تعمل غالبية الصيدليات في قطاع غزة، إما من خيام تم نصبها على الطريق العام بعد أن انتشلت من تحت الركام بعض أنواع العلاجات الناجية من حرق نيران الصواريخ، أو بعد ترميم أجزاء منها إن أمكن.
على أنقاض صيدليتها المدمرة والتي أحرقتها القوات الإسرائيلية بعد إتلاف محتوياتها بالكامل، تحاول الصيدلانية “مها المغاري”، العمل من جديد، لتقديم بعض الخدمات التي كانت تمنحها للمرضى من جهة، ومساعدة نفسها من جهة أخرى على النهوض من جديد بصيدلية مركزية تقدم خدماتها لثلاثة أحياء رئيسية في قطاع غزة.
مها المغاري كانت نازحة في جنوب قطاع غزة، عندما جاءها خبر تدمير صيدليتها في الشمال، وقد ظنت في البداية أنه تلف يمكن ترميمه لكنها صدمت عندما شاهدت سقوط الجدران.
وأوضحت أن القوات الإسرائيلية “تعمدت إحراق صيدليات القطاع” خاصة المركزية منها لمنع أهالي غزة من العلاج، وإتلاف المكان بأثاثه وإمكاناته التي يعتمد عليها الطبيب في عمله، خاصة الغرف الخاصة بإعطاء الحقن، وأجهزة قياس الضغط والسكر والوزن وغيرها، والأدوية التي تمثل علاج الأمراض تحديداً المزمنة منها والتي يحتاجها المريض بشكل دوري.
وتعمل غالبية الصيدليات في القطاع، إما من خيام قد نُصبت على الطريق العام بعد أن انتشلت من تحت الركام بعض أنواع العلاجات الناجية من حرق نيران الصواريخ، أو بعد الترميم كما فعلت هي، فقد نقلت جزءاً من أثاث منزلها ونصبتها على الجداران المتهالكة لتضع عليها كميات قليلة جداً من الأدوية التي استطاعت توفيرها في المدينة المحاصرة.
ولفتت إلى أن أكثر الفئات المتضررة من نقص الأدوية في قطاع غزة النساء الحوامل، وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، والجرحى، مشددة على أن هناك أدوية مهمة كدواء مرض الضغط والسكر الذي يترتب على نقصانه أزمات قلبية ستؤدي على المدى البعيد للوفاة، وكذلك الأمر لأدوية الأطفال والحروق والأمراض الجلدية بشكل عام والتي باتت تظهر أنواع عدة منها فقط بعد الحرب في غزة.
وترجح أن السبب وراء ظهور الكثير من الأمراض هو انعدام التغذية السليمة والاعتماد على المعلبات والنقص الحاد في المياه، وعدم قدرة الفرد في قطاع غزة الحفاظ على نظافته الشخصية إما بسبب الغلاء الحاد في أسعار المنظفات أو انعدامها من الأسواق في فترات معينة، وقد فاقمت تلك الحالة انعدام المكملات الغذائية التي كانت تقي المريض من تدهور حالته الصحية.
وتعود مها المغاري، للحديث أن الضرر في صيدلية التقوى كان كبير جداً، فهي نقطة مركزية تغذي أحياء النصر والشيخ رضوان والجلاء، وتعرف تلك المناطق بكثافتها السكانية العالية واكتظاظ المواطنين هناك، إضافة إلى زبائنها من الأحياء السكنية الأخرى التي تعتمد عليها، بالتالي إن إغلاقها مع وقوعها في ذلك المكان الاستراتيجي سيترتب عليه ضرر كبير للسكان.
وأوضحت، أن صيدلية “التقوى” كانت تستورد كميات ضخمة من الأدوية تغطي احتياجات سكان القطاع، أما الآن تتعامل مع عدد محدود من الموردين، خاصة مع ارتفاع الأسعار والوضع المادي السيء للمواطنين الذين هم بحاجة للعلاج لكنهم لا يستطيعون شراءه.
وفي ختام حديثها بينت “مها المغاري”، أنه من الصعب عليها العمل في ظل الوضع الحالي خاصة أن صيدلية التقوى كانت مكاناً معروفاً لبيع أنواع الأدوية، التي يصعب الحصول عليها بباقي الصيدليات، الآن يدخل المريض للمكان ولا يجد غالبية أنواع العلاجات المطلوبة، لكنها مازالت تحاول، متمنية من الأطباء أن يستمروا في تقديم الخدمات الطبية للمرضى للنجاة بأكبر عدد من الأرواح الممكنة خلال الحرب.