روناهي/ الرقة ـ أكد المتحدث باسم وفد الإدارة الذاتية لمفاوضات دمشق، ياسر السليمان، أن زيارة دمشق كانت خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، للحوار والوصول لتفاهمات، وأشار، إلى أن اللقاء يندرج ضمن استراتيجية الحوار الوطني السوري، وأوضح: “ونحن بأمس الحاجة إليه اليوم”، وبين، أن ملفي المهجرين والنازحين، والامتحانات كان من أولويات النقاشات.
في خطوة وصفت بأنها من أبرز المبادرات الحوارية بين القوى السورية الفاعلة، شهدت فيها العاصمة دمشق لقاء تفاوضيا رسميا، جمع بين وفد الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ووفد سلطة دمشق، في الحوارات المعمقة حول عدد من القضايا الملحة، في مقدمتها ملف الامتحانات لطلاب الشهادتين، عودة المهجرين قسراً، والامتحانات، وتفعيل الاتفاقيات الموقعة سابقا.
واللقاء لم يكن عاديا من حيث التوقيت والمضمون؛ فقد جاء في لحظة تاريخية سياسيا واجتماعيا، حيث يقترب العام الدراسي من نهايته، ويواجه عشرات الآلاف من الطلاب مصيرا مجهولا بشأن مصير امتحاناتهم، بالتوازي مع تصاعد أصوات المطالبة بعودة المهجرين إلى مناطقهم، وتحريك الملف الدستوري من حالة الجمود نحو الحلول العملية.
الامتحانات والمهجرون مواضيع أساسية
في السياق، التقت صحيفتنا المتحدث باسم ياسر لسليمان، باسم وفد الإدارة الذاتية: “استقبلنا الوفد المقابل بحفاوة وتكريم، وبعد التعارف بين الوفدين، بدأت الحوار، وتم التطرق لعدة ملفات، تتطلب حلها بشكل عاجل، كملف الامتحانات، والتربية، والتعليم، لأنها وقت امتحانات الشهادة الإعدادية والثانوية”.
وتابع: “وفدنا التفاوضي، طرح موضوع تقديم امتحانات الشهادتين بمراكز في شمال وشرق سوريا، وذلك لتخفيف الأعباء المادية والمعنوية عن أولياء الأمور وعن الطلاب، ومن أجل ضمان تقديمهم امتحاناتهم بكل سلاسة، ومن دون منغصات، وفد سلطات دمشق، تفاعل مع الأمر بإيجابية، وأبدى استعداده لرفع هذا المطلب الهام إلى المسؤولين عن هذا الملف ومعالجته في أقرب فرصة ممكنة”.
وأكد: “وفدنا، أعلن استعداد الإدارة الذاتية، لتحمّل النفقات والتجهيزات المالية، وكل التسهيلات المادية والمعنوية واللوجستية، بهدف نجاح الامتحانات، وهذه خطوة إنسانية قبل أن تكون إدارية أو سياسية، ونحن نأمل أن تتم الموافقة على طلبنا في هذا الموضوع، وننتظر رد سلطة دمشق، عبر القنوات التفاوضية الرسمية، والمسؤولين عن ملف الامتحانات”.
وأردف: “الملف الآخر الذي تم التطرق إليه، كان من الملفات الهامة للغاية، وهو تفعيل بنود اتفاقية حيّي الشيخ مقصود والأشرفية، وكان إحداها عملية تبادل الأسرى، وبالفعل في اليوم الثاني بعد انتهاء الجولة الأولى من المفاوضات، تم تبادل الأسرى بين الجانبين، وهذا ما يجسد المصداقية والشفافية في التعامل بيننا”.
وشدّد: على أن “اللقاء ناقش قضية أخرى من أهم القضايا، وهي عودة المهجرين والنازحين، وتم التحدث عنها بإسهاب، حول كيفية عودة المهجرين والنازحين، إلى مدنهم وقراهم وبيوتهم ومزارعهم، التي هُجّروا منها إبان بدء الأزمة السورية، وقد توافق الطرفان على ضرورة تسهيل عودة المهجرين إلى مناطقهم ومدنهم الأصلية، بدءاً من عفرين، وسري كانيه، وكري سبي، وأيضاً المناطق السورية الأخرى، وتم التأكيد على العمل الجاد، وتذليل الصعوبات والعقبات، أمام العودة الآمنة”.
لجان فرعية لتطبيق الاتفاقيات
وأضاف: “تم التوافق أيضاً على تشكيل لجان تقنية تخصصية، وأخرى فرعية، بهدف إيجاد آليات عملية لتطبيق الاتفاق الموقع بين القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، ورئيس السلطة في دمشق، أحمد الشرع، بتاريخ العاشر من آذار 2025”.
واستطرد: “هذه اللجان ستقوم بعقد لقاءات واجتماعات منتظمة، من أجل تطبيق الاتفاق، ومعالجة العراقيل التي تقف في وجه تطبيق الاتفاقيات، وفي حال واجهت اللجان الفرعية مشاكل في التنفيذ، فإن الملفات ستُحال إلى اللجنتين الرئيستين، وإن عجزت هاتان اللجنتان عن تجاوز العقبات، فسيتم رفع الملفات إلى القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، ورئيس السلطة في دمشق، أحمد الشرع، لإيجاد صيغ مناسبة للتخلص من هذه الصعوبات وتذليلها”.
ولفت: “تم الاتفاق كذلك إلى عقد اجتماع تفاوضي جديد قريباً، وسيتم تحديد موعده لاحقاً، كما تم التطرق إلى المسألة الدستورية، وكيفية كتابة دستور جديد لسوريا، لأن الإعلان الدستوري الحالي، لا يلبي طموحات السوريين، وهناك ضرورة ملحّة لصياغة دستور وطني جديد، قابل للتعديل والتطوير، يعكس طموحات السوريين جميعاً”.
واختتم، المتحدث باسم وفد الإدارة الذاتية، ياسر السليمان: “نحن في الإدارة الذاتية جاهزون، وقد ضمّنا في المادة 133 من عقدنا الاجتماعي بنوداً واضحة حول مستقبل سوريا، ونتطلع إلى مرحلة جديدة أساسها العدالة والمساوة بين السوريين، وسوريا الحديثة يجب أن تكون لأبنائها جميعا”.
ومن الجدير ذكره، إن الاتفاق الموقع في العاشر من آذار 2025 بين القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، ورئيس السلطة في دمشق، أحمد الشرع، لم يكن اتفاقاً سياسياً عادياً، بل شكّل مرجعية لتنفيذ حزمة من الإجراءات العملية في العديد من الملفات العالقة، بدءاً من اللامركزية الإدارية، وصولاً إلى ترتيبات المرحلة الانتقالية والعودة الآمنة للنازحين والمهجرين.
والاتفاق تضمن تشكيل لجان تقنية وتنفيذية من مختلف القطاعات، وبإشراف مشترك لضمان التطبيق، مع آلية واضحة لرفع العوائق إلى مرجعية عليا تمثل طرفي الاتفاق، هذه الآلية ضمنت احتواء العقبات، وعدم ترك الأمور معلقة بين الجانبين.
والأهم من ذلك كله، أن الاتفاق قدم نموذجاً عن كيفية تمكين السوريين، بمختلف توجهاتهم، وأطيافهم، وأديانهم، ولغاتهم، من التحاور فيما بينهم، من مستقبل مشرق لبلادهم، بعيداً عن الحلول والتدخلات الخارجية، والأمل كبير في تحقيق نتائج ملموسة في المراحل القادمة.
