نوري سعيد
قبل بدء المفاوضات بين أمريكا وإيران بخصوص النووي الإيراني صرح ترامب “إذا وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود سنقوم بضرب المنشآت النووية الإيرانية” وقال أيضاً “الآتي أعظم” وكما يبدو فإن الشروط الأمريكية الجديدة في الجولة الرابعة ستأخذ طابعاً جديداً بخلاف الجولات السابقة التي كانت تتخذ طابعاً إيجابياً، ولكن ورغم ذلك لن تقوم أمريكا بذلك لأن ترامب لا يريد إشعال حرب إقليمية في الوقت الذي يطالب فيه بوقف الحروب حتى لا يحصل لأمريكا ما حصل للرئيس بوتين في أوكرانيا و يبدو أن إقالة مستشار الأمن القومي الأمريكي جاءت ضمن هذا السياق لهذا لا يجوز لإيران أن تضع نفسها في موقفٍ حرِج، فلقد صرح المرشد الأعلى الخامنئي “إذا تعرضت إيران لأي اعتداء؛ فإن الرد سيكون بضربة شديدة”، وطبعاً يقصد ضرب المواقع الأمريكية في المنطقة، وهنا نستغرب إصرار إيران امتلاك السلاح النووي من خلال تخصيب اليورانيوم، ولو كان ذلك حتى للأغراض السلمية لأن أياً من دول المنطقة لا تسعى إلى ذلك هذا من جهة ومن جهة أخرى إيران دولة فاقدة المصداقية، ومهما هي أدعت إن برنامجها هو للأغراض السلمية، لا يؤخذ ذلك على محمل الجد والمصداقية لدى الأطراف الأخرى، بدليل تدخّلاتها في شؤون أكثر من دولة، من هنا فإن الجهة المصرة على ضرب المنشآت النووية الإيرانية ستكون إسرائيل وبدعم أمريكي لأن إسرائيل تعتبر حيازة إيران على النووي يشكّل خطراً على أمنها القومي ولأن نتنياهو يدرك بأن الهجوم لن يلقى أي رد فعندما رشقت إيران إسرائيل بمئة صاروخ سقط ٩٥ صاروخ قبل الوصول إلى أهدافها، والصواريخ البالستية التي تتباهى بها إيران إذا استُخدمت ستلقى المصير نفسه من قبل إسرائيل وحليفاتها، لهذا على إيران اتباع نهج العقلنة وقبول الشروط الأمريكية. في المفاوضات حتى لو شملت تفكيك البرنامج النووي بالكامل، لأن وجود المنشآت النووية في أماكن جبلية محضة كما تدّعي إيران لن يفيدها بشيء، وكما أن مخطط إيران خطير، وإيران باتت ضعيفة بعد فقدنها لأذرعها في المنطقة، وبقاء إيران على الشكل الحالي هو أفضل من إيران منهكة ومنهارة لأن “الرمد أشوى من العمى” كما يقال، والعنتريات الخلبية لا تفيد مع الأقوياء، وغزة أكبر دليل، إذ بالرغم من تدميرها اقتصرت ردود الأفعال على الشجب، وعلى إيران أخذ العبر من ذلك قبل وقوع الفأس بالرأس، فهذا من جهة ومن جهة أخرى شعوب المنطقة ملت من الحروب وآن لها أن ترتاح وتنعم بالأمن والاستقرار، وعلى إيران الاهتمام بالداخل لأن الشعب الإيراني يعيش في حالة فقر جراء الحصار المفروض على إيران وجراء المليارات التي أنفقتها إيران في شؤون الآخرين وعلى المنظمات التابعة لها وحتى الآن تدعم الحوثيون والحشد الشعبي في العراق، وإذا استمرت إيران على هذا النهج فإنها متجهة نحو مستقبل أقل ما يقال عنه إنه كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.