قامشلو/ ملاك علي – في لحظةٍ يعلو فيها صوت المرأة عالمياً، ويزداد فيها الوعي بحقها في التعبير والمشاركة والتمثيل، تحتضن مدينة قامشلو في إقليم شمال وشرق سوريا فعاليات مهرجان “نوجيان” لأفلام المرأة، الذي ينطلق هذا العام تحت شعار “رؤيتها من الحرية وحكايتها من المقاومة”، ليشكل تظاهرة ثقافية وسينمائية غير مسبوقة في المنطقة، تُبرز إبداعات النساء من مختلف أنحاء العالم وتكرّس حضورهن قائدات للرؤية والتغيير.
سينطلق المهرجان في 25 أيار حتى 31 أيار الجاري، على مدار أسبوع كامل ويكون منصة جامعة للنساء من كردستان، والمناطق العربية، وأمريكا اللاتينية، وألمانيا، وعدد من الدول الأوروبية، ليكنّ جزءًا من حراك ثقافي يجمع بين الفن والمقاومة، وبين التبادل الإبداعي والحوار العابر للحدود، في مشهد يعكس وحدة النساء في مختلف بقاع العالم من خلال السينما.
ويهدف مهرجان نوجيان إلى تسليط الضوء على تجارب النساء في مجال السينما، ببرنامج غني ومتنوّع يشمل عروضاً للأفلام الروائية والوثائقية الطويلة والقصيرة، وندوات فكرية، وجلسات حوارية مفتوحة، وورش عمل تدريبية، تُعنى بجوانب متعددة من صناعة السينما من منظور نسوي، وتطرح قضايا مرتبطة بتجارب النساء، وتحدياتهن، وآمالهن في مجتمعات يشكل الفن فيها أداة للمقاومة، وسلاحاً للتعبير.
على مدار أيام المهرجان، ستُعرض عشرات الأفلام التي تتناول مواضيع متعددة، من النضال النسوي والتحرر، إلى قضايا الهوية، والتمييز، والصراعات السياسية والاجتماعية التي تعيشها النساء في مجتمعاتهن. وسيتاح للجمهور التفاعل المباشر مع المخرجات وصانعات الأفلام، من خلال الحوارات التي تلي العروض، في بيئة تفاعلية تشجع النقد البنّاء وتبادل الخبرات.
وفي تصريح من اللجنة التنظيمية للمهرجان، أكدت ميديا قنديل، أن “نوجيان لفيلم المرأة ليس مجرد مناسبة ثقافية، بل هو رسالة إنسانية وسياسية وفنية، تعبّر عن إصرار المرأة على التمثيل العادل، وحقها في أن تُروي قصتها، وتُظهر واقعها بعدستها، وتخترق حجب التهميش بإبداعها”.
ويكتسب المهرجان أهميته لأونه يُعقد في منطقة شهدت تحولات اجتماعية، وسياسية عميقة، تلعب فيها النساء دوراً محورياً في الحراك التحرري، سواء على المستوى الثقافي أو المجتمعي أو السياسي، ومن هنا، فإن مهرجان نوجيان يُعدّ امتداداً لهذا النضال، وتجلياً للمقاومة من خلال الفن، وتأكيداً على أن المرأة ليست فقط موضوعاً يُصوّر، بل هي فاعلة، ومبدعة، وراوية للتاريخ.
كما يطمح المهرجان إلى خلق فضاء مستدام للتبادل الثقافي بين النساء من مختلف البلدان، وتشجيع الإنتاجات السينمائية النسوية، وتوفير منصة للقصص التي لا تجد طريقها بسهولة إلى الشاشات الكبرى، لا سيما تلك التي تنبع من المجتمعات الهامشية أو المهمّشة.
وفي زمن تزداد فيه الحاجة إلى العدالة والمساواة والتفاهم، يمثل مهرجان نوجيان لأفلام المرأة منارة فكرية وثقافية تُشجع على إحلال السلام، وتعزز قيم التعايش والتنوع، في الاعتراف الصريح والعميق بحق المرأة في أن تكون حرة، ومؤثرة.
إن مهرجان “نوجيان” لا يُعد حدثاً مؤقتاً أو احتفالاً موسمياً، بل هو انطلاقة مرحلة جديدة في تاريخ السينما النسوية في المنطقة، تُكتب فيها قصص الحرية بأنامل نسائية، وتُبنى فيها جسور بين الشعوب من خلال الكاميرا، لتتجسد الرؤية التي تؤمن بأن صوت المرأة، حين يُطلق من عمق التجربة والمقاومة، يُحدث أثراً لا يُمحى في الذاكرة الإنسانية.
