الاستبداد، والظلم، والحرمان، وجدوا أنفسهم أمام فرصة كبيرة لبناء دولة ديمقراطية تعكس تطلعاتهم وتحقق أمانيهم، الشعب السوري اليوم، عليه توحيد الخطاب والرؤى لإيجاد الحلول التي تنهي الصراعات، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، والسعي الحثيث لبناء سوريا الديمقراطية، ولكل السوريين.
فرصة ذهبية لبناء سوريا
في السياق، تحدث لصحيفتنا، المواطن، شيخموس قنجو، وقال: أن “التحول الديمقراطي في سوريا يتطلب حواراً وطنياً شاملاً، يجمع الشعوب والمكونات السورية، على طاولة واحدة، لقد عانينا لعقود طويلة من الزمن نظاماً استبدادياً، قمع الأصوات المختلفة وزرع الانقسامات بين السوريين”.
وتابع: “اليوم، بعد سقوط الأسد، لدينا فرصة ذهبية لبناء سوريا جديدة، لكن هذا لن يتحقق إلا بحوار حقيقي يشارك فيه الجميع، “العرب، والكرد، والمسيحيين، والدروز، والعلويين، وكل الشعوب من الديانات والأعراق المختلفة، الحوار الوطني ليس مجرد اجتماعات، بل هو عقد اجتماعي جديد يضمن كافة الحقوق ولا يقصي أحداً”.
وأضاف: أن “نموذج الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا يمكن أن يكون مصدر إلهام للجميع، ونحن في الحسكة، رأينا كيف عملت الإدارة الذاتية على تمكين المجتمعات المحلية، لقد أنشأت مؤسسات تعليمية، واجتماعية، وخدمية، تتيح للكرد، والعرب، والسريان، وغيرهم، العيش معاً والمشاركة في إدارة مناطقهم، هذا النموذج، رغم الكثير من التحديات التي تعترضه، يظهر أن التنوع يمكن أن يكون قوة، إذا تم إدارته بحكمة”.
وأكد: “الدستور الجديد يجب أن يستلهم من التجربة الديمقراطية للإدارة الذاتية، من أجل ضمان حقوق الجميع، بما في ذلك الحقوق الثقافية، واللغوية، والدينية، ومن هنا يجب كتابة دستور جديد، يراعي التنوع السوري، وأن يضمن الحقوق الأساسية كالحرية، والمساواة، والعدالة، لكل مواطن، بغض النظر عن طائفته ودينه ولغته”.
وحذر، قنجو، من مخاطر التدخلات الخارجية التي قد تعرقل مسار الحوار الوطني السوري، بقوله: “القوى الإقليمية مثل كالدولة التركية المحتلة، لها مصالحها، وتحاول دائماً فرض أجنداتها وتحقيق مصالحها. لذا، علينا أن نكون حذرين، ونعمل من أجل المصلحة العليا للشعب السوري أولاً، وهذا يأتي عبر الحوار الوطني الشامل بين كافة السوريين، بعيداً عن التدخلات الإقليمية والخارجية.”
واختتم، المواطن، شيخموس قنجو، حديثه بالقول: “إذا نجحنا في إطلاق حوار شامل، سنكون قد وضعنا الأساس لبناء دولة ديمقراطية موحدة تحترم الجميع.”
دستور يعكس تطلعات الشعب
من جهتها، قالت المواطنة، بتول الخلف: “علينا أن نركز على أهمية صياغة دستور جديد، يعكس تطلعات السوريين، ويضمن العدالة الاجتماعية، والمواطنة الحقيقية لكل السوريين، دون مواربة”.
وبينت: “على مدى عقود طويلة من الزمن، عشنا في ظل نظام قمعي مركزي، ومن أجل إنهاء تلك الحالة، على السلطات في دمشق، مشاركة السوريين في كتابة دستور يلبي تطلعات السوريين بمختلف انتماءاتهم وأديانهم، وأن يضمن حقوق الجميع، وخاصة حقوق النساء، والشباب، والشعوب كافة، ومن الواجب أن يكون لهؤلاء دور رئيسي في صياغة الدستور القادم لسوريا”.
وأشارت، إلى أن نموذج الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، كمثال حي لتمكين المرأة من الحصول على حقوقها، بقولها: “في مناطق الإدارة الذاتية، هناك تعامل خاص مع المرأة، حيث حصلت على الكثير من الحقوق، فأصبحت قيادية سياسية، وعسكرية، ورئيسة مشتركة لجميع المؤسسات الإدارية، وهذا النموذج فريد من نوعه، يظهر إمكانية إشراك الجميع في عملية صنع القرار، ومن هنا تعميم هذا النموذج على الأراضي السورية، سيؤدي إلى استقرار سوريا، وحصول الجميع على حقوقهم دون نقصان، كما أنها ستكون نواة للامركزية الإدارية، والحفاظ على وحدة البلاد”.
وأضافت: “أي دستور قادم، يجب أن يتضمن مواد واضحة تحمي حقوق النساء، وتكافح التمييز، وتضمن المساواة في التعليم والعمل، والمشاركة السياسية.”
وأكدت، بتول، على أهمية تطبيق العدالة الانتقالية، كجزء من التحول الديمقراطي، فقال: “لا يمكن بناء ديمقراطية حقيقية دون محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي حدثت، وجبر ضرر للضحايا، دستور سوريا الجديد، يجب أن يتضمن آليات واضحة لتحقيق العدالة الانتقالية، ومن هنا لا بد من تشكيل لجان بخصوص تطبيق آليات المحاسبة، تجربة الإدارة الذاتية أظهرت محاولات لمعالجة الانتهاكات عبر الحوار بين السوريين، لحل مثل هذه القضايا التي يستوجب حلها بالطرق السلمية”.
واختتمت، المواطنة، بتول الخلف، حديثها بالقول: “الدستور السوري الجديد، يحب أن يكون وثيقة تعكس أحلام وأمال السوريين، في وطن حر، ديمقراطي، لهذا يجب أن يشارك الجميع في كتابته”.
الإدارة الذاتية نموذج للحل
ومن جانبه، تحدث المواطن، طارق خليف، الذي يرى أن نموذج الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، يمكن أن يكون أساساً لتحقيق ديمقراطية محلية فعالة، قائلاً: “في مناطق شمال وشرق سوريا، رأينا كيف أتاحت الإدارة الذاتية للمجتمعات المحلية إدارة شؤونها بنفسها، بمشاركة الجميع، لقد أنشأت مجالس محلية تضم ممثلين عن مختلف الشعوب والمكونات، ما ساهم على تقليل التوترات العرقية، والطائفية، لأن مشاركة الجميع خلق حالة من الأمان والاستقرار في المنطقة، هذا النموذج يثبت أن الديمقراطية تبدأ من أسفل الهرم، وصولاً إلى القمة”.
وأوضح: “التحول الديمقراطي في سوريا يحتاج إلى توجه نحو الحكم اللامركزي، وفي هذا الجانب أظهرت الإدارة الذاتية، أن إعطاء المناطق صلاحيات إدارية ومرونة كافية، يمكن أن يعزز الاستقرار والأمان، على سبيل المثال، في شمال وشرق سوريا، تمكنت المجالس المحلية، من تقديم خدمات أساسية مثل التعليم، والصحة، رغم الظروف والتحديات الصعبة، هذا النموذج يمكن أن يُعمم على باقي سوريا، وهو الذي يضمن وحدة البلاد”.
واستطرد: “الدستور السوري الجديد، يجب أن يتضمن مواد تحمي حقوق الشعوب والأقليات، وتضمن مشاركتهم في الحكم، ونحن في الحسكة، تعايشنا معاً كرداً، وعرباً، وسرياناً، منذ من بعيد، كأخوة، وهذا ما يجب أن ينعكس في دستور يضمن الحقوق الثقافية، والسياسية، والاجتماعية للجميع.”
وشدد، خليف على أهمية الحوار الوطني الشامل كأداة لتجاوز الانقسامات، وقال: “لقد عانينا بسبب النظام السابق، الذي كان يبث الفتنة والتفرقة بين الأهالي، والآن تخلصنا منه، وبناء عليه فإن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد لتوحيد السوريين، وهذا الحوار يجب أن يكون شاملاً، يضم الجميع للحلول دون خلق صراعات وحروب جديدة نحن بغنى عنها اليوم”.
وأنهى، المواطن، طارق الخليف، حديثه بقوله: “على سلطات دمشق، إشراك كل السوريين في بناء مستقبلهم، وإن تم إبعادهم، سيكون هناك إنتاج الاستبداد بأشكال جديدة، لذا، الحوار الشامل والشفاف، هو الحل والسبيل بالوصول للأهداف”.
تتفق أصوات أبناء مدينة الحسكة على أن التحول الديمقراطي في سوريا يتطلب حواراً وطنياً شاملاً يضم كل شعوب المجتمع، ودستوراً يضمن حقوق الجميع، مع الاستفادة من تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.
وبالمحصلة، أن الحوار الوطني بين السوريين، يمكنه أن ينجح، عبر تطبيق تجربة الإدارة الذاتية، التي قدمت نموذجاً للديمقراطية، والتعايش بين الشعوب والمكونات المختلفة، يحتذى به، ويجمع الجميع أن هذه التجربة نجحت في تحقيق الكثير من المكاسب، بما يمكنها أن تسهم في بناء سوريا جديدة تقوم على العدالة، والمساواة، والحرية، والدعوة إلى حوار وطني سوريا جامع، يجب أن نطبقه عملياً على أرض الواقع، كي نتجاوز الانقسامات، والتدخلات الخارجية، على اعتبار أن مصلحة الشعب السوري، فوق كل الاعتبارات الأخرى.