قامشلو/ دعاء يوسف ـ أكدت إعلاميات إقليم شمال وشرق سوريا، أن تعيين القتلة والمجرمين في مدراء للمؤسسات السورية وخاصة الإعلامية يعد انحداراً أخلاقياً وانحطاطاً مهنياً في معايير التوظيف، وتسليم السلطة للمجرمين يشجع على المزيد من الجرائم والإفلات من العقاب.
أثار تعيين المرتزق “حارث الرباح” مديراً لقسم الإعلام الرقمي في مديرية الإعلام بدير الزور، موجة غضب واستياء واسعة في الأوساط الإعلامية والحقوقية السورية، وسط اتهامات مباشرة لسلطة دمشق الانتقالية بتكريس ثقافة الإفلات من العقاب ومكافأة المتورطين في جرائم موثقة.
مؤشر على الانحدار المؤسسي
هذا وبينت مذيعة ومقدمة برامج في قناة اليوم، ومحررة ضمن فريق +963 “هولير حكيم”، أن تعيين المدعو “حارث الرباح” مديراً لقسم الإعلام الرقمي في مديرية الإعلام بدير الزور، يعد جريمة بحق الإنسانية وبحق الإعلام الحر، ويعكس واقع الانحطاط المهني، والانحدار الأخلاقي في معايير العدالة والمساءلة داخل المؤسسات السورية: “أولاً هو ليس بإعلامي، لأن الإعلامي يجب أن يكون إنساناً مهنياً وخلوقاً وصوتاً للحقيقة، الرباح الذي كان يصف نفسه بالإعلامي في صفوف مرتزقة “أحرار الشرقية” كان بعيداً كل البعد عن المهنية، والأخلاق الإعلامية”.
وتابعت: “لعل أبرز شاهدٍ على ذلك، هو الفيديو الذي قام هو بنشره بالصوت والصورة عام 2019 وفضح نفسه بنفسه، وهو يوثق عملية اغتيال وتمثيل بجثمان الأمين العام لحزب سوريا المستقبل الشهيدة هفرين خلف وسائقها فرهاد رمضان على يد متزعمه أحمد الهايس المعروف بأبو حاتم شقرا، الذي كُرّم أيضاً بتعيينه قائداً لفرقة عسكرية في المنطقة الشرقية بسوريا، رغم ارتكابه هذه الجريمة الشنيعة التي وصفتها منظمات دولية بجريمة حرب لما حملته من طابع انتقامي همجي ومحرض على الكراهية والطائفية”.
هذا التعيين، برأي “هولير”، يبعث برسائل مقلقة إلى الإعلاميات السوريات والناجيات من الانتهاكات، ويضع علامات استفهام حول التوجهات الحقيقية للسلطة الانتقالية، إذ تؤكد أن إعادة تدوير شخصيات متورطة في الفساد والجرائم ضد النساء في مواقع قيادية، يقوّض ثقة النساء بالإصلاح المنشود ويشرعن العنف الممارس ضدهن.
كما وأشارت إلى أن: “منظومة الحكم في سوريا تشرعن ارتكاب الجرائم ضد النساء، ولا تزال أسيرة منطق القوة والنفوذ بعيداً عن مفاهيم العدالة والمساءلة، التي لطالما نادت بها النساء منذ بداية الثورة السورية، كما أنّه من الممكن أن تتعرض الإعلاميات اللاتي قمن بتوثيق الانتهاكات للمضايقة وللملاحقة، لا سيما وأن هؤلاء المنتهكين أصبحوا في مناصب قيادية ومواقع صنع القرار”.
ويعد القرار مؤشراً على تراجع معايير العدالة والمهنية داخل المؤسسات السورية، فبدلاً من فتح الملفات ومحاسبة المتورطين، يتم تكليفهم بمناصب عامة وحساسة، ما يعكس “انحداراً أخلاقياً وانحطاطاً مهنياً في معايير التوظيف”.
تعيين الرباح وغيره من الشخصيات الجدلية في مناصب رسمية لا يُفسَّر فقط كخطأ إداري، بل كمؤشر خطير على تكريس منهج الإفلات من العقاب، وتقول هولير: “إن هذا يشجع على المزيد من الجرائم، ويطرح تساؤلات جدية حول أسس اتخاذ القرار في مؤسسات يُفترض أن تكون وجه الدولة الإعلامي والأخلاقي”.
الإعلاميات تفضح الانتهاكات
تؤكد أن الإعلاميين والإعلاميات لن يصمتوا، بل سيواصلون توثيق الانتهاكات وفضح مرتكبيها أمام الرأي العام المحلي والدولي: “ندين بشدة مثل هذه التعيينات أمثال حارث الرباح وأبو حاتم شقرا ومحمد الجاسم الملقب بأبو عمشة وفهيم عيسى، هؤلاء الذين لطالما وثّقنا بعدساتنا وتقاريرنا وخلال برامجنا الحوارية ونشراتنا الإخبارية انتهاكاتهم بحق المدنيين خاصة الكرد في عفرين، وسريه كانيه وتل أبيض/ كري سبي بعد احتلالها من تركيا ومرتزقتها”.
وتدعو منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني والمؤسسات والمنظمات المختصة برصد وتوثيق الانتهاكات إلى دعم هذا التوجه ومساعدة الإعلاميين في تقديم الأدلة للجهات القضائية الدولية.
من جانب آخر، يطرح صمت المجتمع الدولي حيال هذه التعيينات علامات استفهام كبيرة. فالمتورطون في هذه الجرائم، بمن فيهم حارث الرباح، وردت أسماؤهم في تقارير موثقة من منظمات مثل الأمم المتحدة والعفو الدولية وهيومن رايتس ووتش. كما أن الرباح مدرج لدى الحكومة الألمانية على لائحة الإرهاب، بعد صدور مذكرة توقيف بحقه عام 2019، لكنه فرّ قبل تنفيذها.
وتختتم مذيعة ومقدمة برامج في قناة اليوم، ومحررة ضمن فريق +963 “هولير حكيم” حديثها، بمناشدة الجهات المحلية والدولية بمراجعة قراراتها، والعمل على إعادة هيكلة مؤسسات الدولة بما يضمن عدم تمكين المتورطين من مواقع السلطة، وإرساء أسس عدالة انتقالية حقيقية لا انتقائية.
محاولات قمع ثورة المرأة
وبدورها بينت مراسلة فضائية روناهي وعضوة اتحاد إعلام المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا “هبة فتيح”، إن تعيين المجرمين وقتلة النساء في مناطق شمال وشرق سوريا، تأكيد على محاربة ثورة المرأة والتنقيص منها: “في المناطق الفراتية تسعى السلطة الجديدة، لمحاربة دور المرأة، وذلك تجسد من خلال تعيين عدة شخصيات كقياديين مثل أبو حاتم شقرا وحارث الرباح”.
فيما أكدت أن هذه التعينات وتسليم الإعلام الرقمي لشخصية لا تتحلى بأدنى درجة من الإنسانية والأخلاق، يؤدي إلى انحطاط المجال الإعلامي: “إن حارث الرباح لا يمد للإعلام بصلة بل هو مجرم حرب يجب محاسبته لا تكريمه”.
وشددت مراسلة فضائية روناهي وعضوة اتحاد اعلام المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا “هبة فتيح”، في ختام حديثها، إن هذه الخطط الواهنة لإضعاف إرادة المرأة: “سنتصدى لكافة المخططات التي تحاك ضد ثورة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا وضد المجال ا
لإعلامي النسوي خاصةً”.
