الطبقة/ عبد المجيد بدر – أوضح محامون، أن العدالة الانتقالية تمثل ركيزة أساسية لبناء سوريا، جديدة بعد سنوات من العنف والانقسام، وأشاروا إلى أن غياب المحاسبة عن الانتهاكات الجسيمة، يهدد أي عملية سياسية مستقبلية، ويُبقي البلاد عرضة لدوامة النزاع والصراعات.
عاشت سوريا سنوات من العنف والدمار جراء النزاع والصراعات المستمرة، منذ 14 عاماَ، ومن هنا تبرز الحاجة الماسة إلى تطبيق العدالة الانتقالية، التي هي من الركائز الأساسية، لإعادة بناء الدولة والمجتمع، على أسس الديمقراطية والمساواة.
العدالة الانتقالية هي المسار الذي يهدف إلى محاسبة مرتكبي الانتهاكات، وجبر الضرر للضحايا، وتحقيق المصالحة الوطنية بين الأطراف السورية كلها، لكن مع تعقيد المشهد السياسي والميداني في سوريا، تظل هذه العملية محفوفة بالتحديات، والمخاطر.
مع استعادة الأمل ببداية مرحلة جديدة، بعد سقوط النظام البائد، يواجه السوريون أسئلة محورية، حول كيفية تطبيق العدالة الانتقالية، بشكل يضمن حقوق الضحايا، ويسهم في إعادة بناء الثقة بين الشعوب ومكونات المجتمع السوري.
يُعد تطبيق العدالة الانتقالية في سوريا، من القضايا المركزية في المرحلة الراهنة، فبعد مرور 14 عاماً من النزاع، لم يعد ممكنًا تجاهل أو إخفاء الجرائم والانتهاكات، التي ارتكبتها أطراف النزاع، والعدالة الانتقالية ليست مجرد محاسبة للمسؤولين عن تلك الجرائم، بل تشمل أيضًا خطوات عملية لضمان عدم تكرار تلك الانتهاكات في المستقبل، بما في ذلك إصلاح مؤسسات الدولة، والتعويض عن الأضرار التي لحقت بالضحايا، وإنشاء آليات للمصالحة الاجتماعية.
وجوب تحقيق عدالة انتقالية شاملة وعادلة
حول الموضوع، تحدث لصحيفتنا، المحامي “محمود غباش“: إن “تطبيق العدالة الانتقالية، يتطلب إرادة سياسية حقيقية، ليس فقط من الأطراف الرئيسية في النزاع، بل من السوريين كلهم، من خلال عملية شاملة ونزيهة، يمكن للأطراف المعنية التوصل إلى اتفاقات تعزز الثقة، وتحترم حقوق الإنسان، وتؤسس مستقبل سلمي ومستقر”.
واختتم، محمود غباش حديثه: إلى أنَّ “العدالة الانتقالية، يجب أن تكون جزءًا من عملية سياسية شاملة، تسعى لإعادة بناء سوريا الجديدة، على أسس الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان”.
شفافية الانتقال السياسي وتحقيق العدالة
من جانبه، شدد الناشط المحامي، إبراهيم شيخو، على ضرورة وضع الضحايا في قلب عملية العدالة الانتقالية: “لا يمكن تحقيق مصالحة حقيقية في سوريا، دون الاعتراف بالانتهاكات، التي تعرض لها الشعب السوري، والاعتذار عنها، ومحاسبة المسؤولين دون انتقائية”.
وحذر: من أن “أي محاولة لتجاهل أو تسييس العدالة الانتقالية، قد يفتح الباب أمام إعادة إنتاج الاستبداد، أو تفجر النزاعات من جديد”.
وأضاف: “إن نجاح العدالة الانتقالية، يتطلب وجود هيئة مستقلة تمامًا لإدارة هذا الملف، بعيدًا عن المصالح السياسية الضيقة”.
واختتم، إبراهيم شيخو: إن “هذا المسار، يتطلب إشراك شعوب ومكونات المجتمع السوري، لضمان عدالة حقيقية وشاملة تحترم حقوق السوريين كافة”.
ووثقت تقارير حقوقية، صادرة عن منظمات مثل “هيومن رايتس ووتش”، و”منظمة العفو الدولية”، حجم الانتهاكات التي تعرض لها السوريون على يد النظام السابق، بما في ذلك التعذيب والقتل والاختفاء القسري، وتتطلب هذه الانتهاكات محاسبة شاملة للأطراف المسؤولة، ومن هنا تبرز أهمية العدالة الانتقالية أداة للمحاسبة وجبر الضرر.
كما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مقتل 211 مدنيًا، و396 عنصرًا من المجموعات المرتزقة خلال الفترة الأخيرة، مؤكدة على ضرورة تأسيس هيئة مستقلة لإدارة عملية العدالة الانتقالية، والشبكة، دعت إلى محاسبة المتورطين في الانتهاكات، وأكدت بأن لديها قاعدة بيانات تضم أكثر من 16,200 شخص متورط، بما في ذلك نحو 6700 من عناصر النظام السوري، و10 آلاف من الميليشيات الموالية له.