روناهي/ قامشلو ـ “الاقتصاد النسوي من فقدان لدوره في الاقتصاد إلى قيادة الاقتصاد الكومينالي”، هذا ما أكدته عضوة لجنة اقتصاد المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، وأضافت: “بمقارنة دور المرأة قبل ثورة المرأة وبعدها، نرى إن الخطوات الصغيرة التي اتخذتها المرأة هي أعظم تقدّم، حتى تصل المرأة إلى المستوى المطلوب من التمكين”.
“الاقتصاد” هو مصطلح يوناني ويقصد به “التدبير المنزلي”، أي أنه يصف اقتصاد المنزل وطريقة حياة الأسرة وكيفية كسب عيشها، ويتم تعريف الاقتصاد على أنه تلبية الاحتياجات المادية الهامة للمجتمع، وعلى هذا الأساس بدأت المرأة بالبحث عن السبل لإعادة الاقتصاد إلى طبيعته الحقيقية، التي تقوم على الاقتصاد الجماعي. لقد مر بناء النظام الاقتصادي الجديد بمراحل عديدة، وواجه في إقامته صعوبات كثيرة، مما أدى إلى إخراجه عن شكله الأصلي، ومع ثورة روج آفا في إقليم شمال وشرق سوريا، أو بالأحرى ثورة المرأة، اتخذت المرأة الخطوة الأولى نحو تطوير الاقتصاد وفق طبيعته الحقيقية.
قبل الثورة كان دور المرأة محدوداً
قبل ثورة روج آفا في 19 تموز 2012، كان دور المرأة في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا محدوداً، النساء فقط كنَ يقمنَ بالأعمال المنزلية، ولم يسمح لهم القيام بدورهم التاريخي في المجتمع. ولكن اتحاد ستار، الذي أصبح فيما بعد مؤتمر ستار، بدأ بإنشاء جمعيات نسوية كخطوةٍ أولى نحو تطوير اقتصاد المرأة، ومن هناك بدأ بتشكيل اللجان الاقتصادية، وهي إحدى الأسس الرئيسية للكومينات، وقد شكلت هذه الخطوة الأساس الرئيسي لتمكين المرأة اقتصادياً خلال ثورة روج آفا.
تعزيز اقتصاد المرأة خطوة نحو مجتمع ديمقراطي
عقدت لجنة اقتصاد المرأة مؤتمرها الأول بتاريخ 15 حزيران 2017 في مقاطعة الجزيرة، بهدف توسيع الأنشطة الاقتصادية للمرأة. ناقش المؤتمر أهمية التنمية الاقتصادية في زمن الحرب، والمرحلة الحالية، وأهمية الاقتصاد المستقل لمواجهة الظروف التي تمر بها المنطقة، وقد تم اتخاذ العديد من القرارات في المؤتمر، وكانت جميعها ترتكز على تنمية اقتصادات المرأة.
تمكين المرأة في القطاع الاقتصادي
تأسست لجنة اقتصاد المرأة في عام 2015 وهي لجنة من لجان مؤتمر ستار. وعمل لجنة الاقتصاد هو توعية وتمكين المرأة في القطاع الاقتصادي، وكذلك فتح مشاريع خاصة للنساء بشكلٍ تعاوني. بدأ عمل لجنة اقتصاد المرأة بافتتاح المشاريع الزراعية، وفي البداية كان عدد النساء قليل، لكن مع مرور الوقت، توسعت هذه المشاريع، وأُنشئت مشاريع أخرى، وتزايد عدد النساء مع توسع المشاريع. وفي الوقت نفسه، تم إطلاق أنواع أخرى من المشاريع، مثل المشاريع التجارية والصناعية التي تم بناؤها على أساس تعاوني.
ارتباط المرأة بالأرض
أغلب مشاريع اقتصاد المرأة هي مشاريع زراعية تجد فيها المرأة ذاتها وتعبّر عن نفسها، لأن ارتباط المرأة بالأرض مستمر منذ التاريخ إلى اليوم، مثل مشروع (جيان) حيث تم زراعة 3000 شجرة، ومشروع (دم سال) حيث تم زراعة أصناف من القمح والشعير. جميع هذه المشاريع تعمل عليها النساء، وهناك أنواع أخرى من المشاريع، مثل ورشة لافين، حيث تقوم النساء بخياطة الملابس وبيعها في محلات عائدة لاقتصاد المرأة، وتوجد أيضاً تعاونيات للمخابز تعمل فيها النساء، بالإضافة إلى مشروع تعاوني للنساء لصنع مونة موسمية ويتم أيضاً بيع منتجات هذه المشاريع، ويوجد أيضاً معمل للحلويات، ومن خلال هذه المشاريع، أصبحت المرأة قادرة على إدارة نفسها.
الاقتصاد المستقل يزدهر بفضل عمل المرأة
وإلى حدٍّ ما، تم بناء اقتصاد مستقل من خلال عمل المرأة، ولكن حتى في هذا العمل المستمر، لا تزال هناك مصاعب وتحديات تواجهها المرأة، وإلى حد الآن لم يتم إيصال مفهوم التعاونيات الخاصة بالمرأة بين جميع نساء في المجتمع، لكن لجنة اقتصاد المرأة، من خلال جهودها، تسعى عبر الكومينات للوصول إلى النساء اللواتي لديهن الرغبة في تأسيس مشروع تعاوني لهن لدعم مشروعهن، وفي الوقت نفسه، هناك جهود تبذل لتطوير المزيد من المشاريع النسائية.
وقد تبين أن المرأة الآن تجد مكانها في الاقتصاد، فهي الآن تدعم نفسها وتقول: “أستطيع أن أعتني بنفسي، وأوفر احتياجات عائلتي، وأدير شؤون المنزل إلى جانب زوجي، ولدي مكان في كافة المجالات، وخاصةً المجال الاقتصادي”.
العقبات والتحديات
واجهت النساء في إقليم شمال وشرق سوريا صعوبات اقتصادية، مع تفاقم الوضع في العالم والشرق الأوسط وسوريا وخاصةً في إقليم شمال وشرق سوريا بسبب الأزمات والصراعات، فإن ذلك كان يقف عائقاً أمام تطوير المشاريع الاقتصادية النسائية، ولكن رغم كل الصعوبات والمشاق، يستمر عمل وجهود الاقتصاد النسائي المستقل، حيث يتم افتتاح مشاريع جديدة، مثل مرافق الغسيل، ومشاريع الخياطة، ومشاريع المونة.
لا تزال المرأة تواجه صعوبات في المجتمع، بسبب الذهنية الذكورية السائدة منذ آلاف السنوات والتي تقول؛ المرأة لا تستطيع العمل، المرأة لا تملك القوة للعمل، المرأة يجب أن تكون ربة منزل فقط، وتعمل بتربية الأطفال وخدمة الرجال، كل هذه عقبات كانت تقف أمام تقدم المرأة. ولهذا مهما تطورت المرأة في المشاريع الاقتصادية؛ فإن المهم للمرأة هو الوصول إلى مستوى من الخبرة. لذا؛ من الضروري توفير التدريب المهني للمرأة وتمكينها في جميع المجالات حتى تتمكن من التغلب على الصعوبات التي تواجهها، ورغم كل هذه الصعوبات، لا يزال نضال المرأة مستمراً في التغلب على العقبات.
رائدات الثورة الاقتصادية
وعن نضال لجنة اقتصاد المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، تحدثت لصحيفتنا عضوة لجنة اقتصاد المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا “أمل إبراهيم” وأشارت إلى أن الخطوات الصغيرة التي اتخذتها المرأة من بين أعظم تطورات الثورة وقالت: “قبل الثورة، لم يكن هناك دور مستقل أو عام للمرأة في المجال الاقتصادي. كان دورها يقتصر في المنزل، وحتى إذا عملت المرأة، كان يُنظر إليها فقط على أنها امرأة عاملة، دون أن يكون لها دور في العمل الذي تقوم به”.
وأضافت: “كما لم تكن هناك مشاريع تعكس لون المرأة. كان اللون الذكوري السائد دائماً في المقدمة داخل المجتمع وخارجه. لذلك، عندما نقارن دور المرأة قبل الثورة وبعدها، نرى أن الخطوات الصغيرة التي اتخذتها المرأة هي أعظم تقدم، حتى تصل المرأة إلى المستوى المطلوب من التمكين، ولكن فقط إذا تم بناء المشروع من قبل النساء وكان لهن دور، فهذا هو أعظم تقدم ضد كل من رآهن عاجزات وغير متحمسات، لأن قيمة المرأة هي قيمة المجتمع بأكمله، وإن فهم هذا هو أيضاً نضال من أجل المجتمع بأكمله”.