عن دار «أقلام عربية» بالقاهرة، صدرت طبعة جديدة من رواية «وداعاً للسلاح»، ترجمة مراد الزمر، التي تعدّ من أشهر ما كتبه الأديب الأميركي الشهير إرنست همنغواي «1899-1961»، وتدور أحداثها في إيطاليا خلال الحرب العالمية الأولى، بطلها ملازم أميركي شاب يدعى «فريدريك هنري» يعمل في مجال الإسعاف والإنقاذ لحساب أحد المستشفيات الميدانية.
ويمكن القول: إن الرسالة الرئيسية التي تحملها الرواية هي صرخة احتجاج ضد فظائع وويلات الحروب عموماً، أما الحدث الدرامي الرئيسي فيتمثل في علاقة حب رومانسية، تنشأ بين ممرضة إيطالية حسناء تدعى «كاترين باركلي» وفريدريك الذي أصيب في إحدى المعارك إصابة بالغة، وهو يؤدي عمله بنقل الجنود المصابين. وبالرغم من أن هذه الإصابة كادت تودي بحياته، فإنه عدّها فرصة ثمينة، إذ جمعته بكاترين التي اعتنت به عناية خاصة على نحو جعله يهيم بها حباً إلا أن هذا العشق الذي صادفه على غير ميعاد لم ينسه الحرب وويلاتها، فقد ظل يتساءل بينه وبين نفسه: أين ذهبت الإنسانية؟ فيما يرى ويلات الحرب وبشاعتها يومياً خلال عمله. ظل السؤال يلاحقه، حتى بات على يقين بأن الحرب، أي حرب، وحشية بطبيعتها ولا يمكن تبريرها على الإطلاق.
ومن أجواء الرواية نقرأ: «في أخريات صيف هذا العام، أقمنا في منزل في قرية تطل على النهر والسهل الممتد إلى الجبل، وقد امتلأ حوض النهر بالحصى والحجارة التي كانت تبدو جافة بيضاء تحت أشعة الشمس، وكانت المياه صافية سريعة الانحدار، وإن بدت زرقاء خلال القنوات. وكانت الفرق العسكرية تمر إلى جانب البيت صاعدة في الطريق، وتثير في مسيرها غباراً يتراكم فوق أوراق الأشجار. وفي ذلك العام تساقطت أوراق الأشجار قبل أوانها، وكنا طيلة الوقت نرى الفرق تقطع الطريق، والأتربة تتصاعد، وأوراق الأشجار يعبث بها النسيم فتسقط، والجنود لا تكف عن المسير، ثم لا يلبث الطريق أن يصبح أبيض اللون خاوياً من كل شيء إلا من أوراق الأشجار.
كان السهل غنياً بالمحاصيل، به حدائق كثيرة، فيها فاكهة، وخلفه ربضت جبال داكنة اللون جرداء، كان يدور فيها القتال. واستطعنا أن نرى في أثناء الليل وميض نيران المدافع، الذي كان يبدو في حلكة الظلام كأنه بروق الصيف، إلا أن الأمسيات كانت باردة، ولم يخالجنا شعور بأن عاصفة ستهبّ.
وأحياناً يخيم الظلام ونسمع وقع أقدام الجنود، وهي تسير تحت النافذة والمدافع تجرها السيارات الكبيرة، الحركة دائبة وعدد كبير من البغال يسير في الطرقات يحمل صناديق معبأة بالعتاد الحربي، مدلاة على جوانبها، وسيارات حربية رمادية اللون تحمل الرجال، وأخرى تحمل أثقالاً مغطاة تسير في القافلة أكثر بطئاً وتهادياً. رأينا كذلك المدافع الضخمة أثناء النهار، تسحبها الجرارات وقد وضعت على فوهاتها الطوال أغصان خضر، أما الجرارات نفسها فقد كُسيت بغصون مورقة خضراء وأعواد الكروم».
وكالات