روناهي/ دير الزورـ شدد عضو لجنة الصلح في بلدة هجين بمقاطعة دير الزور “ميزر الصبيخان”، على ضرورة التوعية المجتمعية حول مخاطر ظاهرة الثأر، مؤكداً بأن هناك حاجة ماسة لتوعية أبناء العشائر بمخاطر هذه الممارسات على النسيج الاجتماعي والأمن العام.
تشهد المناطق الشرقية في سوريا، لا سيما دير الزور والرقة، تحدياتٍ مُعقدةً تتمثل في استمرار ظاهرة الفتن والثأر، والتي تُغذيها عوامل متداخلة، من موروثاتٍ عشائريةٍ راسخة، وظروفٍ اقتصاديةٍ هشة، إلى غياب الثقة الكاملة في آليات العدالة الرسمية. أمام هذا الواقع، تُبرز التوعية الفكرية أداةً حاسمةً في مواجهة هذه التحديات، من خلال غرس قيم التسامح والحوار، وتفكيك جذور العنف، وبناء جسور الثقة بين مكونات المجتمع. فلا يُمكن تحقيق استقرارٍ حقيقيٍ ومُستدامٍ دون مُعالجة الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة، والتي تتطلبُ تضافر جهودٍ مُجتمعيةٍ شاملة، تبدأ من ترسيخ ثقافةٍ سلميةٍ قوامها الحوار والاحتكام للقانون.
نموذج ناجح في حل النزاعات
وتُبرز تجربة لجنة الصلح في بلدة هجين بريف دير الزور، نموذجاً ناجحاً لحلّ النزاعات والخلافات بين المواطنين بالطرق السلمية، بعيداً عن قاعات المحاكم، فقد نجحت اللجنة، المؤلفة من خمسة أعضاء بالإضافة إلى امرأتين، في حلّ ما يقارب 2000 قضية خلال فترة عملها، مُشكّلةً ثلاث لجان فرعية لتسهيل العمل.
وفي السياق؛ أشار عضو لجنة الصلح في بلدة هجين “ميزر الصبيخان” خلال لقاء مع صحيفتنا “روناهي”، إلى أنّ القضايا المُحالة للجنة تتراوح بين الخلافات البسيطة والمشاكل المعقدة، مع التركيز على حلّ القضايا التي لا تتطلب تدخّل القضاء مباشرةً. فالقضايا البسيطة تُحلّ داخل اللجنة، بينما تلك التي تتطلب خبرة قانونية أعمق، أو تتعلق بمخالفات جنائية، تُحوّل إلى المحكمة أو إلى مراجع دينية مختصة.
وأضاف: “وفي حال واجهنا صعوبة في حلّ قضية ما، نلجأ إلى حكماء القرية وشيوخ العشائر الذين يتمتعون بسلطةٍ اجتماعيةٍ كبيرةٍ، لمساعدتنا في الوصول إلى حلولٍ مرضيةٍ للجميع”، مضيفاً: “وهذا النهج يُعتمد على التقاليد العشائرية الراسخة، ويمتدّ إلى زمن بعيد، ففي السابق، كانت هذه الطريقة هي السائدة لحلّ النزاعات، حيث تقوم القرية نفسها بحل مشاكلها الداخلية عبر وجهائها وحكمتها العرفية، من خلال دفع دية أو تهجير الجاني، حسب خطورة الجريمة”.
الفتن العشائرية وقضايا الثأر في دير الزور
وشدد على ضرورة التوعية المجتمعية حول مخاطر هذه الظاهرة: “هناك حاجة ماسة لتوعية أبناء العشائر بمخاطر هذه الممارسات على النسيج الاجتماعي والأمن العام. يجب أن نُشجع ثقافة الحوار والتفاهم، وأن نُعزز دور القضاء في حل النزاعات، مع الحفاظ على دور العرف والوجهاء في الوساطة”.
واختتم عضو لجنة الصلح في بلدة هجين “ميزر الصبيخان”، بالتأكيد على الدور المحوري الذي تلعبه لجان الصلح في تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمعات المحلية، وضرورة دعم هذه اللجان وتوفير الموارد اللازمة لها، بالإضافة إلى التركيز على برامج توعوية تُسهم في نشر ثقافة السلام ورفض العنف والفتن العشائرية في دير الزور.