قامشلو/ بيريفان خليل ـ بعد مناقشة وحوارات وجهود توصلت الأحزاب الكردية، ومنظمات المجتمع المدني، وحركة المرأة والمنظمات النسائية، والفعاليات المجتمعية الكردية المستقلة من مختلف المناطق الكردية في سوريا إلى ضرورة توحيد الصف الكردي لضمان وحدة سوريا، وضمان حقوق الشعوب، في كونفرانس “وحدة الموقف والصف الكردي في روج آفايي كردستان”، فخُتم الكونفرانس بإقرار تشكيل وفد كردي مشترك للعمل على ترجمة هذه الرؤية إلى واقع سياسي.
بعد جهد وعمل متواصل فترة طويلة، انعقد كونفرانس “وحدة الموقف والصف الكردي في روج آفايي كردستان”؛ تلبية لتطلعات وآمال الشعب الكردي، في ظل الظروف التي يمر بها، لتوحيد الرؤى الكردية للأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني وغيرها، لضمان حقوق الشعب الكردي في سوريا الجديدة.
وبحضور 400 شخصية، من ممثلي الأحزاب السياسية والمؤسسات، وتنظيمات المجتمع المدني، والخاصة بالمرأة، ومشاركة وفود من باكور، وباشور كردستان، وانعقد الكونفرانس في حديقة آزادي بقامشلو يوم السبت 26 نيسان الجاري.
حضور جماهيري كبير
بعد انطلاق ثورة روج آفا (19 تموز) وما سبقها كانت هناك جهود كبيرة لتوحيد الصف الكردي، الذي واجه عراقيل كثيرة باختلاف الرؤية والموقف، وفي تشرين الأول 2019 أطلق القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي مبادرة توحيد الصف الكردي، عقب الهجوم التركي على مناطق مختلفة من إقليم شمال وشرق سوريا، واستمرت هذه الجهود، بالتواصل مع الأحزاب السياسية، في أجزاء مختلفة من كردستان، وخاصة في باشور كردستان، بزيارة حكومة إقليم كردستان وحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، الذي أثنى بدورهم على هذه الخطوة، ودعموا هذه الخطوة، وتوجت هذه الجهود بعقد كونفرانس وحدة الموقف والصف الكردي في روج آفايي كردستان “بحضور ممثلين من الاتحاد الوطني الكردستاني، وحزب المساواة وديمقراطية الشعوب، والمؤتمر القومي الكردستاني، وشخصيات كردية من مناطق سورية عدة (دمشق، وحلب، وحماة، والباب، وإعزاز)، إلى جانب حضور ممثلين من أحزاب سياسية، وتنظيمات وقوى مدنية ونسائية، وشيوخ عشائر وفنانين ومثقفين كثر.
كما شاركت العشرات من المؤسسات الإعلامية الكردستانية والعربية والأجنبية لتغطية مجريات الكونفرانس، فتم دعوة 60 مؤسسة إعلامية، وأكثر من 200 إعلامياً، للقيام بمسؤولياتهم لمتابعة اليوم التاريخي، ونقل تفاصيل الكونفرانس للرأي العام.
توحيد الصف الكردي سيحقق وحدة سوريا
وضمن الكونفرانس رُفع علم منظومة المجتمع الكردستاني، وحركة المجتمع الديمقراطي، وعلم إقليم كردستان، وعلم الاستقلال السوري، وقبل البدء ببرنامج الكونفرانس تم الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، على أنغام النشيد القومي الكردي.
ومن ثم تم دعوة أعضاء الديوان لتسيير برنامج الكونفرانس وهم كل من الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا إلهام أحمد، ورئيس المجلس الوطني الكردي في سوريا محمد إسماعيل، والرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي بروين يوسف.
ورحبت إلهام بالحضور والوفود المشاركة في كونفرانس “وحدة الموقف والصف الكردي في روج آفايي كردستان” وعدته يوماً تاريخياً للشعب الكردي في أجزاء كردستان الأخرى، وفرصة لتوحيد الأحزاب السياسية والوصول إلى رؤية مشتركة في روج آفا، بعد نضال وصل لمستوى نحدد فيه المطالب للجلوس مع سلطة دمشق، وضمان حقوق الشعب الكردي في الدستور الجديد.
وأثنت على دور الكرد في بقية أجزاء كردستان لدعم الكرد في روج آفا، لحماية المكتسبات التي تحققت بدماء الشهداء، والوصول إلى وثيقة نهائية تتضمن المطالب والبنود الرئيسية التي ستضمن حقوق الشعب الكردي في الدستور السوري الجديد.
وبدأ برنامج الكونفرانس بإلقاء كلمة للقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، حيث رحب بالمشاركين في الكونفرانس واستذكر الشهداء الذين قدموا تضحيات في سبيل حماية الشعب: “نخوض حرباً على مدار 14عاماً لحماية شعبنا والمنطقة، استشهد خلالها 13 ألف شهيد من أبناء وبنات شعبنا، نقف إجلالاً أمام تضحيات الشهداء ونتمنى الشفاء للجرحى”.
وأهدى عبدي عقد الكونفرانس للشهداء، مبيناً بأنه تم التحضير له منذ فترة طويلة، وشكر بدوره الرئاسة المشتركة لمنظومة المجتمع الكردستاني وكذلك مسعود البارزاني إضافة إلى رئيس حكومة إقليم كردستان، ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني وغيرهم ممن دعم هذه الجهود لتوحيد الصف والموقف الكردي.
وأكد عبدي، أن هذا الكونفرانس هو لتوحيد الصف الكردي، الذي سيحقق وحدة الأراضي السورية، وليس التقسيم كما يدعي البعض، مشيراً إلى أن هذه الوحدة هي قوة لسوريا، وستحمي وتصون حقوق جميع الشعوب، وبالأخص الشعب الكردي، في سوريا الديمقراطية الجديدة.
وأشاد بدور تكاتف الشعوب في شمال وشرق سوريا، من كرد وعرب، وسريان وأرمن وغيرهم، الذي ناضلوا معاً من أجل الوحدة السورية.
وأفاد بأنه ضمن الكونفرانس سيكون هناك برنامج سياسي ويناقش عليه فتم الاتفاق عليه في النهاية وتشكلت هيئة موحدة للذهاب إلى سلطة دمشق، وحماية الشعب الكردي، الذي ناضل كثيراً من أجل حماية الأراضي السورية على الرغم من أن هذا الشعب كان مهمشاً، وتم إنكاره من النظام السوري.
وفي ختام حديثه، أشار إلى أن نداء القائد عبد الله أوجلان للسلام والمجتمع الديمقراطي كان له تأثير على التقدم في روج آفا، وتحقيق السلام ووقف إطلاق النار، مؤكداً دعمهم لهذا النداء والقيام ما بوسعهم لتحقيقه، مستبشراً، بأن كونفرانس “وحدة الموقف والصف الكردي في روج آفايي كردستان”، خطوة نحو عقد كونفرانس وطني جامع لأجزاء كردستان الأربعة.
حل القضية الكردية سيرسم مستقبل سوريا
وبعدها قرأ حميد دربندي مسؤول الملف السوري في ديوان رئاسة إقليم كردستان، رسالة مسعود البرزاني، ولفت إلى أن انعقاد هذا الكونفرانس مهم لتوحيد الصف الكردي والموقف الكردي لحل القضية الكردية في المنطقة، لرسم مستقبل سوريا، وشكر بدوره القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، وأفاد بأن التغييرات في سوريا فرصة للشعب الكردي، ومسؤولية تاريخية لتحقيق تطلعاته، في بناء سوريا ديمقراطية، موضحاً بأن توحيد الصف الكردي أساس حل القضية الكردية في سوريا، وتشكيل وفد للذهاب إلى دمشق، خطوة ضرورية لبناء مستقبل للشعب الكردي وخاصة العملية السياسية.
ومن ثم قرأت عضوة هيئة الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي، فوزة يوسف رسالة منظومة المجتمع الكردستاني، باركت تنظيم الكونفرانس القائد عبد الله أوجلان، وقوات الدفاع الشعب وعدته عملاً تاريخياً، مشيرة إلى ثورة كردستان، ثورة روج آفا التي انطلقت في تموز 2012، بوجه النظام البعثي ومرتزقة داعش، وتركيا ومرتزقتها.
وجاء في الرسالة: “فكر القائد عبد الله أوجلان، حقق للشعب المرتبط بفكر القائد مكتسبات عظيمة”، موضحة، أن “القائد على مدار 26 عاماً يناضل في إمرالي، من أجل انتصار هذه الثورة”.
ولفتت إلى نداء القائد عبد الله أوجلان من أجل السلام والديمقراطية وكيف قابل أبناء روج آفا هذا النداء وعدوها، نداء الوحدة الكردستانية، لحماية مكتسبات الشعب الكردي، وبأن الثورة ليس لتحقيق الديمقراطية في سوريا فقط، بل في الشرق الأوسط كافة.
وتضمنت الرسالة أيضاً، أنهم على ثقة بأن توحيد الصف الكردي ضمان نيل حقوق الكرد في مستقبل سوريا، مؤكدة على مساندة ودعم النضال حتى تحقيق النصر المنشود، وكما قال القائد عبد الله أوجلان “حان وقت الحرية”.
مرة أخرى يتوحد الكرد في روج آفا
ومن ثم ألقيت كلمة باسم المؤتمر الوطني الكردستاني قدم الشكر للجنة التحضيرية لعقد هذا الكونفرانس، لتحقيق الوحدة والموقف الكردي، تمنى فيها الموفقية للأحزاب السورية في النضال من أجل حماية حقوق الشعب الكردي في دستور سوريا تعددية، وحماية حقوق الشعوب السورية.
وتلتها كلمة باسم حزب المساواة والديمقراطية للشعوب، كسكين بايندر، وفيها لفت إلى الجهود التي يبذلونها لإيصال نداء القائد عبد الله أوجلان إلى العالم أجمع، ووصفوه بالنداء التاريخي، وأنهم نقلوا رؤية من التقوا بهم إلى القائد عبد الله أوجلان.
وأفاد، أن الكرد في الشرق الأوسط اليوم أصحاب قرار وبإصرارهم يقودون مسيرة الحرية والسلام في العالم أجمع، مؤكداً بأن أساسها توحيد الكرد وكردستان، وتمنى أن يكون هذا الكونفرانس أساس تحقيق الوحدة الكردية في الشرق الأوسط والعالم، وفي نهاية كلمته أوصل السلام من أبناء باكور كردستان إلى المشاركين في الكونفرانس.
وألقيت كلمة أيضا باسم المؤتمر الوطني الكردستاني، جاء فيها: إن الكونفرانس انعقد بوقت تاريخي وهذا سيكون له تأثير على جميع أجزاء كردستان وليس فقط على روج آفا، وبأن هناك جهوداً كبيرة بذلك لتحقيق تطلعات الشعب الكردي، واستشهد بمقاومة كوباني، بأنه مثلما توحد الكرد في روج آفا لدى مقاومة كوباني 2014 اليوم يتوحدون في كونفرانس “وحدة الموقف والصف الكردي في روج آفايي كردستان”، وجاء في الكلمة، بأن “اليوم الشعب الكردي أصحاب مشروع ديمقراطي”، وبأن “هذا الكونفرانس نتاج نضال طويل الأمد”، مشددة على أن حل أي اختلاف سياسي يُحل بالنقاش مثلما حصل اليوم لعقد الكونفرانس.
ضرورة ترجمة الرؤية إلى واقع سياسي
وبعد الانتهاء من إلقاء الكلمات أصبح الحوار مغلقاً، لمناقشة وثيقة التفاهم بين القوى والأحزاب والتنظيمات الكردية.
وفي نهاية الكونفرانس “وحدة الصف والموقف الكردي في روج آفايي كردستان” قرِئ البيان الختامي، وجاء فيه: “انعقد كونفرانس وحدة الموقف والصف الكردي في روج آفاي كردستان بتاريخ 26/4/2025 في مدينة (قامشلو) بعد حوارات مكثفة وجهود مشكورة من الأصدقاء والأشقاء، بمشاركة الأحزاب الكردية، ومنظمات المجتمع المدني، وحركة المرأة والمنظمات النسائية والفعاليات المجتمعية الكردية المستقلة من مختلف المناطق الكردية في سوريا، بهدف اعتماد رؤية كردية موحّدة حول بناء سوريا الجديدة، والمشاركة في رسم مستقبلها وحلّ القضية الكردية فيها، ذلك في هذه المرحلة الهامة من تاريخ سوريا، بعدما تم إسقاط نظام الاستبداد في دمشق في الثامن من كانون الاول لعام ٢٠٢٤، هذا النظام الذي استباح حرية وكرامة الشعب السوري بكل مكوناته القومية والدينية والمجتمعية، ودمر البلاد على كامل الجغرافيا السورية، وقتل وشرد وهجر الملايين من أبنائه، وبقدر ما قدم الشعب السوري من تضحيات لإسقاطه وإنهاء استبداده، وتحقيق حريته وكرامته، كما أن الشعب الكردي في سوريا لم يبخل أيضا في تقديم التضحيات الجسام وآلاف الشهداء في مقارعة ذلك النظام، وناضل عقودا طويلة في سبيل إزالة الاضطهاد القومي عن كاهله وتحقيق حقوقه القومية، وربط دوما نضاله القومي بنضاله الوطني للإتيان بنظام ديمقراطي تعددي لكل السوريين.
وانطلاقا من المسؤولية التاريخية واستجابة لمتطلبات المرحلة الراهنة فقد تمت صياغة رؤية سياسية كردية مشتركة تعبر عن إرادة جماعية ومشروعا واقعيا لحل عادل للقضية الكردية في سوريا كدولة ديمقراطية لامركزية.
وقد أقرّ المشاركون الرؤية الكردية المشتركة التي قدمت الى الكونفرانس، باعتبارها وثيقة تأسيسية تعبّر عن إرادة جماعية، وتقدّم مقاربة واقعية لحلّ عادل وشامل للقضية الكردية في إطار سوريا موحّدة، بهويتها المتعددة القوميات والأديان والثقافات، ويضمن دستورها الحقوق القومية للشعب الكردي، ويلتزم بالمواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان ويصون حرية المرأة وحقوقها ويمكنها من المشاركة الفاعلة في كافة المؤسسات.
وبإقرار الكونفرانس هذه الرؤية الكردية المشتركة؛ فإنه يدعو إلى اعتمادها أساساً للحوار الوطني، سواء بين القوى السياسية الكردية ذاتها، أو بينها وبين الإدارة الجديدة في دمشق وسائر القوى الوطنية السورية، وتساهم في بناء سوريا جديدة، تتّسع لجميع أبنائها، دون إقصاء أو تهميش لأي مكون من مكوناتها، بعيدا عن الذهنية الأحادية تفكيرا وممارسة، وتصون كرامتهم وحقوقهم دستوريا دون أي شكل من أشكال التمييز، وأن تحترم سوريا علاقاتها الإقليمية والدولية، وتكون عامل استقرار وأمان في المنطقة.
وفي الختام قرر الكونفرانس تشكيل وفد كردي مشترك في أقرب وقت للعمل على ترجمة هذه الرؤية إلى واقع سياسي، والتواصل والحوار مع الأطراف المعنية لتحقيق مضامينها”