بيريفان خليل
اتخذت بعض الدول حكم الإعدام وسيلة عقاب لمقاضاة من لا يلتزم بالقانون الخاص بالدولة، أو من يجرم في قضية ما، ولا زالت تستمر بعض الدول تطبيق هذا الحكم، وتحتل إيران المراتب الأولى بين الجهات التي لازالت تمارس هذا العقاب بحق شعبها، خاصة في السنوات الثمانية الأخيرة، فاتخذت الإعدام أداة قمع سياسي ضد كل من يعارض حكمها، وقراراتها، ويناضل لرفع الظلم والاضطهاد الممارس.
فكثر الإفلاس الاقتصادي، وتدهور الأوضاع المعيشية، وسلب حقوق الطبقة الكادحة، فإن إيران وتحت عباءة “الدين” تفرض قرارات إسلاموية، بهدف تجريد المجتمع من هويته، خاصة بحق المرأة؛ وبذلك زادت الأصوات المنادية بالحرية، وإسقاط النظام الحاكم، ومنح الحقوق المشروعة.
ولتحد من تلك المطالبات، وتخمد شعلة المقاومة التي اندلعت بحلة نضالية جديدة بعد استشهاد الشابة الكردية جينا أميني في 16 أيلول 2022م، زادت السلطات الإيرانية أدوات القمع، وبالأخص حكم الإعدام، الذي بات يتصدر الأحكام المبرمة بحق كل شخص تجده الدولة خطراً عليها.
في حين لم تكن تدرك أن الجريمة التي ارتكبت بحق جينا ستكون نقطة انطلاق جديدة، لانتفاضة “Jin Jiyan Azadî” بقيادة نسوية، تشارك فيها فئات المجتمع، ورغم إجراءاتها التعسفية وأساليبها القمعية والقرارات، والقوانين، التي أصدرتها لإخماد حدة المقاومة، وإجبار المرأة للرضوخ لكلمة الدولة، إلا أنها فشلت في إضعاف إرادتها المطالبة بحقوقها وحقوق شعبها.
وعلى الرغم من أن المعتقلات الإيرانية عجت بالنساء الحرائر، خاصة الناشطات السياسية، والصحفيات والمدافعات عن حقوق الإنسان، وأغلبهن صدر حكم الإعدام بحقهن، والبعض منهن نُفذ الحكم فيهن، إلا أن صوتهن المنادي بالحرية لم يضعف، أو يلن بل على العكس من ذلك، والإصرار على الاستمرار بالنضال بوتيرة أعلى كان خيارها الوحيد والأمثل بدلاً من الاستسلام والطاعة لأوامر السلطة الإسلاموية.
واستطاعت المرأة أن تلفت الأنظار الدولية بمقاومتها ونضالها هذا، وكشفت الإحصائيات، وصدرت الإدانات، فكما كشفت منظمة حقوق الإنسان في إيران، فإنه عام 2024 أعدمت 30 امرأة، وهو أعلى عدد منذ أن بدأت بتوثيق العقوبة عام 2008م، فيما أكدت منظمة العفو الدولية مراراً بأن هناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات دولية لوقف التصعيد في عمليات الإعدام مشيراً إلى تحويل إيران السجون إلى إبادة خاصة عام 2023م، حيث أعدمت 853 شخصاً في نسبة تعد الأعلى منذ ثمانية سنوات من ذلك العام، فيما ارتفع هذا العدد إلى 975 شخصاً، ورغم هذه التحذيرات إلا أن الخطوات لإيقاف إيران قمعها السياسي بقيت على شكل إدانات، وتحذيرات بتقارير حقوقية، دون المبادرة بإصدار قرارات دولية لمحاسبة إيران على جرائمها.
ويبقى السؤال هنا، إلى متى ستقوي إيران ذاتها بحكمها الإسلاموي، وهل ستتمكن من إسكات انتفاضة المرأة، أم إن جدائل المرأة نفسها، ستكون حبالاً على أعناق النظام الإيراني، حتى تنهي هذا النظام الذي تعكر صفوة حياته امرأة حرة جميلة.