قامشلو/ سلافا عثمان – في مدينة تتنفس الفن كأنه ضرورة، لا ترفًاً، في قلب مشهد ثقافي يتنامى بصمت لكن بثبات، خطّت الفنانة التشكيلية “شيندا عيسى “حضورها الأول في مهرجان “أدب وفن المرأة” الذي انطلقت فعالياته في السابع عشر من نيسان.
تُعد هذه المشاركة الأولى لشيندا في مهرجان “أدب وفن المرأة”، بعد خوضها تجربتين في معارض تشكيلية عام 2024، وقد اختارت هذا العام أن تعرض عملين فنيين يعكسان جانبين متكاملين من رؤيتها للمرأة، التحول الداخلي، ومكانة الرمز الثقافي في صياغة الهوية.
مرآة الداخل… والجرح الذي يُشفى
اختارت الرسامة “شيندا عيسى” من مدينة قامشلو في لوحتها الأولى بورتريه تعبيري بالألوان الزيتية، التي تمثل فيها امرأة قوية، وشجاعة، وجميلة استطاعت أن تجد نفسها حين واجهت الظلام الذي في داخلها: “المرآة في لوحتي ليست مرآة زجاجية، بل تمثّل روحها الصافية النقية، الجروح التي على يدها ترمز إلى التحديات والمشاكل والآلام التي مرت بها في حياتها”.
وأكدت أن هذه المرأة لم تنهزم، بل نظرت إلى ذاتها بعين الرحمة، فاستطاعت أن تداوي جراحها بنفسها: “هي امرأة شجاعة، وقوية، مثل الشرنقة التي تحوّلت إلى فراشة جميلة، الفراشة هنا رمز للتغيير في الفن، رمزٌ للتحول والانبعاث من جديد”.
كما أوضحت شيندا أن الهالة الذهبية التي تعلو رأس المرأة في اللوحة تمثل غنى روحها، وتعبّر عن الإنجاز الداخلي الذي صنعته بنفسها، دون أن يُمنح لها من أحد.
الرمان… قداسة الرمز وخلود المعنى
وفي اللوحة الثانية، دخلت شيندا عالم الرمزية الدينية والثقافية، مستلهمة فكرة العمل من تقرير تحدّث عن قدسية ثمرة الرمان في الديانة اليارسانيّة، وعدد من الحضارات القديمة: “الرمان فاكهة مقدسة عند اليارسانيين منذ آلاف السنين، ولا تزال كذلك حتى اليوم، تُستخدم في اجتماعاتهم الدينية بعد أداء مراسمهم الخاصة، وهي تحمل دلالة روحية عميقة”.
وبيّنت أنها أرادت إبراز هذه القدسية من خلال وضع تاج ذهبي على ثمرة الرمان، في إشارة إلى الفكرة التي تقول، إن التاج الملكي مستوحى من شكل هذه الثمرة: “الرمان لم يكن رمزا عادياً، في حضارات مثل السومريين، كان يُقدّم للإلهة إنانا لرمزيته المرتبطة بالخصوبة، وكان مقدّساً أيضاً عند الآشوريين، وورد في الميثولوجيا اليونانية والرومانية، وحتى في الصين القديمة، أما في الديانة اليهودية، فذكر في التوراة، ويرمز إلى إحدى الوصايا، وفي الفن المسيحي، يمثل البعث من جديد والحياة الأبدية”.
واختتمت الرسامة “شيندا عيسى” حديثها بالتأكيد على أن هذه المشاركة ليست فقط تجربة فنية، بل لحظة مواجهة، وتعبير صادق عن الذات والهوية: “الفن ليس ترفاً، بل وسيلة لفهم الحياة، ومكان للمرأة كي ترى نفسها من جديد، وتُعيد تشكيل حضورها بوعيٍ وجمال”.
بين لوحتين واحدة تتأمل في الداخل، وأخرى تحفر في الذاكرة الجماعية، استطاعت شيندا عيسى أن تضع بصمتها الأولى في مهرجان “أدب وفن المرأة”، بصوت بصريّ واضح، مفعم بالمعنى والرمز.