قامشلو/ دعاء يوسف ـ بينت الوطنية “ليلى كلو” أن مشاركة المرأة في حزب العمال الكردستاني يعد نموذجاً نادراً في حركات التحرر المعاصرة، حيث تمتزج الأيديولوجيا النسوية بالعمل العسكري والسياسي، وأكدت أن الفكر الذي عمل عليه الحزب سيبقى حاضراً عند النساء الكرديات.
تُعد مشاركة المرأة في حزب العمال الكردستاني (PKK) واحدة من الظواهر الفريدة في الحركات المسلحة بالعالم، حيث لعبت النساء دوراً محورياً في النضال السياسي والعسكري للحزب منذ عقود. ويعكس هذا الحضور تحولاً في أدوار النساء في المجتمعات الكردية التقليدية، كما يبرز توجهات الحزب الفكرية تجاه المساواة والتحرر.
خلفية تاريخية
أُسِّس حزب العمال الكردستاني عام 1978 بقيادة القائد عبد الله أوجلان، وقد شهدت صفوفه انضمام النساء منذ الثمانينات، وتزايدت مشاركتهن بشكل ملحوظ خلال التسعينات، وقد تبنى الحزب منذ وقت مبكر خطاباً يُعلي من شأن المساواة بين الجنسين، ويعدُّ اضطهاد المرأة جزءاً من النظام الرأسمالي -الأبوي الذي يسعى الحزب إلى تفكيكه.
إذ شهدت ثمانينات القرن الماضي بداية التنظيم النسائي الكردي بصفوف حزب العمال الكردستاني، حيث أُسس أول تنظيم نسوي باسم “اتحاد النساء الوطنيات الكردستانيات (YJWK)” عام 1987 في أوروبا. ورغم محدودية تأثيره في البداية لضعف التجربة والاغتراب التنظيمي، إلا أن توجيهات القيادة ساهمت في رفع وعي المرأة بقضايا التحرر والهوية الوطنية، وقد شكل استشهاد المناضلة “بنفش أكال” نقطة تحول، حيث انطلقت انتفاضات جماهيرية واسعة بمشاركة النساء، تلاها انخراط واسع للمرأة في النضال السياسي والعسكري خلال التسعينات، ما عكس وعياً متزايداً وقدرة تنظيمية عالية، تجلت في عمليات نوعية كعملية نوروز في آمد عام 1990، مؤكدة أن المرأة الكردية أصبحت قوة فاعلة في مسار الثورة والتحرر.
قيادة الأيديولوجيا النسوية في PKK
لم تقتصر مشاركة النساء على المهام الجانبية أو اللوجستية في الحزب كما ذكرنا سابقاً، إذ شاركن بفعالية في الأعمال القتالية، وتقلدن مناصب قيادية بارزة، وتم إنشاء وحدات نسائية مستقلة مثل “وحدات المرأة الحرة” (YJA-Star)، وهي تمثل الذراع العسكري النسوي للحزب. بالإضافة إلى الدور العسكري، تساهم النساء في الجوانب الفكرية والسياسية والتنظيمية للحزب، وتشارك العديد منهن في المجالس والمؤتمرات، فضلاً عن إنتاج الأدبيات السياسية النسوية داخل إطار إيديولوجيا الحزب.
هذا وقد بينت الوطنية “ليلى كلو” التي تربت في كنف أسرة عرفت بانتمائها الوطني والسياسي للقضية الكردية: “إن المرأة في بداية تنظيم الحزب لم يكن لها دور كبير فيه، إلا أنها قد طورت ذاتها بفكر القائد عبد الله أوجلان وصنعت كيانها الخاص، وقد قادت ثورتها الخاصة في أجزاء كردستان، ويُعرف عن نساء الحزب الانضباط العالي والقدرة على القيادة في الميدان، في الوقت ذاته، تشغل النساء مناصب في القيادة المركزية والمجالس التنظيمية للحزب، ويشاركن في وضع الاستراتيجيات السياسية والإعلامية”.
وتابعت: “في المراحل المبكرة، شكّل الحزب رؤى تقدمية تجاه دور المرأة في الصراع السياسي والاجتماعي، وتبنى مفهوماً يُعرف بتحرر المرأة من تحرر المجتمع، وقد طوّر القائد عبد الله أوجلان ما يُعرف بالكونفدرالية الديمقراطية، والحرية الجندرية، حيث تُعدُّ المرأة ركيزة في بناء مجتمع حر وديمقراطي، وبرزت “نظرية الجنولوجيا” (علم المرأة) كتوجه فكري يطمح إلى إعادة كتابة التاريخ والمعرفة من منظور نسوي”.
فيما ترى ليلى أن مشاركة المرأة في “PKK” أثرت على الشعب الكردي، خاصة في تركيا وسوريا والعراق وإيران، حيث ظهرت نماذج نسائية قوية خارج القوالب التقليدية، وقد ساهمت هذه المشاركة في كسر العديد من المحظورات الاجتماعية المرتبطة بدور المرأة.
النساء يصنعن مساراً جديداً للتاريخ
وأشارت ليلى أن العديد من النساء تأثرن بهذا الفكر السامي، كما أنهن علمن أولادهن القضية القومية الكردية التي تبناها الحزب: “لقد انضم الكثير من أولادنا إلى الحزب، وسعوا إلى حفظ حقوق الكرد، ونحن لسنا شعباً تواقاً للحروب، فقد خسرنا الكثير من أجل الوطن ونؤمن بالسلام والعيش بحرية”. وتضيف: “لا يزول الحق ووراءه مطالب، ونحن نطالب بحقوقنا شعبا أصيلا على هذه الأرض، وقضيتنا وقضية حزبنا واحدة، وقد ناضل الحزب 52 عاماً من أجل قضيته وقضية شعبه”.
كما تطرقت إلى نتائج المؤتمر الثاني عشر للحزب: “القضية لا تموت إن كانت على حق، وقضية الشعب الكردي في داخل كل وطني محب لشعبه، ولن يتوقف نضالنا من أجل حقوقنا، وقد سلكنا طريق السلاح، لأننا لم نجد خياراً في ذلك الوقت، ولكننا شعب ما زال يسعى للسلام والحرية، وقد انتصرت إرادة الحزب وتكلل طريقه المليء بالمصاعب بالنجاح بإرادة أبنائه”.
واختتمت ليلى كلو حديثها: “نحن اليوم في مرحلة حساسة تحسم الأمور، ونتمنى أن تكون القرارات السياسية التي تصدر في هذه الفترة في مصلحة الشعب الكردي، ولن يتوقف نضالنا وخاصة النسوي سوى بنيل حقوقنا، وتحقيق مراد شهيداتنا بالحرية، وتحرير القائد عبد الله أوجلان جسدياً”.