قامشلو/ ملاك علي – بعد جهود حثيثة امتدت على مدار أشهر بين العمل النظري والتطبيقي، ورغم التحديات التقنية والإمكانية المحدودة، أنهى طلاب قسم الفيزياء في كلية العلوم الطبيعية والتكنولوجيا بجامعة روج آفا، مشاريع تخرجهم للعام الدراسي 2024-2025 وقد بلغ عدد الخريجين هذا العام 12 طالباً وطالبة، تم توزيعهم على عدة مجموعات صغيرة تتألف من طالبين إلى ثلاثة، لتنفيذ مشاريع متنوعة، تغطي محاور حيوية في مجالات الطاقة، والكون، والفيزياء النظرية.
ضمن هذا الإطار، تلعب جامعة روج آفا دوراً متقدماً في رعاية وتأهيل الكوادر العلمية، حيث تسعى كلياتها ومراكزها البحثية إلى تقديم بيئة أكاديمية تُشجع الإبداع، وتدعم الطلاب في تحويل أفكارهم إلى مشاريع واقعية تخدم المجتمع المحلي وتلبي احتياجاته الملحة، لاسيما في ظل محدودية الموارد والإمكانات.
إنجاز مشاريع نوعية
ومن أبرز الأمثلة على هذا التوجه العلمي الطموح، ما قدمه قسم الفيزياء في كلية العلوم الطبيعية والتكنولوجيا، حيث تمكن الطلبة من إنجاز مشاريع تخرج نوعية تجمع بين الفهم النظري العميق والتطبيق العملي الواقعي، في مجالات تمسّ حياة الناس بشكل مباشر، مثل “الطاقة المتجددة، والفيزياء النظرية، والتقنيات البيئية”.
وركزت المشاريع العملية على قضايا الطاقة البديلة، لأنها أكثر المواضيع إلحاحاً في المنطقة، ومن أبرز هذه المشاريع، مشروع بديل الغاز باستخدام الطاقة الشمسية، حيث تناول هذا المشروع إمكانية استخدام الطاقة الشمسية كبديل حيوي وآمن للغاز في طهو الطعام وتسخين المياه، وقد بدأ العمل عليه منذ شهر نيسان واستمر حتى أيلول، وتم تطبيقه عملياً، حيث أظهر قدرة النظام الشمسي على تلبية الاحتياجات الأساسية للأسر.
أما مشروع ضخ البترول بالطاقة الشمسية، فإن هذا المشروع يسعى إلى استبدال أنظمة الضخ الكهربائية التقليدية بأنظمة تعمل بالطاقة الشمسية، ما يسهم في تقليل الاعتماد على الشبكة الكهربائية وتقليل الانبعاثات، ويقدم حلاً فعالاً للمناطق التي تعاني من ضعف البنية التحتية للطاقة.
وفيما يخص مشروع تسلا لقياس الطاقة الكهربائية، هذا المشروع استند إلى مبادئ الفيزيائي الشهير نيكولا تسلا، وهدف إلى تطوير جهاز قادر على قياس كمية الطاقة الكهربائية المولدة بدقة، وهو مشروع يجمع بين الفيزياء النظرية والتطبيقات الهندسية.
وكما أن مشروع الطاقة الشمسية المركزة (CSP): استخدمت هذه التجربة المرايا متعددة الأسطح لعكس وتجميع أشعة الشمس في نقطة واحدة لتسخين المياه وتحويلها إلى بخار، يمكن استخدامه في تشغيل توربينات صغيرة لإنتاج الكهرباء، ويعكس هذا المشروع فهماً جيداً لأساسيات الطاقة المتجددة وتطبيقاتها.
نموذج مصغر لمفاعل نووي تعليمي: وهذا من أكثر المشاريع الطموحة، حيث تم بناء نموذج تعليمي مبسط لمفاعل نووي، استُخدم فيه السخان الكهربائي لتسخين المياه بدلاً من استخدام المواد الانشطارية مثل اليورانيوم، ويهدف المشروع إلى توضيح مبدأ عمل المفاعل النووي للطلبة بشكل آمن وتعليمي دون التطرق إلى المواد الخطرة.
مشاريع فيزيائية تؤكد نضج الرؤية الأكاديمية
وتوجد مشاريع نظرية مستندة إلى المراجع والأبحاث العلمية، إلى جانب المشاريع التطبيقية، قدمت بعض المجموعات مشاريع نظرية بحتة، أبرزها، مشروع بنية الكون، وهو مشروع نظري شامل، استند إلى أهم المراجع العلمية الحديثة في علم الفلك، والفيزياء الكونية، تناول المشروع تطور الكون، ومكوناته الأساسية، ونظريات النشوء، من خلال تحليل ودراسة ما توصل إليه كبار العلماء مثل “ستيفن، وهوكينغ، وألبرت آينشتاين” وغيرهم. حيث أوضح عضو الهيئة التدريسية وأحد المشرفين على مشاريع التخرج “عدنان البوزني“، لصحيفتنا “روناهي” خلال لقاء معه، أن هذه المشاريع تمثل نتاج عمل دؤوب وجهود جماعية متميزة من الطلبة، رغم الصعوبات التي تواجههم، خصوصًا من ناحية توفر التجهيزات العلمية والمعدات التقنية.
واختتم حديثه: “إن ما يميز هذه الدفعة هو قدرتها على تحويل الأفكار النظرية إلى تطبيقات عملية قابلة للتطوير، كما أن طلابنا أظهروا وعياً كبيراً بأهمية البحث العلمي في إيجاد حلول حقيقية لمشكلات مجتمعاتهم”.
كما وشكلت الكلية لجنة علمية مكونة من ثلاثة أساتذة متخصصين في الفيزياء والهندسة لتقييم المشاريع المقدمة، حيث تم فحص الجوانب العلمية والمنهجية والابتكارية لكل مشروع، ومن المقرر أن يتم إعلان نتائج التقييم وتكريم المجموعات المتميزة خلال حفل التخرج السنوي للكلية.
يشار، إلى أنه من خلال هذه المشاريع، أثبت طلاب قسم الفيزياء في جامعة روج آفا امتلاكهم لرؤية علمية ناضجة وقدرة على الابتكار رغم التحديات، وتطمح الكلية في السنوات القادمة إلى دعم هذه المشاريع وتطويرها بالتعاون مع مؤسسات علمية محلية ودولية، بما يضمن دمج المعرفة الأكاديمية مع احتياجات المجتمع.
