م
ليلى خالد
رّ الشعب السوري بأكثر من خمسة عقود من المآسي في ظل السياسة الأحادية والإقصائية لنظام البعث والأسد البائدين، وتحديداً خلال السنوات الأربع عشرة المنصرمة، بعد أن عملت دول الهيمنة وفق أجنداتها لضرب حقيقة مطالب الشعب ونسفها من الداخل بهدف الوصول إلى تحقيق مآربها، ودفعوا بالمجتمع إلى الانقسام والتشتت، والتهجير القسري، وخلق معه فجوة كبيرة في العلاقات الاجتماعية، وتضاءلت الثقة بين الشعوب وزاد الشرخ بينهم.
مع سقوط النظام السابق في 8/12/2024، تشهد سوريا تحولات جذرية في بناء نظام جديد، فسوريا لديها موقع جغرافي هام في الشرق الأوسط، وتمتاز تاريخياً بتنوع الأعراق، والأطياف المتنوعة والمختلفة.
فالسوريون كانوا يأملون لبرهة، من سلطة دمشق الجديدة أن تضمن حقوق كل الشعوب السورية، لكن عند قراءة بنود الإعلان الدستوري، والذي يُفترض أن يكون ناظماً للعلاقة بين الوطن والمواطن، نجد أن بنوده لا تبشر بالخير، ولا تتناغم مع حقيقة ما كان يأمله السوريون، ولا تبدي أي أهمية لنضال المرأة، مع تهميش لدورها في إدارة المجتمع، وعدم التمثيل العادل بين الجنسين، ولا تتضمن مواد تصون حقوقها وتمنع من خلالها ممارسة العنف عليها، للحفاظ على الترابط الأسري والمجتمعي.
كانت للمرأة دور مهم في سوريا، وشكلت محوراً أساسياً في المقاومة والصمود، وبإرادتها الصلبة واجهت أصعب الظروف التي مرت بها البلاد من تهجير، وممارسات لا أخلاقية، ورغم ذلك دافعت عن عائلتها وأمنت لهم حاجياتهم لضمان البقاء، وعملت في كل المجالات لتعيش بكرامة، وأثبتت للنظم الحاكمة والمجتمع أنها تمتلك إرادة قوية تواجه أصعب التحديات بعزيمة وإصرار.
لذا؛ لا يمكن للمرأة قبول إنكار وجودها في المجتمع، فالمرأة السورية أثبتت جدارتها في كل المجالات المجتمعية، والسياسية، والاقتصادية، والعسكرية، لذا من حقها المشروع أن يكون لها عقد اجتماعي يضمن حقوقها ويمنحها شأناً في صنع القرار، فأي استقرار أو تطور يحتاج إلى فكر وفعالية من قبلها، لأنها تمتلك بالفطرة خاصية السلام وإرساء الأمان.
فعلى كل التنظيمات والحركات النسوية توحيد الصف النسوي بكل قدراته وطاقاته لإثبات كينونتهن ودورهن في المجتمع، والمشاركة في بناء سوريا الجديدة، وزرع ثقافة التسامح والمحبة، ودعم السلام الداخلي لإعادة ترميم العلاقة بين الشعوب عامةً، والمرأة والرجل خاصةً، فبيولوجية المرأة لا تشكل عائقاً أمام مشاركتها في أي وزارة كانت، ومن حقها الحصول على حقائب وزارية عدة، فالمادة (12) من الباب الثاني تُصدق على جميع المعاهدات والمواثيق والاتفاقات الدولية، وهنا السؤال: تُرى، ما وجهة نظر الحكومة الجديدة من اتفاقية “سيداو” وقرار مجلس الأمن (1325) في أهمية مساهمة المرأة في حل النزاعات وتحقيق الأمن والسلام؟!
تناول حقوق المرأة في الإعلان الدستوري مجحف بحقها، حيث حُصرت في المادة (20) التي تنص على أن الأسرة نواة المجتمع، وعلى الدولة حمايتها، والمادة (24) لم تتضمن أية مشاركة للمرأة في مجلس الشعب. كوني امرأة ومواطنة سورية، فمن حقي مطالبة اللجنة القائمة على صياغة بنود الإعلان الدستوري، إعادة النظر فيها وإفساح المجال أمام المرأة وكل الشعوب السورية للمشاركة في وضع بنود الدستور السوري المستقبلي، ليرتقي إلى مستوى التشاركية وتطلعات كل السوريين ونعيش حقيقة الديمقراطية بكينونة المرأة.