الدرباسية/ نيرودا كرد – أكد مستشار الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، بدران جيا كرد، أن الإدارة الذاتية الديمقراطية لديها رؤيتها الواضحة، لبناء سوريا الجديدة، وأوضح، أن مشاركة السوريين ضرورية لتحقيق دولة لا مركزية، وأشار، إلى أن التفاوض مع سلطة دمشق سيكون على مستويين، عسكري وسياسي.
تستمر اللجان المشكلة من الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، من جهة، وسلطات دمشق من جهة أخرى، بعقد اللقاءات بينهما لمناقشة الملفات المرتبطة بالشأن السوري العام، وكذلك بخصوص إقليم شمال وشرق سوريا.
المواضيع المطروحة على جدول أعمال هذه اللجان، ترتكز إلى بنود اتفاق العاشر من آذار الماضي، الموقع بين القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، ورئيس السلطة في دمشق، أحمد الشرع، إضافة إلى مواضيع أخرى تظهر من خلالها الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، حرصها بالحفاظ على سوريا واحدة أرضاً وشعباً، والخروج من نمط الحكم الفردي المركزي، الذي أدى بسوريا وشعبها إلى التهلكة.
وفي هذا الإطار، عقدت العديد من الجولات التفاوضية بين الجانبين، حيث حُددت العناوين الرئيسية، التي تستكمل الحوارات حولها، وقد حملت هذه العناوين مواضيع مختلفة، وشكل وبنية نظام الحكم السياسي والإداري في سوريا، هما المحوران الرئيسان في هذه الحوارات، لأنهما البوابة الأمثل للدخول من خلالها إلى المواضيع الأخرى، التي تتطلب إيجاد الحلول.
وضوح رؤية الإدارة الذاتية
وحول الموضوع، التقت صحيفتنا مستشار الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، بدران جيا كرد: “بدأت الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، بطرح رؤيتها السياسية، لبناء سوريا الجديدة، بمشاركة الشعوب والمكونات السورية، بالاعتماد على مبدأ اللامركزية لإدارة البلاد، ونتيجة تسارع الأحداث في المنطقة وسوريا، كان من الضروري الوصول لخارطة طريق عامة ترسم ملامح المستقبل السوري، وبناء عليه تم توقيع اتفاقية العاشر من آذار عام 2025، بين القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، ورئيس السلطة في دمشق، أحمد الشرع”.
وأضاف: “هذا الاتفاق يضع مساراً عاماً لآلية الحل، وفق أسس وطنية مبنية على احترام سيادة ووحدة سوريا، لكن تفاصيل تنفيذ هذا الاتفاق، يبقى قيد النقاش والتفاوض، بلجان فرعية، وأخرى مركزية، وربما تأخذ العملية التفاوضية هذه مدة أطول من المدة المحددة في الاتفاق، وفق للظرف السوري والتأثيرات الإقليمية على البلاد”.
وتابع: “تم تشكل لجنة مركزية السلطات المؤقتة في دمشق، وأجرت هذه اللجنة زيارات لشمال وشرق سوريا، وتم مناقشة بعض الأمور، في المقابل شكلنا لجنة موازية في شمال وشرق سوريا، وقد تم تنفيذ بعض بنود الاتفاق، وتابعتم في الفترة الماضية المستجدات التي حصلت في حلب، واتفاق الشيخ مقصود والأشرفية، وسد تشرين، ويتم العمل على استكمال اتفاقية حلب، وخاصة موضوع تبادل الأسرى بين الطرفين، ويتم العمل على صيغة أوسع لتشمل المناطق المحتلة، مثل عفرين، وسري كانية، وكري سبي”.
ولفت: “إضافة للجوانب الأمنية، تمت مناقشة ملف التعليم في اللجان الفرعية، وملفات أخرى مرتبطة بالطاقة، والمؤسسات الخدمية الرسمية، ونتائج هذه الاجتماعات يمكن وصفها بالإيجابية، ونأمل أن تترجم بشكل فعلي في المستقبل القريب على الأرض”.
شكل نظام الحكم أولوية
وزاد: “لا يمكننا تجزئة القضايا عن بعضها، الأساس الذي يجب أن تبنى عليه أي عملية تفاوضية بين دمشق، والإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، هو شكل وبنية نظام الحكم السياسي، والإداري، في سوريا، وشكل هذا النظام هو الذي سيفرض نفسه على باقي القضايا الرئيسية، في هذا الجانب، موقفنا واضح وجلي، وهو الدعوة لبناء نظام لامركزي، تعددي، يحترم حقوق المرأة والشعوب السورية الأخرى”.
وأردف: القضايا الأخرى سواء في مجال التعليم، أو الاقتصاد، أو الدفاع، أو الحقوق السياسية، وغيرها، ستكون من الأمور التي تنعكس بشكل مباشر على نظام الحكم المعتمد في دمشق، وإذا ما تم حل الخلاف السياسي، وكتابة دستور ديمقراطي للبلاد، بمشاركة الأطياف السورية، ستبقى باقي التفاصيل قابلة للحوار، والحل بطرق مختلفة، وقد ذكرنا بعض القضايا التي تم حلها”.
وتطرق، جيا كرد، إلى آلية التفاوض المعتمدة بين الجانبين: “شكلت الإدارة الذاتية الديمقراطية، وفدا يضم خمسة أشخاص لتمثيل شمال وشرق سوريا، وقد كُشفت هويتهم للإعلام، يحمل الوفد المشترك رؤيتنا لشكل وبنية الحكم المستقبلي في سوريا، وسيكون مطلب تطبيق النظام اللامركزي هو الأساس في حوارات الوفد، ونحن نطرح الخطوط العريضة، والتفاصيل ستبقى للعملية التفاوضية، حول اللامركزية، وتحديد شكلها الأنسب، وتسميتها سيكون محور للعملية التفاوضية المستقبلية”.
وأشار: “ثمة ثوابت يحملها الوفد معه إلى دمشق، وهي ضرورة ضمان حقوق الشعوب والمكونات السورية، وتمثيلهم العادل والحقيقي، والفعلي في الحكم، الوثيقة التي انبثقت عن مؤتمر وحدة الصف الكردي، والتي وضعت أسس عامة لمطالب الشارع الكردي، وأسس أخرى وطنية لسوريا، ستكون ضمن برنامج الوفد الكردي، المنفصل عن وفد شمال وشرق سوريا، وبناء على مجريات الاجتماعات مع ممثلي دمشق، يمكننا توضيح بعض التفاصيل لاحقاً”.
الحوار السياسي والعسكري
تمخضت عن هذه الاجتماعات المشتركة، بعض الخطوات الملموسة مثل الزيارة التي قام بها وفد سلطات دمشق لمخيم الهول، وحول ذلك بيّن بدران: “يضم مخيم الهول عدداً كبيراً من السوريين، وكذلك من العراقيين، والأجانب، من ذوي عناصر داعش، وتسعى الإدارة الذاتية بالتنسيق مع التحالف الدولي، والأمم المتحدة، لحل إشكاليات هذا المخيم، الذي يشكل بؤرة خطيرة لإعادة إنتاج الإرهاب والتشدد، في الأعوام السابقة تم دراسة إخراج العوائل السورية، من المخيم، إلى أماكن سكناهم الأصلية ودمجهم في المجتمع، وقمنا بتسيير رحلات للسوريين، المنحدرين من مناطق شمال وشرق سوريا بضمانات عشائرية وبإشراف منظمات أممية”.
واستطرد: “أما السوريون المنحدرون من المناطق السورية الأخرى، لم نتمكن من ضمان عودتهم، لعدم وجود ضمانات لدمجهم في مجتمعاتهم في عهد النظام البائد، لكن اليوم وبالتنسيق مع التحالف الدولي، والأمم المتحدة، تتم دراسة إخراج العوائل السورية الراغبة في الخروج الطوعي من المخيم، وذلك لدواعي إنسانية وبالتنسيق مع السلطات السورية المؤقتة”.
واستكمل: “زيارة مخيم الهول، جرى تحديدها في الاجتماعات واللقاءات، التي جمعت بين ممثلي سلطة دمشق المؤقتة، وبين الإدارة الذاتية، بشقيها العسكري، والإداري، وتم تنسيق الزيارة مع التحالف الدولي، لمحاربة مرتزقة داعش، الهدف الرئيسي للزيارة، هو الاطلاع على أوضاع عوائل مرتزقة داعش، في مخيم الهول، من السوريين، وتحديد آلية مناسبة لإعادة هذه العوائل الراغبة بالخروج من المخيم طوعاً، إلى أماكن سكناهم الأصلية، مع تحمل سلطة دمشق المؤقتة، مسؤولية متابعة أوضاعهم وضمان دمجهم في المجتمع، والحذر من بناء جيل جديد من المتطرفين، وبناء عليه تم تشكيل آلية مشتركة لمتابعة هذا الملف”.
وأوضح: ستتم عملية التفاوض بين الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، والسلطات السورية المؤقتة، في دمشق، على مستويين، السياسي سيتضمن شكل الدولة، وبنيتها الإدارية، وتفعيل المؤسسات الخدمية، وتنشيط المعابر الحدودية، والمستوى الثاني هو عسكري، مرتبط بمستقبل قوات سوريا الديمقراطية، وآلية دمجهم في الجيش السوري الجديد، وهذا الموضوع مرتبط بالقيادة العسكرية من خلال لجنة عسكرية خاصة”.
مستشار الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، بدران جيا كرد، أنهى حديثه: “نأمل أن تكون سلطة دمشق المؤقتة، على درجة عالية من النضج السياسي، وتستفيد من الفرصة التي منحها المجتمع الدولي، من رفع العقوبات، وتعويم النظام القائم جزئياً، من الناحية الدبلوماسية، والاقتصادية، لأن الانفتاح على الداخل السوري، يشمل السوريين كلهم، في إطار حكومة وطنية، وفق أسس دستورية، تضمن حقوق الجميع، لأنه المسار الوحيد لاستمرار الاستقرار والأمن في سوريا”.
