روناهي/ دير الزور ـ في قلب الحياة النابض، وسط دوامة التحديات والصعاب، تتجلى قصص نجاحٍ استثنائية تُلهم النفوس وتُثري المجتمع، إنها حكايات لأفرادٍ رفضوا الاستسلام لقيود الواقع، ليحولوا التحديات إلى فُرصٍ ذهبية، يُسطروا من خلالها قصصًا تُخلد في الذاكرة، وتُصبح منارةً يهتدي بها الآخرون في رحلتهم نحو النجاح، وقصة “غسان السيف” خير مثال.
لا تكمن قيمة القصص في النجاح الذي حققه أبطالها فقط، بل في الرحلة المُلهمة التي خاضوها، وفي الدروس القيّمة التي استخلصوها من تجاربهم، فهي تُشكل نافذةً أملٍ تُطل على إمكانات الإنسان الكامنة، وتُؤكد قدرته على تجاوز الصعاب مهما بلغت شدّتها.
فهؤلاء الأبطال لم يولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب، بل شقّوا طريقهم بصبرٍ ومثابرةٍ، مُتسلحين بإرادةٍ فولاذيةٍ وعزيمةٍ لا تلين، لقد تعلموا من كبواتهم، واستمدوا قوتهم من ضعفهم، ليُثبتوا للعالم أن النجاح ليس وليد الظروف المُيسّرة، بل هو نتاجٌ للعمل الجادّ والصبر على مُكابدة المشقّات.
قصة نجاح
وفي قرية الصعوة بريف دير الزور، تتجلى قصة نجاحٍ مُلهمةٍ لشابٍ تحدى الظروف الصعبة، وحوّل قسوة الحياة إلى دافعٍ للتميز والإبداع، إنه “غسان السيف”، فني صيانة الأجهزة الإلكترونية، الذي انطلق من مُعاناةٍ شخصيةٍ ليُصبح أحد أبرز المُتخصصين في مجاله.
وبدأت قصة السيف، في عام 2014، حين أجبرته الظروف القاهرة على ترك دراسته في سن الخامسة عشرة، والالتحاق بوالده لتعلم مهنةٍ تُعينه على مواجهة تحديات الحياة، ولم تكن رحلة تعلم المهنة سهلةً، فقد اتسمت بقسوةٍ بالغةٍ من والده، الذي كان يُعاقبه بالضرب على أي خطأٍ يرتكبه أثناء تفكيك وتركيب الأجهزة، حيث قال “غسان السيف” خلال لقاء مع صحيفتنا “روناهي”: “كان والدي قاسياً جداً، ولكني اليوم أدركت أن قسوته هي التي صقلت موهبتي، وجعلتني أُتقن هذه المهنة بمهارة”.
وفي عام 2017، وعقب الكثير من العمل المُضني تحت إشراف والده، قرر السيف الانطلاق بمفرده، فافتتح متجراً خاصاً به، مُستفيداً من الخبرة التي اكتسبها، وسرعان ما ذاع صيته في المنطقة، وبدأ زبائنه يتوافدون من مناطقَ بعيدةٍ، بفضل مهارته العالية ودقته في العمل.
حيث أشار السيف، إلى أن أغلب الأجهزة الالكترونية التي يقوم بإصلاحها هي أجهزة الطاقة الشمسية.
مُضيفاً، أن خبرته مكّنته من إصلاح مُختلف الأعطال، حتى تلك التي كانت تُرسل سابقاً إلى خبراء في الالكترونيات في مقاطعة الرقة لإصلاحها.
وفي ختام حديثه، وجه “غسان السيف” نصيحةً قيّمةً للشباب: “أنصح كل شابٍ في بداية حياته أن يتعلم مهنةً إلى جانب دراسته، ليكون له بصمةٌ في المُجتمع، وليكون قادراً على الاعتماد على نفسه”.
يشار، أن قصة “غسان السيف”، هي قصة كفاحٍ وإصرارٍ، تُبرهن على أن الطموح والإرادة القوية كفيلان بتحويل التحديات إلى فُرصٍ للنجاح، وكتابة قصصٍ مُلهمةٍ تُثري حياة المُجتمع.